لم اتوقع يوماً ما، أن يصبح الحصول على الشهادة العلمية، إلى هذا الحد من السهولة، بمجرد أن تُعدْ الأيام والسنين، بجهد متواضع، بلا معرقلات بلا متاعب، وإذا بالتلميذ يصبح طالبا، ويتدرج كالصاروخ، وينال أعلى الشهادات العليا.
كان التعليم في الازمان الغابرة متاحا للطبقة الارستقراطية وطبقة الاقطاعيين فقط، بينما ملايين الكسبة والعمال والفلاحين وباقي طبقات المجتمع يعانون يوميا شظف العيش، ويكون انجازهم الكبير عندما يتحاوز أولادهم مرحلة الطفولة الى الشباب، قبل ان يخطفهم الموت، وبمساعدة تسميات تأن من الوجع والالم، زبالة-كحيط-صخيل.
يبدو أن زمن الطبقات عاد بقوة الى بلدنا، وقضى على البروليتارية التي تغنت بها الشعوب الحرة لعدة قرون، حتى بزغت طبقة جديدة تحكم وتتنعم بخيرات البلد، وتحصل على الشهادات العليا والصحة والامن والامتيازات المهولة.
يقال أن حسين كامل عندما كان وزيرا للصناعة، زار أحدى شركات وزارة الصناعة، فأشتكى له المهندس المختص من نقص "الستيم" في الماكنة التي يديرها، وهو البخار، فقال الوزير بكل بلاهة أجمعوا كل "الستيم" من السوق المحلية، هذا الموقف ليس غريبا عليه فقد تدرج كالصاروخ ايضا، إلى أن أصبح فريقاً في الجيش ثم وزيراً للصناعة والتصنيع العسكري.
كذلك اليوم فإن التدرج الوظيفي في العراق يجري بصورة صاروخية، للمسؤولين وأبنائهم وانسبائهم واقربائهم، والشهادة الدراسية تصل وتحتسب إليه وهو في موقع المسؤولية، مستثنى من كل القوانين النافذة، عكس المواطن الذي يأن تحت وطأتها حتى يستسلم للخذلان، فيتدرج المسؤول من الاعدادية فالبكالوريوس ثم الماجستير فالدكتوراه، وقد لا يمر بمرحلة الماجستير لو كان من الرؤوس كبيرة الحجم وصغيرة المحتوى.
رؤوس فارغة تحصل على شهادات عليا من دون وجه حق، والنتيجة تكمن في اجابة أحد المسؤولين الفارغين، عندما أسدى إليه أحد مريديه نصيحة بأن يكون لديه "أيميل" خاص، كانت اجابة المسؤول، وهل هذا "الإيميل" موجود بالسوق؟
كل الخراب الذي حصل في البلد، سببه شعب مسلوب الحقوق ويجهل واحباته، وأهمية موقعه كهيئة عليا ومصدر لكل السطات، نتج عنه مسؤول مستهتر عصي على المحاسبة.
لذلك صرح احدهم بكل صلافة أمام الاعلام، وقال "بشرفي اخذت رشوة"، فلا نستغرب في قادم الايام إن سمعنا أخر يقول "بشرفي شهادتي مزورة"
باقر العراقي