لعل غبار المعركة كان سبب عدم وضوح الرؤية، أو لعل القدرة على التخفي وتبديل الجلود هي من فعلت!، أو ان اللعب كان مقسماً على مرحلتين؛ بين الدعشنة العسكرية، والدعشنة السياسية!، فلا تبدأ الثانية، حتى يتحقق مكسب الأولى، بأي حالٍ من الأحوال!
المكسب السياسي المُنتظر، كان مريحاً بشكل زائد عن اللزوم لدى البعض، حتى جعل ظهور ملامح الدعشنة على أنفسهم؛ أمراً اعتيادياً غيرَ مهم!، فلم تكفهم المبادرة لاحتضان رعاة التحريض، بل وصل الأمر لترشيح ودعم شخصيات لها صلة كبيرة بالإجرام الداعشيّ، الذي كانوا يدعون تمثيلهم لمحاربيه!
الفقاعة و مختارية العصر تزوجتا!، والنية إنجاب تنظيم بشكل جديد!، والشعارُ صار "قادمون يا وزارة" للفتح!، هكذا يدوس البعض على مبادئه، التي لم تكن يوماً حق، بلا أدنى شعور بالخجل، ولا حتى اهتماماً للتبرير.. انها الخساسة يا سادة!
غمرتنا السعادة لوهلةٍ، حين رأينا تطبيق مفهوم الكتلتين الكبيرتين، وشعرنا بأمل حين عرفنا أن النية عبور الطائفية، احدى الكتلتين أظهرت أنها فعلت، ويرى الجمهور خطوات منها تبهجه، لكن يبدو أن الثانية فهمت الأمر خطأً؛ فقررت عُبور الوطنية، التي لم يعرف شخوصها شيئاً عنها أصلاً!
شقيقة أمير داعشيّ، وزوجُ "تائب"، و آخر تشوبه شائبات الإرهاب، من كل صوب وجانب، وفاشل ثالث مجرب؛ ترشيحات وزارية يصر عليها البناء إصراراً غير مسبوقٍ، في الحين الذي تضطر الكفاءة فيه للهجرة و عرض ذاتها للغير، وشباب يُقتلون بساحات العاب الرياضة، وأرملة شهيد صارت "تلولي" لولدها "يمة الوطن موش لهله"!
حتى من حاول منهم خطو خطوات إيجابية، تبيّن أنها حركات إعلامية لا تفعيلاً حقيقياً للضمير فيها، فمن بدل مرشحه للثقافة، بعد انتقاد المثقفين، لم يحرك شفة تجاه ما يحدث داخل تحالفه من صفقات البيع والتجارة تلك؛ بيع الدماء و الضمائر، والتجارة بجروح الثكالى والآمهم، ومتعة لعبة الخداع!
لم ينتهي العجب من السكوت عما يحدث؛ ولا زالت التساؤلات تلعب فينا و تحيرنا؛ هل يحمل شخصاً ما "بكچر" يهددهم فيها مقابل هذا الرضوخ كله؟! أم احداً آخر يخدرهم ليقولوا مايريده، أو ان الامر الخارجي كافٍ لوحده!
الطاعة الطاعة! والولاء الولاء! إذا تحالف من نوالي مع من كنا نعادي، تحالفنا مع موالي العدو، وإن كان يضربنا في كل حين بخنجر مسموم!، إنه فقه التبعية، هذا ما عهدنا عليه أنفسنا، وهذا ما استهويناه!، إنها متعة العبودية.
فرصة واحدة وحيدة، لتصحيح القليل من الخطأ الذي ارتكبوه، إن ارادوا ذلك؛ تفكيك التحالف أو طرد داعمي الإرهاب، والمصرين على توزيع المناصب للدواعش، فتصريح المحور حول عزمه ترشيح شخصية جديدة للتربية، إن أُقيلت شقيقة الداعشي، -التي اوصلوها للوزارة بتزوير مفضوح، تحت حجة "تقدير رئيس البرلمان"، أو بقول أصح "مِزاجيته"-، وبعد كل الاشكاليات المُثارة حول المرشحتين السابقتين، يُعدُّ أمراً تجاوز كل مراحل السخرية من الشعب، حتى عبر حده!
فرصة للشعب أيضاً؛ أن يقول رأيه ويعبر عن استهجانه، بما يُفعل بهِ، بصوتٍ مدوٍ يهز كراسيهم الساكنة، و يذكرهم بشعب يقظ، وإلا فالنوم والرِضا؛ فرصة لزيادة قهقهات المتاجرين على الآم الشعوب، وسنرى مجدداً مشهداً رأيناه قبل ما يقرب ال٦ أعوام، إذ "يُهوس" شخصاً ويهتف معه جمعٌ لا بأس بهِ، مع مصاحف يرقصونها بأياديهم، وبأغنية تتغير منها الكلمة الأخيرة من المقطع الاول، لتكون "احنه تنظيم اسمنا.. البناء" لكن هذه المرة لن تكون بالساحات، ولن يُستغل بها الحِرمان، فقد نجحوا بذلك مسبقاً، بل ستكون في الخضراء، وفي الدوائر الرسمية.. وحينها لن نعود للمربع الأول فحسب، بل سنعيد تجربة كل سيناريوهات ألمنا، وسنضيف لها المزيد!
علي رضا الياسري