جاء في سراج الملوك لأبي بكر الطرطوشي: وقال عبيدة السلماني لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: يا أمير المؤمنين ما بال أبي بكر وعمر إنطاع الناس لهما ، والدنيا عليهما أضيق من شبر فاتسعت عليهما ووليت أنت وعثمان الخلافة ولم ينطاعوا لكما ، وقد اتسعت فصارت عليكما أضيق من شبر؟ فقال : لأن رعية أبي بكر وعمر كانوا مثلي ومثل عثمان ، ورعيتي أنا اليوم مثلك وشبهك!
لا أعرف مدى صحة الرواية اعلاه، ولكنها كسائر الروايات، تارة تجعل السبب في الحاكم وتارة أخرى في المحكوم، وأرى أن كلاهما يشترك في الأمر (سلباً وإيجاباً)، فأحياناً يكون الحاكم عادلاً لكن الرعية غير مطيعة له، ولا مساندة لأحكامه، فمن المؤكد أن يكون للفاسدين اليد الطولى لأسقاطه، كما حدث لأمير المؤمنين، أو العكس فيكون المحكومون واعوون(أمثال علي وعمار وسلمان وأبو ذر وغيرهم الكثير)، وبالرغم من ظلم الحاكم لكن الأمور تستقيم.
تُنققُ بعضُ الضفادع البشرية، مقارِنةً الوضع الحالي بالوضع الذي كان قبل عام 2003، ويقصدون بهِ الوضع الأمني حصراً، وبالرغم من أن اهل الجنوب لم يحضوا بوضع أمني مستقر في تلك الحقبةِ أبداً، فلقد كانوا أشبه بقطيع الأغنام يأكل منهُ الحاكم متى شاء وكيف شاء، ولكن بعضهم ينقق مع تلك الضفادع لأنهُ عاش خروفاً ومازال يعيشُ عيشة الخراف، فيتناغم مع هذه النقنقة، وطنين بعض ذباب المستنقع، ولهؤلاء نقول:
لقد كانت أنابيت النفط تمر أمام بيوتنا وخطوط نقل الكهرباء، بل إن الآبار النفطية وبحيرات الزئبق في محافظاتنا ومناطق سُكنانا نحنُ أهل الجنوب، فهل رأيتم أننا فجرنا إنبوباً نفطياً؟ أو قطعنا خطاً ناقلاً للكهرباء؟ أو أضرمنا النار في الآبار النفطية؟
الجواب: كلا والف كلا، ليس لأن جميعنا خراف، فلقد ثارت الثورات(كالإنتفاضة الشعبانية)، وكان ثمة كفاحٍ مسلحٍ ضد النظام البعثي، ولكن لأننا نشعر أننا أصحاب دولة، مواطنون حقاً، وأن هذه أموالنا وليست أموال الحاكم، الذي سيغادر يوماً ما إلى الجحيم، ولهذا فأن الظالم إستقامت لهُ الأمور، لأنهُ يحكم أُناسٌ واعوون، وهو يعرف كيف يتعامل معهم.
أراد الصداميون أن يعودوا من خلال داعش، فخربوا بيوتهم بأيديهم، لأن هذه هي ثقافتهم، لكن الله أرسل عليهم عباداً لهُ فجاسوا خلال الديار...
بقي شئ...
يُرددون مقولة: " كيفما تكونوا يولى عليكم "، نعم اتفق معكم، ولقد ولى الله عليكم من باعكم وهتك أعراضكم، فولى هارباً في جحرهِ، حتى أركسكم في وحل الخسة والنجاسة، فأصبحتم مطاردون أو منافقون أو متزلفون لفلانٍ وعلانٍ، بئس ما كنتم وبئس ما ستكونون.
.................................................................................................
حيدر حسين سويري
كاتب وأديب وإعلامي
عضو المركز العراقي لحرية الإعلام