إن المتابع للشأن العراقي منذ التغيير والى اليوم، يدرك جيداً المراحل التي مر بها العراق، والتراجع المستمر في السياسة العراقيّة، والتناحر العميق بين اغلب سياسييه، حتى وصل بهم الحال الى الشتات السياسي الواضح.
اكثر المتضررين من التشتت والتناحر والخلافات السياسية هم الشيعة بالخصوص، باعتبارهم الغالبيّة العظمى، الملزمون بتشكيل الحكومة، وهذا الامر بالذات يدفعهم لتقديم تنازلات اكبر من اجل سير العملية السياسية.
كانت جميع الأنظار موجة باتجاه (التحالف الوطني)، مع انهم من لون طائفي واحد، بعد وفاة السيد (عبد العزيز الحكيم) بدأ التحالف بالانهيار والتفكك، حيث وصلت به الحال الى حد "كسر عظم" كما يعبر عنه بين شركائه، لكن بعد اختيار (السيد عمار الحكيم) زعيماً له عادة به الحياة من جديد، وخرج من ردهة العناية المركزة، وبدأ يتخذ خطوات عملية بالاتجاه الصحيح.
لم تكن زعامة الحكيم مجرد منصب وقيادة شكلية، إنما كانت قيادة حقيقية فاعلة، انتقلت بالتحالف الى مراحل غير مسبوقة في تاريخه مع تعدد المسميات، وأخذ ينفتح على دول الجوار من خلال جولات دولية بقيادته، لتبيان حقيقة العملية السياسية في العراق، كما أوضح للعالم ماهية (الحشد الشعبي) الحقيقية، بعدما عمل على مأسسته، ووضع له منظومة عمل لإدارة رصينة، بالإضافة الى تشكيل هيئة قيادية ولجان داخلية، كل هذا في ظرف سنة واحِدَة.
بعد النجاحات التي تحققت على يد الحكيم خلال فترة قياسية، طلب منه أعضاء التحالف أن يستمر في قيادة التحالف لسنة اخرى، الا انه رفض ذلك الامر من اجل ترسيخ مبدأ التداول السلمي للسلطات.
هذه المرة لم ينتخب الحكيم لقيادة التحالف الوطني الشيعي، لأنه مات منذ انتهت فترة توليه زعامته، لكنه انتخب لقيادة (تحالف الاصلاح والإعمار) الذي يحوي على اكثر من لون طائفي، ومن عدت تشكيلات حزبية بأيدولوجيات متنوعة.
النجاح الملموس الذي حققه الحكيم في ادارة التحالف, والحكمة التي يتمتع بها, ومقبولية لدى الجميع، بالإضافة الى المشاريع التي يتبناها كـ (تشكيل الكتلة العابرة للطائفية، وتثبيت مبدأ الأغلبية الوطنية والمعارضة الوطنية)، تلك المتبنيات هي من دفعت أعضاء (تحالف الإصلاح والإعمار) الى انتخابه زعيماً له خلال فترته القادمة.
الحكيم قادر على إقناع الجميع، للسير بالعراق الى مراحل متقدمة، من الاصلاح الحقيقي لمنظومة الدولة, والترهل الحاصل في مؤسساتها, والقضاء على الفساد المستشري في جميع مفاصلها، لما يحمله من مشاريع واقعية يمكن تطبيقها على ارض الواقع، وكل ذلك مكتوب في برنامج تيار الحكمة الانتخابي، لكن ذلك البرنامج لا يمكن تطبيقه الا بالتعاون المتبادل بين جميع أعضاء تحالف الاصلاح والإعمار.