يقول المثل العربي "أجو يحدو الفرس ..مد الفأر رجله"، مثل ينطبق في يومنا الحاضر على بعض الجرذان التي تحاول أن تجد لنفسها موقعا بين كبار القوم، وتحاول أن تصارع الاقدار والرياح.. "لكن دون جدوى"، فالرئيس والوزير الأول وغيرهم من المسؤولين لا يكترثون لصرير الفئران، ويمضون رغم الصعوبات من أجل تنفي خططهم للنهوض بالوطن والحفاظ على ثوابته ومقدراته، آخذين بعين الاعتبار المصلحة العليا.. لا الشخصية.
الانجازات الوطنية مطلب وطموح أساسي لكل موطن يحلم بالعيش بحياة كريمة، تتسارع وتيرتها بالتزامن لتواكب المجتمع المحيط به، وأحيا تنافس مجتمعات نامية في سرعة تحقيق معدلات قياسية لكل عمليات النمو في كافة القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والانتاجية والصناعية والسياسية والثقافية، من أجل النهوض بالدولة، وترسيخ مبدأ الاعتماد على الذات بدلا من الهبات والمساعدات الخارجية ببناء المؤسسات على أسس سليمة تكفل حقوق الفرد في المجتمع وتضمن له العيش بكرامة، لينتج عنها استقلالية تامة في اتخاذ القرارات الاستراتيجية والمصيرية.
في فلسطين وخلال سنوات العقد الأخير شهدنا تطورا ملموسا في دفع عجلة التنمية والاتجاه الحكومي نحو ترشيد الاستهلاك والاعتماد على الذات من خلال خطة اعتمدها مجلس الوزراء في كافة مناحي القطاعات والتي أثمرت عن زيادة ملحوظة في معدلات النمو المتزايدة والبناء السليم لمؤسسات الدولة، والاتجاه نحو الانتاج المحلي والاعتماد على الصناعات الوطنية بدلا مع الحفاظ على جودة منافسة الأمر الذي ساهم في تطوير الصناعات واستيعاب أعدادا كبيرة من العمال والخريجين، ومن اكثر المدن اعتمادا على الصناعة، الخليل التي تتباهى بانعدام نسب البطالة فيها نتيجة اعتمادها الاساسي على التصنيع والانتاج المحلي الذي ينافس المنتجات العالمية، بالرغم من كل محاولات الاحتلال بوضع العراقيل في طريق تصديرها أو استيراد موادها الخام.
ولعل أبرز التجارب العالمية في سرعة نمو البلدان المتقدمة يعود لاعتمادها على الناتج المحلي وتعزيز قطاعات الصناعة والزراعة والسياحة وغيرها ودعمها، والرقابة الشديدة على جودة انتاجها، وفتح الاسواق الخارجية أمامها من أجل السير وفق الاهداف المعدة لها، الأمر الذي تجلَّى واضحا في اتباع الحكومة الفلسطينية لتوجيهات الرئيس محمود عباس بتشجيع الاستثمار والاعتماد قدر الامكان على مواردنا المحلية، في خطوة سيادية نحو تعزيز الصمود ومواجهة مخططات الاحتلال الرامية لتهويد الارض والانسان، والتدرج شيئا فشيئا نحو الاستقلال الذاتي حماية لكرامة شعب أثقلته سبعة عقود من النضال المستمر ويتطلع لبناء دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
لكن بعض المنتفعين من البرامج الدولية والمنح المسيسة يحاربون كل انجاز تقوم به الحكومة من أجل الحفاظ على مواردهم الخاصة والتي غالبا ما تكون "مشبوهة" فلا أحد يدفع بدون مقابل ..!.
حربهم المستمرة للحكومة واستغلال نفوذهم على مواقع التواصل الاجتماعي والمنابر الاعلامية الخاصة بهم والتناغم مع خطط الاحتلال الأميركي والاسرائيلي، واستخدامهم لبعض المفردات الوطنية الذي يتلاعبون بألفاظها في مقالاتهم وأخبارهم باتت مكشوفة، فالهدف الأساسي من فتح جبهة مباشرة مع الحكومة هو اشعال الصراع بينها وبين المواطنين من أجل التهرب من أي رقابة مباشرة على مؤسساتهم ودعمهم الخارجي "المشبوه" والتهرب من دفع الاستحقاقات الضريبية، والاسراف على دائرة ضيقة مستديرة، تخدم أهدافهم التي قامت مؤسساتهم على رعايتها وتنمية أفكار تتنافى مع القيم والاخلاق في مجتمعنا الفلسطيني، وتتساوق مع الافكار الغربية التي تتوافق مع الرؤية الاسرائيلية القائمة على تسهيلات من أجل تعزيز الاحتلال.
ويؤسفني هنا أن أطرح نموذجا لأحد الزملاء الذي هاجم القيادة الفلسطينية لانه يتهرب من حكم قضائي لأنه غير مسدد لمستحقات فواتير الكهرباء الذي ينتفع منها هو ومؤسسته الاعلامية، وعندما حشر في الزاوية وانكشف على حقيقته، أطل بطرح ليس له أساس من الصحة نسبه لـ"مصادر خاصة"، مستندا في ذلك على ثقة بسطاء عامة الناس فيه نتيجة تحليلاته الوهمية التي يبيع فيها الأوهام على شعبنا، ويبنى طرح نموذج المقاومة ويسهر ليله في "تل أبيب".
الأجمل من كل هذا أن ما طرحه زميلنا لم يأخذ صدى بين عامة المواطنين بالرغم من استغلال كافة علاقاته للترويج له، ليس هذا موضوعنا بقدر ما هو نموذج حي حدث بالقريب العاجل مع زميل لنا حصل على شهادة الدكتوراه وهو جالس في بيته من دولة لا يفقه لغتها ولا يجيد أحرفها الابجدية، لكن الفكرة تكمن في كيفية تحديد مفاهيم آليات الوعي للتفريق بين الاستغلال الفكري والتلاعب بعواطف الآخرين، والتقدم نحو البناء الحقيقي والفعلي لمؤسسات الدولة ودعمه من أجل تعزيز مفاهيم الصمود الراسخة والثابتة والنابعة من نتائج ومعطيات النضال الوطني الفلسطيني والتفريق بين الدعم المشبوه واسس بناء الدولة وتعزيز اليات الصمود.
ثقة الشعب عزيزة، ويجب أن تكون محل احترام لا تلاعب وفق أجندات خارجية ومشاريع مشبوهة، فمن يدفع مليارات الدولارات لانشاء مؤسسات غير ربحية يهدف إلى تحقيق مآرب غير وطنية وغير مشروعة لن يقبلها شعب ناضل أكثر من 70 عامًا وتحدَّى كل ممارسات الاحتلال التعسفية من أجل البقاء والحفاظ على مشروعه الوطني وحمايته، بالرغم من محاولات العديد تمرير مشاريع تتنافى مع المضمون الذي تربى عليه أبناء الشعب الفلسطيني ورفضوا كل أشكال المساومة رغم الحالة الاقتصادية الصعبة التي يمرون بها، فمن يزرع بذور القمح يحصد السبل، ولا مكان لفأر بين أقدام الخيول في اسطبل الأفراس".
بقلم / اياد العبادلة