ليالي رمضانية حزينة , تلك الليالي التي قتل بها أمير المؤمنين عليا(عليه و على اله السلام), حيث تجرئ عليه عبدالرحمن بن ملجم المرادي, وضربه بسيفه المسموم على راسه, وهو في المحراب يصلي في يوم التاسع عشر من رمضان المبارك.
كثير من الأحيان يتم تناول هذه الحادثة من جانب عاطفي، من خلال تصوير المشهد، بأن هناك شخص يبغض الأمام فقتله، أو ان سبب القتل ثائرا او تعصب لجهة معينة على حساب جهة أخرى، لكن الحقيقة هي أكبر من ذلك بكثير.
لذلك نود ان نطرح عدة تساؤلات، من قتل علي هل هو عبد الرحمن، ام الخوارج، او غيرهم؟ متى قتل هل في ليلة التاسع عشر من رمضان ام قبل ذلك؟ متى تقرر قتلة؟ لماذا لم يقتلوه عندما نام في فراش الرسول الكريم (محمد) (صلى الله عليه واله وسلم) اول البعثة؟ هل فعلا خافوا ان يقتلوه؟ إذا كان كذلك لما لم يخافوا من قتل الرسول الكريم؟
كل سؤال من هذه الأسئلة هو أكبر من ان يستوعبه مقال واحد؛ بل يحتاج الى بحث موسع، لكي نستطيع ان نستوعب حقيقة ما جرى، من تاريخ نزول الوحي على النبي الاكرم (صلوات الله عليه وعلى أله وسلم) ولغاية استشهاد الأمام في الحادي والعشرون من رمضان، لذلك نحاول اختصار ما جرى بالقول
ان ما حصل هو محاولة قتل مشروع الرسالة الذي اتمه الرسول في بيعة غدير خم، على ان يكمله أمير المؤمنين بعد وفاة الرسول، لكن التخطيط لهذا الحدث لم يكن وليد اللحظة، او منحصر بالخوارج ومن يمثلهم كعبدالرحمن، انما تهيئة الفرصة المناسبة، لفعل لم يستطيع من سبقه ان ينفذه، لأسباب عدة, ربما يكون من ابرزها هو عدم استيعاب المجتمع في ذلك الوقت لشخصية كأمير المؤمنين, بالرغم من ادعاء البعض التدين, لذلك نجد الأمير خلال فترة توليه إدارة أمور البلاد, كان منشغل في ترتيب البيت الداخلي للإسلام, ومعالجة الانحرافات الحاصلة في المجتمع المسلم, بعد وفاة الرسول, لذلك كان كلما خرج من فتنة دخل بأخرى, وهذا ربما احد الأسباب التي جعلت منه يولي بعض الأشخاص الذين توجد عليهم مؤشرات مثل زياد ابن ابيه.
اذن الامر أكبر من قتل شخص بعينه، وان من قتل عليا هم الناس غير المخلصين الذين كانوا من حول الامام
ان حاولنا النظر الى الاحداث بصورة واقعية, ما علينا سوى النظر الى العراق منذ تغير النظام, ولغاية يومنا هذا, سنجد كثير من الاحداث التي كان يعيشها الامام, اليوم يعيشها المصلح, فالجميع يدعي التدين, والأغلب الأعم لا يستمع ولا يستفاد من وجود المصلح, ولا يأخذ بالنصائح والتوجيهات التي يحاول ان يعطيها للمجتمع, وفي نفس الوقت محاولة تحميله كل الفشل الذي يحصل للامة العراقية, الجميع يقول ويردد نعم نعم للمرجعية, لكن يكونوا قله قليلة من المجتمع من يصغي ويطبق ما يطلب منه, بالرغم من كون المصلح هو يمثل امتداد الرسالة, التي اتى بها الرسول الكريم, وحملها وأتمها امير المؤمنين وال بيته الكرام, وسار عليها وحفظها مراجعنا الكرام
أكثر من 1400 سنة عمر المشروع المحمدي، وسيستمر الى ان يتم الله امره، لذلك خشيتنا ليس على المشروع فقط، انما كل الخشية على أنفسنا، خوفا من فقدان البوصلة.