حضى المكلف لتولي رئاسة مجلس الوزراء السيد عادل عبد المهدي بتأييد جيد نسبياً لحد هذه اللحظة من قبل معضم التشكيلات والوجهات السياسية والمجتمعية المحلية و اقليمية و الدولية المؤثرة في المشهد السياسي العراقي .
فالنجف و جزء من القوى السياسية الشيعية ايدا سراً او علنا هذا الترشيح ، فضلاً عن اللاعبين الدوليين الاساسيين في الساحة العراقية ، ايران وأمريكا اللذان ان لم يؤيدا الترشيح فلم يبديا اعتراضهما عليه .
الا ان نسبة الدعم وحجم الصلاحيات في حرية اختيار الكابينة الوزارية ضلت محل تشكيك و جدل واسع ، بيد ان التجربة المحاصصاتية التي طغت على المشهد السياسي العراقي منذ ١٥ عام، وحجم انغماس القوى السياسية فيها تزيد فرضية التشكيك في صدق التأييد ومنح الحرية للمكلف بتشكيل حكومة تكنوقراط مستقلة غير خاضعة لسلطة الاحزاب بالشكل المطلوب .
حيث ان النقاط الثماني التي اعتبرها عادل عبد المهدي خارطة طريق لإمكانية نجاح مهمة تشكيل حكومة تتبنى منهج اصلاحي تصتدم برغبات معظم الكتل والاحزاب السياسية التي امتهنت طيلة الخمسة عشر عام اسلوب المحاصصة وتقسيم المناصب تحت مسمى ( الاستحقاق الانتخابي ) ونظام تسعيرة الوزارات وفقا لوحدة القياس ( النقطة النيابية ) ، والتي ادت الى اختيار الوزراء والمناصب التنفيذية من منظور حزبي مصلحي دون الاخذ بالمهنية والتخصص، حتى حدثت ان تكرر تكليف عدد من الوجوه ولمختلف المناصب التنفيذية ولأكثر من مرة ، الامر الذي انكس سلبا على اداء المؤسسات وتسبب في تردي واقع الخدمات و ازدياد مؤشرات الفساد والتخلف في مختلف قطاعات الحكومية .
ان نسبة التأييد هذة تبقى ضعيفة امام حجم التركة الموروثة من تجربة الحكم التي شهدها العراق ، فالاركان الثلاث – النجف – القوى السياسية – العامل الدولي المؤثر – لا تغير من قناعة الشعب الناقم على الاحزاب السياسية، هذا ما تأكده احداث البصرة الاخيرة – وان لم تكن عفوية بشكل تام – و تدني نسبة المشاركة في الانتخابات الاخيرة التي لم تتجاوز 20 % بحسب المراقبين، هذه المؤشرات تكشف حجم الضجر والرفض من قبل الشعب للاحزاب السياسية العراقية بشكل عام .
وهذا ما يحتم على السيد عبد المهدي العمل على بناء الركن الاساس والداعم الاهم ( الركن الرابع ) وهو ركن الجمهور لكسب الزخم اللازم للقيام بالاصلاحات المطلوبة التي تلبي طموحات الشعب، فأركان الدعم الثلاثة التي ايدت السيد عبد المهدي تبقى ضعيفة امام قوة التأييد الجماهيري ، والاجراءات الاصلاحية الواجب تنفيذها تحتاج الى دعم وتفويض جماهيري ولعل بعضها يتعارض مع امزجة الاطراف الداعمة .
ولعل خطوة السيد عادل عبد المهدي باللجوء الى الجمهور الاكاديمي المستقل وفتح باب الترشيح لتكشيل حكومة تكنوقراط مستقلة ، اعتبرت خطوة صحيحة نحو بناء الثقة بين هرم السلطة والجمهور وطبقة الاكاديميين الذين يرون في انفسهم اهلية تولي مناصب تنفيذية عليا فضلا عن ايمانهم بأمكانية العمل في حكومة يرأسها المرشح المستقل السيد عادل عبد المهدي .
فارقام المتقدمين الذين تجاوز عددهم ستة وثلاثون الف متقدم يشكل منهم نسبة 96 % من المستقلين و 15 % من الاناث ويمثل 10 % من حملة الدكتوراه ، ونسبة 12 % من حملة الماجستير و 71 % من حملة الشهادات الجامعية او ما يعادلها ، تمثل النسب اعلاه مجتمعة رقم مهم من الطبقة الاكاديمية المستقلة في العراق الذين قد يشكل جزء منهم قادة للرأي والمؤثرين في المجتمع لما يمتلكوه من مؤهل اكاديمي وتخصص في مجالات عملهم .
فبالامكان السيد عبد المهدي اذا ما احسن ادارة هذة النخبة المستقلة للعمل معه وتشكيل هيئة استشارية عليا وتسخيرها في لجان استشارية مختصة كل حسب اختصاصه لتتولى مهمة دعم واسناد الوزير المكلف في الحكومة المقبلة، وبهذا يتم اشراك شريحة اكاديمية مستقلة في تقديم الاستشارات وتقويم عمل المؤسسات دون خضوعها لرغبات ومصالح الاحزاب الحاكمة .
رضا الموسوي