كل الاستفهامات التي كانت قاب قوسي اسم رئيس الوزراء تناثرت، وما ان حسم التصويت على منصب رئاسة الجمهورية، حتى اتجهت الاقطاب الاكبر، لتسليط الضوء على شخصية واحدة لا اكثر، ليكون حسم اللحظات الاخيرة توافقيا، لا خلافا لارادة البعض دون البعض الاخر، فالمقبولية التي تتمتع بها شخصية عبد المهدي، ترجح كفته لان يمضي بمسيرة قيادة حكومة الفين وثمانية عشر بلا اي ضغوط، او تحمل للتراكمات السلبية التي تركها سابقيه.
مسيرة عادل عبد المهدي ستكون مغايرة ومغيرة، وستكون سريعة وقوية حسب القراءات الموجودة في المشهد السياسي والاجتماعي، فالاضلاع الثلاثة في العملية السياسية، وقفت مؤيدة وساندة لهذا الاسم، ولا توجد اي خلافات على شخصهِ، او اختلافات في وجهات النظر تجاه ترشيح عبد المهدي، والعلاقات الطيبة الموجودة بينه وبين قيادات القوى، الشيعية، والسنية، والكردية، لا يراهن عليها اثنان، خصوصا وسط المقبولية الاقليمية والدولية، التي تلتحق بركب المحلية، سيكون لها الدور المهم والبارز، في رسم السياسة القادمة، بكل خبرة وحنكة ودراية تامة، قادرة على الانتقال بالواقع السياسي، الذي عانى الكثير من الارهاصات، وينتظر الكثير من الانفراجات.
المراحل الزمنية التي سيمر بها عبد المهدي، لا يختلف عليها اثنان، شهر لاختيار كابيتنة الوزارية او اقل بحسب التوافقات الموجودة على ارض الواقع، والتي اشترط فيها عدم تدخل الاطراف السياسية، وفرض الاسماء بدل المؤهلات، وستة اشهر للانطلاق ورسم سياسة للحكومة الجديدة، وبدء العمل على بناء مؤسسات الدولة، وفتح المساحات السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، شرط ان يكون هو المحرك الاساسي في صنع القرارات، والرئيسي في اتخاذها، ليقف بعد سنة امام التحدي الاكبر، في مقارنة الواقع الذي سيكون عن الذي كان عليه سابقا.
وسط المقبولية الكبيرة والتأيدات الكثيرة، يقف عبد المهدي امام تحدي يجده البعض صعبا جدا، ليفسره البعض الاخر بان عبد المهدي سيكون قادرا على اذابة تلك التحديات امام الامكانيات، لتبقى التوقيتات المذكورة مسبقا هي المحددة والمتحكمة بمسيرة عبد المهدي في رحلة رئاسة الوزراء، فاما ان ينير وهج برنامجه الحكومي المرحلة القادمة، او ان الرياح ستجري بما لا تشتهيها السفن، ولمن لا يعرف عبد المهدي فان هذا الرجل دائما ما يضع الخطة باء قبل الخطة الف وحسب المراحل ومتطلباتها.
القوى السياسية تراهن على حسم الكابينة الوزارية مبكرًا، الامر الذي يسلط الضغط بشكل اكبر على رئيس الوزراء من جهة، ويعزز ثقة الكتل السياسية من جهة اخرى، ولكن الاراء ترجع اختلاف وجهات النظر في اختيار الشخصيات "التكنوقراط" للحقائب الوزارية، فهل سيكون للسياسي المستقل نصيب منها، ام ان الكتل السياسية ستطرح اسماء مؤهلة، من داخل اجواءها تلائم تلك الحقائب؟
الجواب سيكون مقرونًا بمدى نضج الكتل السياسية اولا، ومدى كفاءة المرشحين ثانيا، ولكن يجب ان تكون لدى عبد المهدي ورقتين، الاولى تحمل اسماء شخصيات "تكنوقراط" مستقلة يرشحها بنفسه ويضمن نجاحها، والثانية تحمل اسماء مرشحي الكتل السياسية المؤهلين لتسنم تلك المناصب، ويتم المفاضلة ما بين الاسماء، شرط ان يكون الخيار الاول والاخير لرئيس الوزراء المكلف، مع ضمان حق الكتل السياسية في الاستحقاقات الانتخابية.
حسين نعمة الكرعاوي