في استجداء واضح، ربما يعكس حقيقة النزيف الاقتصادي الناتجة عن هروب الأموال خارج المملكة، عقب حملة مكافحة الفساد، ومقتل جمال خاشقجي،ناشد أمير منطقة مكة خالد الفيصل، المستثمرين من رجال وسيدات الأعمال؛ بالاستثمار داخل البلاد بدلًا من الخارج.
جاء ذلك في تصريحات نقلتها وسائل إعلام سعودية ، للفيصل الذي يشغل أيضا منصب مستشار العاهل السعودي، خلال جولة تفقدية محلية اليوم الاثنين .
ووجه الفيصل حديثه إلى القطاع الخاص قائلا: "اتقوا الله في بلادكم وفي أنفسكم واستثمروا في الداخل..
وتابع الفيصل "أرجوكم، لا تلقوا بأموالكم إلى الخارج ولا تستثمروها هناك، واستثمروها في بلادكم؛ فوالله هي أفيد لكم مليون مرة من الاستثمار خارجها" .
وتأتي تصريحات الفيصل بالتزامن مع تقارير غربية متعددة ومتاترة تفيد بهروب رؤوس الأموال خارج السعودية وإحجام رجال الأعمال عن استثمار أمواله بالداخل خشية مصادرتها على غرار حملة حكومية ترأسها ولي العهد السعودي في 2017.
وكانت أحدث ما جاء في هذا الصدد ، التقرير الذي أوردته وكالة رويترز، في التاسع من الشهر الجاري، والذي تحدث عن ركود في قطاع الطائرات الخاصة بالسعودية بعد حملة مكافحة الفساد .
ونقلت الوكالة عن مصادر مطلعة قولها إن عشرات الطائرات التي يملكها أفراد وشركات تأجير طائرات وتقدر قيمتها بمئات الملايين من الدولارات متوقفة عن العمل في مطارات بأنحاء المملكة بما في ذلك في الرياض وجدة.
وأفادت المصارد أنه تلك الطائرات جرى تسليم بعضها للدولة في إطار تسويات تم التوصل لها بعد إطلاق الحملة في أواخر 2017 عندما احتُجز عشرات من الأمراء ورجال الأعمال والمسؤولين الحكوميين.
وتابعت أن البعض الآخر يملكه سعوديون ممنوعون من السفر أو عازفون عن استخدامها لأنهم لا يريدون إظهار ثرائهم خشية أن يبدو ذلك استهزاء بحملة مكافحة الفساد التي تنفذها الحكومة.
وفى شهر يوليو 2018، ذكر تقرير لصحيفة فايننشال تايمز البريطانية ، أن التجار السعوديين الأثرياء يحجمون عن الاستثمار في المملكة لأن الاضطراب الذي سببته حملة التطهير التي قادتها الرياض ضد الفساد يفاقم مناخ الأعمال التجارية.
ووفقا لمصرفيين، فقد لجأت الشركات الخاصة إلى إخفاء أموالها، بينما يبحث البعض عن طرق لتحويل الأموال إلى الخارج، بما في ذلك الاستثمار في عروض تجارية في الدول الصديقة مثل مصر.
وألمح التقرير إلى أن القلق وعدم الرغبة في الاستثمار بالمملكة يهددان بتقويض جهود ولي العهد محمد بن سلمان لإصلاح الاقتصاد القائم على النفط، وتشكيل 1.2 مليون وظيفة للسعوديين بالقطاع الخاص بحلول عام 2020، مع بلوغ البطالة نسبة 12.9% في الربع الأول لهذا العام، وهو أعلى مستوى يتم تسجيله.
وفى شهر أغسطس 2018 ، نشرت وكالة بلومبرغ دراسة أجراها "بنك جيه بي مورغان"، (بنك أمريكي متعدد الجنسيات للخدمات المالية المصرفية)، قال إن الأزمة التي أثارتها السعودية مع كندا ستحمل معها مزيداً من التداعيات على الاقتصاد السعودي.
وأوضحت الدراسة أن التبادل التجاري بين الرياض وأوتاوا محدود ولا يتعدى 4 مليارات دولار، غير أن الغبار الدبلوماسي هذا زاد من الإحساس بالمخاطرة في مناخ الاستثمار السعودي؛ ومن ثم فإنه سيؤدي إلى إخافة رأس المال وهروبه.
وتوقعت الدراسة في ذلك الوقت أن تصل تدفقات رؤوس الأموال إلى خارج السعودية خلال عام 2018، إلى نحو 65 مليار دولار، أي نحو 8.4% من الناتج الإجمالي، وهو أقل بنحو 80 مليار دولار عما فقدته السعودية في عام 2017، ولكنه يبقى علامة على استمرار النزف الاقتصادي السعودي.
وكان كل ذلك قبل أزمة مقتل الصحافي جمال خاشقجي، داخل قنصلية بلاده بإسطنبول في الثاني من شهر اكتوبر العام الماضي، حيث كشف تقرير قدمته مجموعة "هيرميس" المالية، في شهر نوفمبر أن مقتل خاشقجي، تسبب في سحب 1.7 مليار دولار من سوق الأوراق المالية للمملكة.
وأثارت جريمة قتل خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول مطلع أكتوبر / تشرين الأول الماضي، غضبا عالميا ومطالبات مستمرة بالكشف عن مكان الجثة، ومن أمر بقتله.
وبعدما قدمت تفسيرات متضاربة، أقرت الرياض بأنه تم قتل خاشقجي وتقطيع جثته داخل القنصلية، إثر فشل مفاوضات لإقناعه بالعودة إلى المملكة.
وأصدر القضاء التركي في 5 ديسمبر / كانون الأول الجاري، مذكرة توقيف بحق النائب السابق لرئيس الاستخبارات السعودي أحمد عسيري، والمستشار السابق لولي العهد سعود القحطاني، على خلفية جريمة قتل خاشقجي.
أمير مكة يستجدي رجال الأعمال السعوديين بالاستثمار داخل المملكة