حلقة "اللواط" التي بثتها فضائية معًا وحملت شعارها، موضوع مشين، ومخزي، ويتطلب منا جميعا الوقوف في وجه صاحب الفكرة والقناة التي روجت لها، وإن سارعت إلى النفي وتحميل المسؤولية كاملة لفريق العمل، إلا أن المسؤولية الأخلاقية والمهنية تلاحقها، وتدينها، ولعدة أسباب، أبرزها أن فضائية معا قامت بإنتاج حلقات برنامج الكاميرا الخفية الذي يحمل اسم، "أوت فوكس"، وبثتها منذ بداية الشهر الفضيل.
والسبب الآخر ولعله يطرح عدة تساؤلات مهمة، أبرزها لماذا قامت الفضائية ببث الحلقة أو سمحت لفريق العمل، بوضع "لوغو" القناة عليها، وتزامن نشرها مع خروج قرابة 250 ألف اسرائيلي في أهم المدن التي احتلتها اسرائيل، "تل أبيب" مطالبين بحرية "الشواذ".. لا أسمح بأن يقول صدفة .. ولا يتحفني بمبرراته...!!.
القضية لها أبعاد سياسية، فليس من شأن فريق العمل أن يكلف نفسه بإنتاج حلقة دون الرجوع إلى القناة التي تبثها، وتمنحه الموافقة عليها، "عرف دارج في العمل الإعلامي"، وإلا من يتحمل التكاليف والمصاريف؟.
الأهم في الموضوع، جميعنا يعلم المشاريع الأوروبية المسيسة والموجهة، وشبكة معا الاخبارية التي تضم عدة مؤسسات بينها الوكالة والفضائية، مشروع أوروبي بحت، مغموس بالفكر التحرري الذي يتنافى مع عادات وتقاليد مجتمعنا المحافظ، فضلا عن تاريخه النضالي المشهود له في كل بقاع الأرض، فإن أجبركم التمويل على بث "الرذيلة" والاستخفاف بعقول الناس، والترويج لـ"اللواط" فالمجتمع يلفظكم كما أنتم ولن يرحمكم التاريخ.
أعود في مقالي إلى صديقي وزميلي ناصر اللحام الذي يرأس تحرير الفضائية والموقع ويشرف على كل صغيرة وكبيرة في الشبكة الإعلامية التي كانت حتى نشر "الفيديو" موقرة، وانقلبت بعده للترويج إلى أفكار رفضتها كل المجتمعات، بما فيها الأوروبية والأميركية والاسيوية والافريقية، وتتنافى مع كل القيم والمبادئ الأخلاقية والانسانية، هل يعقل أن تنشر القناة مثل هذا الفيديو، أو يبث بـ"اللوغو" الخاص بكم على مواقع التواصل الاجتماعي، دون علمكم... لا يا صديقي.. قد تستطيع أن تستغفل البعض ببيانك، ولكن كوننا زملاء في المهنة، ونعلم جيدًا أن لا شيء يمر دون موافقة ادارة التحرير عليه، وخصوصا على عمل يحمل اسم القناة والشعار الخاص بها، فأنت تتحمل المسؤولية الأخلاقية والمهنية كاملة عما حدث.
حاولت مرارًا وتكرارًا أن تستغل عطف أهل غزة، وأنت تعلم مراهنتك عليهم أكثر من كل المدن الفلسطينية، فغزة فيها بدأ التاريخ والنضال، والمروءة والفروسية، غزة فيها العزة والكرامة، غزة فيها الشموخ والكبرياء والإباء، غزة فيها أول الرصاصة وأول حجر، غزة التي كانت ولازالت عصية ع جميع الغزاة عبر مراحل التاريخ المختلفة، غزة بوابة آسيا إلى أفريقيا والعكس، غزة الجمال والبحر، غزة الشهداء والجرحى والأسرى، غزة التاريخ النضالي المشرف، غزة التي تقود الحروب وتسطر أروع الملاحم البطولية، وتحتضن مسيرات العودة.
زميلي العزيز يجب أن تعلم جيدًا أن انطلاقتك الحقيقية بدأت من غزة، وعرفك الجمهور من غزة، وكالتك وقناتك مصدر شهرتهم غزة، .. غزة خاصرة الوطن الجريحة، أما فكرت ألف مرة قبل أن تحاول تلويثها بأفكارك..!؟
أما سألت نفسك ألف مرة قبل أن تحاول غرس خنجرك في خاصرتها، لصالح جهات مشبوهة، لتروج إلى أفكار هدامة هدفها النيل من المجتمعات المحافظة، وبرجع وبقول.. هل تزامن صدفة نشر الفيديو والترويج لـ"اللواط" فيه مع مسيرة الشواذ الكبرى في أهم المدن المحتلة يافا، والتي تطلق عليها السلطة القائمة بأمر الإحتلال "تل أبيب".
هل أعجبتك اشادة السفير الأميركي في دولة الاحتلال، بالمسير "الشاذ" الذي خرج ظهر اليوم وطاف شوارع "تل ابيب"، مطالبين بالسماح لهم بـ"اللواط" وفق تشريع خاص بهم.
اود أن أذكرك أن فكرة برامج الكاميرا الخفية، هادفة بالدرجة الأولى، ويتطلع منفذوها قبل إسعاد الآخرين إلى تصويل رسائل هامة جدا بطريقة فكاهية، تكون الأقرب إلى الوصول إلى قلوب المشاهدين، فهل كان مهما أن تعرض لهم حلقة ترويج لـ"اللواط"، وتصور للعالم أجمع غزة على أنها "قوم لوط"، في الوقت التي تتكاتف فيها كل الجهود، رغم الفقر والجوع والألم لقيادة مسيرات العودة، التي شكلت حلم لأكثر من 6 مليون لاجئ فلسطيني مشتتين في كل دول العالم.
بعد نشر الفيديو كيف يروق لأي مواطن عربي حر وشريف أن يفتح التلفزيون على القناة، وبجواره تجلس عائلته وحبيه، ماذا يقول لهم، هل يتركهم فريسة لأفكار هدامة، حاربتها كل الشرائع السماوية وأغلب القوانين الوضعية، هل يُبرّر لهم ما قمتم بإنتاجه، وعرضه، بالأسلوب الرخيص الذي ظهر به بطل البرنامج.؟
كفى تلاعب بمشاعر الناس وتشويه صورة 2 مليون مناضل يعانون أقسى حصار خانق مر في التاريخ، من محتل لا يرحم، يتقاسمون لقمة العيش من أجل الصمود والثبات، في وجه الإحتلال، من أجل عزة وكرامة الوطن، من أجل حرية الرأي والتعبير، المكفولة بالحقوق والواجبات والتي لا تخرج عن نطاق العادات والتقاليد التي تربى عليها أفراد مجتمعنا العريق.
وأخيرا لك زميلي ناصر.. مصلحة الوطن فوق كل الاعتبارات.. والمصالح .. والمشاريع التصفوية.. وأبرزها "صفقة القرن"..!!
بقلم/ اياد العبادلة