في عالم السياسية وألاعيبها أو أسالبيها لا مجال للعواطف أو الأحاسيس ، ولا للعهود أو للاتفاقيات وحتى لمواقف الأمس أو اليوم ،بل المصالح المشتركة،والأحرى مصلحتنا هي الأهم بالدرجة الأولى،والآخرين تأتي في المرتبة الأخيرة .
تشير بعض الإخبار أو التسريبات إلى أن هناك مفاوضات واتصالات مستمرة تجرى بين أمريكا وروسيا لوضع حل نهائي للازمة السورية وملفات أخرى شائكة ومعقدة بين الطرفين ، واحد شروط أمريكا التفاوضية على الروس إنهاء الوجود أو النفوذ الإيراني في سوريا ، وبحجة وجودهم يشكل خطر على الأمن القومي الإسرائيلي .
ما هي الأسباب التي تقف وراء هذه الاجتماعات المتواصلة أو الدوافع التي دفعتهم إلى هذا الخطوة التي أتت وفق حسابات منطقية يفرضها الواقع الحالي أو الظروف الحرجة الحساسة سواء كانت في الأزمة السورية أو في منطقة الشروق الأوسط ، وعلى صعيد الساحة الدولية ، ومن المستفيد الأول والأخير لهذا التقارب والتصالح ؟ .
الولايات المتحدة صاحبة القوة والنفوذ في وضع يحسد عليه، بسبب أنها فشلت في تحقيق مخططاتها ، وتنفيذ مشاريعها التوسعية ، والوصول إلى أهدافها أو غاياتها المرسومة،واحد أسباب فشل سيدة العالم الأولى خصومها ،وفي مقدمتها الروس اللذين وقفوا لها بالمرصاد في الكثير من القضايا،وافشلوا اغلب مخططاتها ومشاريعها سياسيا واقتصاديا وعسكريا
ونفس الحال روسيا تعيش لا يختلف عن الأمريكان ، صراعها معهم مشتعل في عدة جبهات ، والعقوبات الأمريكية الاقتصادية مستمرة عليها منذ سنوات طويلة ، وعلاقاتها مع اغلب الدول الأوربية متوترة في عدة ملفات ، ولديها بعض المشاكل مع حلفائها .
لتكون أمريكاو روسيا أمام مفترق طريق أما استمرار المواجهة والتصادم إلى نهاية الطريق الطويل والصعب جدا ، والدلائل والحقائق الملموسة تشير إلى أن نتاج الطريق ستكون وخيمة عليهم وعلى الكل ، وأولهم أمريكا أو الجلوس مع الروس في طاولة تفاوض مباشرة ، وإيجاد حلول ممكنة لمجمل القضايا المختلف عليها معهم وتضمن مصالحهما، ، وتكون بمثابة ضربة معلم ضد الآخرين لو تحققت المهمة الصعبة .
تحقيق الاتفاق النهائي أو شبة النهائي مع الروس أو التقارب الأمريكي – الروسي يحقق للطرفين ثلاث أمور أساسية أولها استمرار التصادم مع خصمها العنيد الروس كلفهم الكثير من الخسائر الفادحة من القوة والنفوذ والحلفاء ، والباب مفتوح نحو المزيد منها لو استمرت المواجهة ، والعكس يحقق لهم مكاسب و منافع في مختلف النواحي والجوانب ،و سنشهد متغيرات كبرى في الكثير من القضايا الساخنة ، وطبيعة العلاقات والتحالفات الدولية القائمة اليوم وثانيا كسب حليف ستراتيجي إلى جانبها وهي روسيا العظمى بقوتها ونفوذها والعكس صحيح بالنسبة للأمريكان ، وفي الجبهة الأخرى تخسر الصين وإيران وكوريا الشمالية وتركيا حليفا وقفه معهم كسد العالي ضد الهجمات الأمريكية .
وثالثا وبطبيعة الحال ستكون مهمة أمريكا التالية مواجهة خصومها إيران – الصين لتحقيق مخططاتها ، لكن الحسابات ستكون مختلفة في هذه المرحلة أولا روسيا اليوم حليفا وثانيا موقف أمريكا وحالها سيكون أفضل بعد تحسن علاقته مع روسيا ، وبذلك قد تشن هجوم عنيفة ضدهم سواء كان عسكريا أو عن طريق فرض عقوبات اقتصادية لتجبرهم على الجلوس على طاولة التفاوض والحوار ، والقبول بشروطها التي تضمن مصالحها .
المستفيد الأول والأخير،والساعي بقوة لتحقيق هذا التقارب ، ومهما كانت الوسيلة أو الطريقة المهم الوصول إلى هدفه لأنه يريد يمهد الطريق نحو أكمال الجزء من خارطتها المعروفة، ويوسع دائرة سيطرت دولتها المزعومة ، وستكون كل الظروف والأمور مهيأة لإعلان صفقة القرن المنتظرة، وسيكون حكام العرب أول المباركين لها بحجة السلام أفضل من الحرب، ومهما كان الثمن وعدد الضحايا ، وستكون لإسرائيل بمثابة ضربة معلم الثانية بعد نجاحها في الأولى في تأسيس نواة دولته .
ماهر ضياء محيي الدين