على الرغم من غضبها لمقتل الكاتب الصحفي السعودي جمال خاشقجي وفرضها عقوبات على 17 من المتورطين بالجريمة، كشفت صحيفة إندبندنت أن حكومة رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي استمرت في مفاوضات لعقد صفقات سلاح مع السعودية سرا رغم إدانتها الرسمية لمقتل خاشقجي.
وأثبتت التطورات الأخيرة أن كل الدول التي مارست ضغوطا على السعودية تحت شعارات حقوق الإنسان في علاقة بالملف اليمني أو عبر محاولة توظيف ملف مقتل خاشقجي وجدت نفسها على أرض الواقع في مطبات عميقة بعدما أوقفت مبيعات الأسلحة للرياض.
ولم تتأثر حركة بيع السلاح من بريطانيا إلى السعودية في ذروة اشتعال قضية خاشقجي، الذي قُتل في قنصلية بلاده بإسطنبول في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول العام الماضي، حيث يتضح أن لندن كانت تدين الجريمة علناً بينما تعقد صفقات أسلحة سرية مع الرياض.
وأوضحت الصحيفة، الثلاثاء 1 يناير/كانون الثاني 2019، أنه على الرغم من الانتقادات التي وجَّهتها لندن للرياض، ومطالبتها بالكشف عن تفاصيل الجريمة، والمسؤولين عنها، استمرَّ المسؤولون التجاريون البريطانيون المكلفون بمبيعات الأسلحة في عقد اجتماعات رفيعة المستوى مع نظرائهم السعوديين.
ومنذ أن بدأت الحرب على اليمن قامت المملكة المتحدة بترخيص ما قيمته 4.7 مليار جنيه إسترليني من الأسلحة للقوات السعودية، مما يجعلها أكبر مشتر للأسلحة البريطانية.
وأسفر العدوان على اليمن عن سقوط ما لا يقل عن 10.000 مدني -معظمهم كانوا ضحايا الغارات الجوية التي قام بها التحالف الذي تقوده السعودية- وخلَّف ما يقرب من 16 مليون شخص على حافة المجاعة، حسب صحيفة الإندبندنت وبيانات الأمم المتحدة.
وتواجه الكثير من الدول الأوروبية والغربية اليوم مطبّات وأزمات نتيجة قرارات سياسية تقضي بوقف صفقات بيع السلاح مع المملكة العربية السعودية، أو التهديد بذلك، بسبب الحرب في اليمن أو بحجة قضية مقتل خاشقجي.
هذا الملف الشائك الذي حذر منه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عندما رفض ربط علاقات بلاده ومبادلاتها التجارية مع السعودية بقضية مقتل خاشقجي، تجني شوكه اليوم ألمانيا التي سرّعت من وتيرة انتقاداتها وضغوطها عبر إمضائها في مرحلة أولى منذ شهر مارس الماضي معاهدة تنصّ على عدم تصدير أسلحة لقوات التحالف ضد اليمن.