أغلق باب الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية، بقبول 7 أشخاص وبعض المصادر تشير الى تقديم 30 شخص، ويزيد من إنقسام مواقف الكتل السياسية، فيما قدم الحزب الديموقراطي الكوردستاني، مرشحه في ساعة متأخرة، ليشعل فتيل أزمة وصراع داخل البيت الكوردي، بإعتماد المحاباة والمصالح الداخلية والتأثيرات الخارجية، دون تطبيق مواصفات النزاهة والشجاعة وصدق الإنتماء، وكيفية إستثمار المنصب للحفاظ على وحدة العراق وتقريب مواقف مكوناته، وما يُخشى في أخطر منعطف هو فقدان الحكمة في إختيار أعلى هرم السلطة.
حدد مجلس النواب اليوم الثاني من الشهر القادم، كموعد لإنتخاب رئيس الجمهورية، في موعد لا يقبل التأجيل بعد إنتهاء المدة الدستورية وشهر من إنعقاد أول جلسة للبرلمان.
يعتقد كثيرون بحدوث تغيير سيطرأ على العملية السياسية، وأن هذه المخاضات الصعبة ستفرز زبد العمل السياسي، فيما لم يدركوا حجم المساعي التي تعرقل التغيير، وتعود بالتكتلات على أساس طائفي وقومي، وما حدث في إنتخاب رئيس البرلمان سيحدث في إختيار رئيس الجمهورية، ورغم أن إنتخاب الأول لم يجمع عليه السنة وظهر أكثر من مرشح، مايزال هناك من يعتقد أن رئيس البرلمان من حصة السنة وعلى بقية القوى إحترام خيارهم، وهكذا بالنسبة لرئيس الجمهورية والوزراء.
في تطور إنتخاب رئيس الجمهورية، وتقدم أكثر من مرشح، طلب الشيعة والسنة من الكورد توحيد المواقف وطرح مرشح واحد وأن كان بالتسوية أو خارج المواصفات الوطنية، بترك حرية الإختيار للكورد دون تدخل! ويعني أنهم يصوتون على هذا الأساس، وكذلك سيصوت الكورد والسنة على خيار الشيعة دون أدنى إعتراض!
إن العودة لمثل هكذا خيارات يعني التوافق والمحاصصة، دون إرضاء الفضاء الوطني السياسي، والشعبي المُطالب بالتغيير، ورغم سريان العرف السياسي بتقسيم المناصب على أساس مكوناتي، تبعاً للإستحقاق الإنتخابي وطمئنة كل الأطراف، إلا أن ذلك لا يمنع من أن يكون لبقية المكونات تصورات خاصة عن طبيعة المنصب سيما السيادي والرئاسات الثلاث، ومنصب رئيس البرلمان والجمهورية والوزراء، هي لبرلمان وجمهورية ووزراء العراق، فلا البرلمان للسنة ولا جمهورية الأكراد، ولا وزارة الشيعة.
ترك إختيار شخصية المنصب بحرية، دون تدخل بقية الأطراف السياسية، سيعتبر مكسباً أو حصة لتلك الجهة ولا يحق لبقية الأطراف الإعتراض عليها مستقبلاً.
تمثل الرئاسات في حاضرها تاريخ العراق وعمقه الحضاري ومستقبل أجياله، وتحتاج لشخصيات تليق بهذا التكليف، ومؤهلة لحماية الدستور وتطبيق القوانين ومراقبة السلطات وتقريب وجهات النظر بين الأطراف السياسية والإجتماعية، ورسم أولويات إحتياجات المواطن، وتسنم أي شخص وظيفة حكومية من أدنى هرمها الى أعلاه بالرئاسات الثلاث، فهو منصب عراقي ونسبه لمكون دون تدخل الآخرين، سيجير هذا المنصب لتلك الجهة، ويمنع الجهات الآخرى من التدخل بالقرارات، التي تخل بسيادة الدولة أحياناً، أو تجعله مرتع لحزب أو مكون، وبذلك إختيار الرئاسات بالتسوية وبقبول ما يطرحه المكون في الموقع المناط به، فهو تقسيم البلد الى مقاطعات لا يمكن إختراقها، وإخلال بالسيادة لا يقبل بها الشعب، ومن حق أي مكون طرح مرشح ولكن ضمن الشروط الوطنية وأن كانت بأسم تسوية.
واثق الجابري