قال الروائي والدبلوماسي الأمريكي, جيمس راسل لويل "ألحل الوسط يمثل مظلة جيدة وسقف منخفض؛ هو وسيلة مؤقتة, خيار حكيم في كثير من الأحيان, في السياسة الحزبية, وخيارٌ غير حكيم في الحِنكة السياسية".
هناك فَرق بين الدهاء والحِكمة والحِنكة, فالأول يعني الحيلة والمَكر, والأخيران يدلان على التجربة والخبرة, الممزوجة بالكفاءة الذاتية, ولا يحتاج صفة الدهاء, إلا العاجزون عن النجاح, عن طريق الفهم العقلي للأمور.
قبل خمسة أعوام مضت, ومن خلال مرور العراق, بفترة حرجة من هوس الإرهاب, والتجاذبات السياسية, أهمل الإقتصاد العراقي بمرافقه المهمة, لينتهز حاملي فيروس الدهاء, تلك الفرصة الشيطانية, فيضيعوا سبعة مليارات ونصف المليار, وكأنها ذابت كَحَبّاتِ سُكَّرٍ, في ماءٍ ساخن هكذا بكل سهولة.
إعتاد ساسة العراق, على كتمان كل أمر سيء, من فَشَلٍ أو فَسادٍ, إلى يختلف طرفان فتظهر الشوائب على السطح؛ وفي أغلب الأحيان يهرب المتهم, إلا أنِّ قضية السبعة مليارات دينار, كان السبب فيها, حسب قول بعض المسؤولين, ماءٌ أتلف تلك العملة, ومن الطبيعي أن الماء قد جَفْ, فهل سينتظرون سقوط المطر, بعد خمس سنوات, عسى ان يجدوا القطرات المجرمة.
برلمان أنهى فترته الدستورية, ليستلم آخرون مهامهم الرقابية, فهل سيكتشفون أين ذهبت تلك المليارات؟ هل هي محفوظة كتالفة, تَحَسباً لأي شبهة سياسية بالسرقة؟ أم أن الدهاء قد أعمى المسؤولين, لتضيع الحكمة والحنكة, وبعد كل ما يجري, هل سنرى من يحاسَب؟
إختلطت ممارسات الساسة على الشعب, فأصبح لا يُفرق بين الحكمة والدهاء, ليصفه أحدهم بإحدى المجالس, انه جُزءٌ مُحدد من الذكاء, مخلوطٌ بنسبة كبيرة من الحيلة والقُدرة على الخداع, وهذا العمل المحبوك, لا يمت للحِنكة بصلة.
قال هاري ترومان, الرئيس الثالث والثلاثون لأمريكا" لا يمكنك أن تَغتني عن طريق السياسة, إلا إذا كُنتَ فاسِداً", فَهل سيبحث مَن يُمثل الشعب, عن الذين اغتنوا من مناصبهم؟
سلام محمد العامري