قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" إن النظام السعودي يعامل النساء "كقاصرات دائمات" من وجهة نظر القانون وفقا لـ"نظام ولاية الرجل"، مؤكدة أنها لم تفعل ما يذكر لإنهاء هذا النظام، الذي ما زال أهم عقبة تعترض حقوق المرأة في البلد.
ولفت نائب مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس طووتش "مايكل بيج" إن قضية "رهف القنون" كشفت مجموعة من الممارسات والسياسات التمييزية التي تضعف المرأة السعودية وتجعلها عرضة للانتهاكات.
وأضاف أن "رهف" أظهرت إلى أي حد ادعاءات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بأنه مصلح لحقوق المرأة "باطلة ومثيرة للسخرية".
وقالت المنظمة إن نظام ولاية الرجل موجود بالفعل في العديد من البلدان إلا أنه الأشد والأكثر قسوة في السعودية، معددة أسبابا عشرة لهروب السعوديات من بلدهن.
لا حرية في السفر
قالت المنظمة إن السعودية هي أكثر بلد تقيد حرية سفر المرأة المجبورة على موافقة ولي أمرها الذكر للحصول على جواز السفر أو مغادرة البلاد.
ولفتت إلى أن الأمر يتعدى ذلك إلى حد منع بعض النساء من مغادرة منازلهن دون إذن وليّهن، ويمكن للأوصياء أن يطلبوا أمر محكمة بأن تعود المرأة إلى منزل الأسرة.
تصعّب قيود السفر المفروضة على النساء السعوديات الهروب من البلاد. وتلجأ الكثيرات إلى اختراق هاتف ولي أمرهن لتغيير إعدادات أذونات السفر أو الهروب من أفراد العائلة أثناء وجودهن خارج البلاد.
لا حرية في اختيار الزوج
تحد السعودية من قدرة المرأة على اختيار الزوج بحرية، حيث لا يجيرز القضاء السعودي تزويج الفتاة إلا بإذن وليها، الذي من الممكن أن يمنعها تماما من الزواج دون أسباب فيما يعرف بـ"العضل"، أو حجز الفتاة لابن عمها او بن خالها بما يسمى "التحجير".
ويقوم عدد من أولياء الأمور بمنع الفتيات من الزواج لعدة أسباب من أهمها التقاليد القبلية التي تمنع تزويج الفتاة من خارج قبيلتها أو "حجزها" لقريبا منذ صغرها، إلى جانب عدم تزويج الأخت الصغرى في حال تقدم شخص لها قبل أختها الكبرى.
كما يحاول بعض أولياء الأمور منع بناتهم الموظفات من الزواج بسبب الحاجة إلى راتبهن.
وتواجه سعوديات أيضا معاناة الزواج في سن صغيرة ربما قبل أن تتجاوز الـ8من عمرها وهو ما يعرف بزواج القاصرات.
في 9 يناير/كانون ثاني 2019، وافق "مجلس الشورى" السعودي، وهو هيئة استشارية، بأغلبية ساحقة على اقتراح تحديد السن الدنيا للزواج بـ 18 عاما، لكن ترك استثناءات للفتيات اللواتي تتراوح أعمارهن بين 15 و18 عاما للزواج بموافقة المحكمة. سيصبح الاقتراح قانونا فقط إذا أصدره مجلس الوزراء السعودي.
التعنيف
تتعرض نساء عدة في السعودية للعنف الأسرب خاصة "بين الزوجين"، رغم تجريم المملكة في 2013K العنف الأسري في 2013، لكن الناشطين انتقدوا عدم تطبيق القانون.
تشير تقديرات "برنامج الأمان الأسري الوطني" السعودي أن 35%من النساء السعوديات تعرضن للعنف.
وتجعل الولاية من الصعب للغاية على الضحايا طلب الحماية أو الحصول على تعويض قانوني.
علاوة على ذلك، فإن نظام ولاية الرجل يسهل العنف الأسري بمنح الأقارب الذكور قدرا هائلا من السيطرة على حياة النساء. السيطرة على حركة المرأة نفسها شكل من أشكال العنف الأسري الذي تفرضه الحكومة.
كما يلقى القبض على النساء اللواتي يحاولن الفرار من الزوج أو العائلة المسيئة وتتم إعادتهن إلى عائلاتهن. وإذا فررن أو أُحلن إلى الملاجئ، لا يُسمح لهن بالرحيل ما لم يتصالحن مع أفراد العائلة أو يقبلن بزواج مرتب. لا تسهّل الملاجئ والسلطات قدرة المرأة على العيش باستقلالية.
التمييز في التوظيف
بالرغم من توفير المملكة فرص عمل في مجالات مختلفة للنساء في السنوات الأخيرة، ورغم عدم اشتراطها موافقة ولي الأمر لعمل المرأة، إلا أنها في السياق ذاته لا تعاقب أرباب العمل الذين يشترطون موافقه ولي أمر المرأة على العمل، أو الذين يحصرون الوظائف على الرجال فقط، حيث أن سياسات الفصل الصارمة بين الجنسين تحبط أصحاب العمل الذين يفكرون في توظيف النساء.
كما أن بعض المهن، مثل القضاة والسائقين، تظل محظورة على النساء.
التمييز في الرعاية الصحية
بالرغم من أن قانون الأخلاقيات الطبية لعام 2014 الذي ينص على أن موافقة المرأة يجب أن تكون كافية للحصول على الرعاية الصحية، إلا أن اللوائح الداخلية لبعض المستشفيات تشترط الحصول على إذن ولي الأمر.
ولا تفرض الحكومة عقوبات على المستشفيات التي تتطلب موافقة ولاة الأمر.
ووثقت "هيومن رايتس ووتش" كيف أن اشتراط موافقة ولي الأمر على الإجراءات الطبية قد يعرّض المرأة لألم طويل أو، في الحالات القصوى، لخطر يهدد الحياة
الطلاق والميراث وحضانة الأطفال
لا يوجد في المملكة قانون مكتوب ينظم شؤون الأسرة, وتعتمد السعودية في قوانين الأحوال الشخصية على تفسيرات علمائها للشريعة الإسلامية والتي غالباً ما تكون مخالفة لروح الشرع و تتبع اهواءهم وفق رؤية النظام.
الشهر الجاري، بدأت السلطات السعودية بالعمل بنظام إبلاغ المطلقة بوقوع الطلاق عبر رسالة نصية عندما يسجل الرجل طلاقه في المحاكم. لكن أفادت ناشطات في حقوق المرأة أن الرجال غالبا ما يطلقون النساء شفهيا دون وثائق، تاركين الأمر على عاتق النساء للإثبات للمحاكم أن أزواجهن قد طلقوهن.
وتلزم المرأة بتقديم أسباب محدودة لحصولها على الطلاق ويجب أن تثبت خطأ الرجل، مثل سوء المعاملة. وفي ظل غياب قانون للأحوال شخصية أو الأسرة، فإن القاضي يحدد ما إذا كان هناك سوء معاملة. وخلال إجراءات الطلاق، يظل زوج المرأة وليها، ويملك سلطة السيطرة على قراراتها.
رغم أن المحاكم قد تقضي ببقاء الأطفال مع الأم بعد الطلاق، إلا أن المرأة ليس لها الحق في الولاية القانونية على أطفالها. بحسب ناشطة مطلعة، فإنه عادة ما تُنقل البنات اللاتي تبلغ أعمارهن 7 سنوات أو أكثر إلى الأب، ويُمنح الصِّبية الذين يبلغون من العمر 9 سنوات أو أكثر حرية الاختيار بين الأبوين.
في 2014، اتخذت السلطات خطوة إيجابية، تقضي بأن الأم تستطيع – إن قضت المحكمة ببقاء الأولاد معها بعد الطلاق – الحصول على وثائق والقيام بإجراءات حكومية باسمهم، ورغم ذلك، يحتفظ الأب السعودي بحق منح تصاريح سفر للأطفال، والسماح للبنات بالزواج.
تحديات نقل الولاية
فيما تجيز القوانين للمرأة نقل الولاية القانونية من قريب ذكر إلى آخر، إلا أنها عملية قانونية صعبة للغاية. ولابد للمرأة أن تثبت سوء المعاملة أو قصور ولي الأمر، لأسباب منها التقدم في السن مثلا. وحتى في تلك الحالة، يجب الحصول على قرار من المحكمة، وقد يكون من الصعب توفير مستوى مناسب من الأدلة.
قيود ترك السجن والملاجئ
تُرغَم النساء المسجونات اللواتي ترفض عائلاتهن إطلاق سراحهن على البقاء في السجن أو في الملاجئ إلى أن يتصالحن مع عائلاتهن أو يحصلن على وصي جديد، أحيانا فقط بعد زواج مرتب.
الدراسة في الخارج
لا تستطيع السعوديات الدراسة في الخارج بمنحة حكومية دون موافقة ولي الأمر، وفي حين أنها لا تُفرض دائما، تتطلب القواعد رسميا وجود قريب "ذكر" لمرافقتهن طوال دراستهن في الخارج.
القمع السياسي
كثفت السلطات السعودية، في ظل ولي العهد محمد بن سلمان، حملة قمع ضد المدافعات والمدافعين البارزين عن حقوق المرأة في البلاد ممن دعوا إلى إنهاء نظام ولاية الرجل.
في 15 مايو/أيار، قبل أسابيع من رفع السلطات السعودية الحظر المفروض على قيادة النساء في 24 يونيو/حزيران، بدأت السلطات باعتقال ناشطات حقوق المرأة البارزات، واتهمت العديد منهن بجرائم خطيرة مثل الخيانة التي يبدو أنها مرتبطة مباشرة بنشاطهن.
بحلول نوفمبر/تشرين الثاني، كانت لا تزال 10 نساء على الأقل محتجزات دون تهمة، رغم أن بعض التهم المنتظرة قد تشمل أحكاما بالسجن حتى 20 عاما. بدأت منظمات حقوق الإنسان في نوفمبر/تشرين الثاني بالإبلاغ أن المحققين السعوديين عذبوا 4 من النساء على الأقل، بما شمل الصعق بالصدمات الكهربائية، الجلد على الفخذين، والتحرش بهن والاعتداء عليهن جنسيا.