سبع سنوات ونيف هي مدة الحرب الأليمة التي عانت منها وعاشتها سوريا وطناً وشعباً.. والتي كانت المتضرر الأول منها هو وطن بأكمله وليس المواطن بمفرده.. الوطن الذي ضاعت أغلب معالمه وتراثه وهو تراث أمة بأكملها، وكذلك آثاره خلال هذه الأعوام بسبب ما تعرض له من اعتداءات على المواطنين وعلى الأبنية بالعموم، إلا أن سوريا قد خرجت أخيراً من سنواتها العجاف، وقد بدأت الأيادي “المتوددة” تبادر لإعادة علاقاتها مع سوريا، عدا عن الدول التي كما يقال “دقت الحديد وهو حامي” قامت مباشرة بالتوجه لسوريا وقامت بفتح سفاراتها من جديد معلنة عودتها إلى حضن دمشق عاصمة الياسمين.
اليوم، عاد الحديث عن إعادة إعمار سوريا ليأخذ زخماً كبيراً خلال الأسابيع القليلة الماضية، بالتزامن مع اقتراب موعد عقد القمة الاقتصادية العربية والتي حملت عنوان “إعادة إعمار سوريا”، والتي من المقرر أن تعقد في بيروت عاصمة لبنان.
إلا أن الحكومة اللبنانية والتي تعيش حالة من الحيرة والصمت، تجاه سوريا، التي تعد من أقرب جيرانها كما أن سوريا هي قلبها وشريانها النابض، حيث أن الحكومة والجهات المعنية لم تتخذ حتى اللحظة قرارها إن كانت ستدعو الحكومة السورية “المعنية” أساساً بهذه القمة أم لا، بحكم أن سوريا خارج الجامعة العربية حتى اللحظة.
حيث سجل الاقتصاد السوري ركوداً خلال عدة أعوام مضت، ليعاود نشاطه أخيراً بعد أن تبدلت وتغيرت المعادلة العسكرية كلها مع الانتصارات التي سجلها الجيش السوري على الأرض، والتي كان أغلبها بين عامي 2017-2018.
وتمكنت الحكومة السورية من إعادة تفعيل عملها في آبارها النفطية التي كانت قد وقعت لفترة طويلة تحت سيطرة الجماعات المسلحة ومنها “داعش”، والذي أعاد الحيوية للحكومة السورية إذ أن المدخول السنوي من الناتج النفطي وحده يقارب الـ 30% من صادراتها.
صحيفة لبنانية كشفت مؤخراً عن أن أكثر من 570 شركة عربية ودولية وآسيوية قد تقدمت بطلبات للمشاركة في إعادة إعمار سوريا، وأن تلك الشركات تعتبر من كبرى شركات قطاع الإنشاء والعقارات والنقل والتكنولوجيا، وأن عدد الشركات الراغبة في المشاركة في إعادة إعمار سوريا قد يرتفع إلى الضعف مع منتصف العام الجاري، والتي يتخصص عدد كبير منها في مجال البناء وشق الأوتسترادات وبناء الجسور واعمار المدن والقرى ومعامل كهرباء والبنية التحتية للدول في العالم.
وحول هذا الملف “إعادة الإعمار” حصلت كلاً من روسيا وإيران أيضاً، على ميزات اقتصادية ضخمة في سوريا، التي لها حق الأولوية في إعادة الإعمار، بحسب ما ذكر مصدر من الحكومة السورية، والتي قُدرت تكلفتها مؤخراً بما يقارب 400 مليار دولار فقط مما تحتاجه البنى التحتية، بحسب ما أكدته الأمم المتحدة خلال شهر آب الماضي.
حتى دول الخليج “العربي” والتي لطالما كانت الداعم الأكبر للإرهاب والمسلحين باتت اليوم تتراكض لتكون السباقة في دعم مشروع “إعادة الإعمار في سوريا”، والذي تجسد في أن كل دول الجزيرة والخليج عدلت موقفها وقررت المشاركة في هذه القمة المخصصة لسوريا في لبنان، والتي كانت تقاطعها، بل وتحاربها إلى ما قبل شهور قليلة؟، ربما أن السياسة في هذا الوطن العربي أشبه بـ “لغز عقيم” يصعب حله، ولا بد أن تكون ممن يتقن لغات العالم كله حتى يمكنك فهمها وبالتالي حلها، أما سوريا فستكون على مفترق طرق وهذا العام 2019 سيكون ربيعها الذي يبشر بالزهر وتفتح الورود.