عندما يظن الحمار نفسه مفكراً

ثلاثاء, 08/28/2018 - 06:38
رضوان العسكري

ليس من الصعب ان يحصل الشخص على لقب المفكر, او الدكتور او الاستاذ، او غيرها من الألقاب، في وقتنا الحالي، لان الاعلام عادة ما يصنع مثل تلك القشور الخاوية، فكل ما يحتاجه مبلّغ من المال ينفقه في بعض القنوات الإعلامية، يرتب له من خلالها بعض اللقاءات الإذاعية، يقدم فيها اسمه للمشاهد مسبوقاً بالأحد الألقاب أعلاه، ثم يعمد الى مهاجمة الشخصيات ذات الثقل المجتمعي، كأن تكون دينية او سياسية او اجتماعية.

لا غرابة ولا استغراب عندما تشاهد النكرة تتطاول على المعرفة، او تسمع المعتوه يشتم عالماً جليلاً مضحياً، خلدته المواقف الوطنية النبيلة، قدم ما قدم من التضحيات الجسام من اجل قضية وطنه، على مدى اربعة عقود من الزمن، ليختم مسيرته الجهادية مضحياً بنفسه الطاهرة، من اجل المبادئ التي آمن بها.

لعل كثيراً مِنْ العقلاء الذين عاشوا الفترة ما بين ثمانينات وتسعينيات القرن المنصرم، يعرفون جيداً من هو السيد (مُحْسن الحكيم)، ولماذا لقب بزعيم الطائفة؟ ومن هو السيد الشهيد (مهدي الحكيم) مؤسس الحراك السياسي الشيعي في العراق، في أواخر أربعينيات القرن الماضي، الذي اغتالته الاستخبارات الصدامية في السودان، وكذلك السيد الشهيد (محمد باقر الحكيم)، الذي قارع النظام البعثي، على مدى اربعة عقود من الزمن.

فقط من عاش فترة حكم صدام التكريتي يعرف جيداً معاناة آل الحكيم، والطريقة عوملوا بها, وكيف هجم رجال السلطة على بيت زعيم الطائفة، في سنة ١٩٧٩، امام مرئ ومسمع عامة الناس وهم مطبقين على السنتهم، لأن الحكيم وقف بالضد من النظام البعثي بسبب سياساته الرعناء الطائفية والعنصرية، ودفع ال الحكيم نهراً من الدماء جراء ذَلِك.

كانت السجون مساكنهم ومأوى عيالهم، لم يسلم منهم لا شيخ كبير ولا طفل صغير, لا إمرأة ولا رجلاً ولا شاب, لا رجل دين ولا أكاديمي سلم من شرورهم وتنكيلهم، اعداد المعتقلين منهم فاقت المائة والخمسين من كلا الجنسين ومن مختلف الإعمار، اعدم من آل الحكيم فقط من تم تدوين أسمائهم في السجلات الرسمية اكثر من (١٠٥) شخص، كان نصيب عائلة السيد (محسن الحكيم) (٦٣) نَفَر، جلهم من العلماء الأفاضل, وطلبة الحوزة العلمية, والأساتذة الأكاديميين، كل تلك التضحيات كانت من اجل قضية العراق التي آمنت بها تلك العائلة العلمائية المظلومة من قبل اكثر العراقيين.
اكثر شخص تحمل أوجاع ومظالم ال الحكيم هو السيد (محمد باقر الحكيم) لأنه كان على مقربة من تلك المجازر والمآسي التي مرت عليهم، ساومه النظام على كل شيء يخص عائلته، لكنه لم يخضع لمساومات السلطة وتهديداتها، طلبوا منّه ترك امر المقاومة مقابل تركهم العائلة، لكنه ابى ذلك وأطلق قولته الشهيرة، التي اقتبسها من مقولة الامام الحسين عليه السلام التي أطلقها يوم عاشوراء عندما قال في معرض كلامه "هيهات منِّا الذلة".

قارع شهيد المِحْراب النظام بمختلف الطرائق والسبل، ولَم ينحني للسلطة ويخضع لتهديداتها، انتهل من ابيه العلم والحنكة والدراية, ومن أخيه الصمود بوجه الطغاة, والصبر على البلاء، فتسلح بالإيمان, وتدرع بالتقوى, واتزر بالورع, وخرج بمهجته لجبهات القتال، لمواجهة اعتى أنظمة الطغيان، النظام البعثي الجائر، الذي جثم على صدور العراقيين، شاداً وسطه بعضده المرحوم المظلوم السيد (عبد العزيز الحكيم رحمه الله).

أين الدكتاتورية التي وصفه بها من يدعي نفسه مفكراً دعوياً؟، المعتوه (غالب الشابندر)؟ هل كان الحكيم عاجزاً من ان يجلس في برج عاجي ويكتفي بإطلاق التصريحات الخطابات والشعارات امام المجاهدين، الذين خرجوا معه من العراق، فكيف يكون ذلك وهو يسابق الجميع الى ساحات الجهاد في وقتها، يشاركهم القتال ويقاسمهم الطعام, ينام حيث ينامون ويأكل من حيث يأكلون، فهكذا شخص ظلماً ان يوصف بهكذا وصف.

الشابندر رجل فاقد للأهلية، مريض نفسياً, أعياه المسكر, حتى اصبح عالة على عائلته، ليصل بهم الحال ان يرمونه خارج المنزل، يجوب الشوارع, بعد استشهاد ولده عمار في تفجير ارهابي في بغداد.

الذي يعرف الدعاة جيداً لا يستغرب من تصريحاتهم المتخبطة، المعادية للحوزة الدينية ورجالاتها، فهم كانوا من أشد المعادين لها، وما زالوا لا يؤمنون بها، وكل ما يسمع منهم من تصريحات مؤيدة للمرجعية ما هي الا كذب ونفاق، لأنهم بالأصل لا يعتقدون بمرجعية النجف، ولا يتبعون اوامرها، وهم ابعد عنها ببعد الشمس عن الارض.

للأسف اصبح كل من هب ودب ممن يبحث عن الشهرة وذياع الصيت يشتم ال الحكيم، وينكل بهم وينتقص منهم، ليقال عنه في النهاية مفكراً لا اكثر، لأنه في داخله يعرف نفسه جيداً، لا يختلف كثيراً عن الحمار، لكنه يريد ان يصنع لنفسه هالة وهمية، يبرز من خلالها في الساحة السياسية، فكان من اللذين لا يُسمع له صوت ولا يأخذ له رأي حتى من أصحابه الدعاة.

�� �

رضوان العسكري

Share

أخبار موريتانيا

أنباء دولية

ثقافة وفن

منوعات وطرائف