مؤامرة النظام السعودي ضد الإسلام والمسلمين

ثلاثاء, 03/19/2019 - 13:22

يمكن فحص الواقع السعودي عبر قضية "الإرهاب العنصري" بحق أكثر من 100 مصلٍّ مسلم بمسجدين بنيوزلندا، والخروج بنتائج تكشف جوانب من سوداوية النظام السعودي، الشريك الأكبر في المؤامرة الغربية ضد الإسلام والمسلمين.

في حادث موثق بالصوت والصورة، أكثر من 50 قتيلاً و50 جريحاً كانوا ضحايا القاتل الإرهابي برينتون تارانت الأسترالي الأصل والبالغ من العمر 28 عاماً، ورغم استحقاقه عقوبة الإعدام إلا أن شرطة نيوزيلندا أكدت أن تارانت لن يواجه الحكم بالإعدام نظراً لأن نيوزيلندا ألغت تطبيق هذا الحكم منذ عام 2007، ولم تُصدر أي حكم بالإعدام منذ عام 1957.

ونيوزيلندا هي دولة من الغالبية العظمى من بلدان العالم التي ألغت أحكام الإعدام، بمعدل 103 دول، والتي لا تندرج ضمنها "السعودية" الدولة الأكثر تنفيذاً لعقوبة الإعدام بصورة غير قانونية وعلى خلفية قضايا غير خطرة كتهريب المخدرات وقضايا سياسية متعلقة فقط بحرية الرأي والتعبير.

ومنذ بداية هذا العام 2019 وحتى اليوم فقط نفذت السعودية 44 عملية إعدام، نصفها لم يندرج ضمن التهم الأشد خطورة، وحسب المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، فإن هذا الرقم يؤكد الأرقام المرتفعة في السنوات الماضية، ومنها العام الفائت 2018 الذي أقفل على 149 عملية إعدام، متجاوزاً عام 2017 بثلاث عمليات إعدام.

ويشير الحقوقي لدى المنظمة الأوروبية السعودية، عادل السعيد، في تغريدةٍ له اليوم الأحد، إلى أن إرهابي حادث نيوزلندا مثُل أمام المحكمة العليا لمحاكمته بعد يوم واحد من جريمته النكراء، وأضاف: "في نوفمبر 2014 حدثت جريمة مشابهة في #الدالوة في إحدى الحسينيات، وبالرغم من زعم #السعودية أنها قبضت على الإرهابيين إلى الآن لم يعلن عن محاكمتهم. أتساءل، لماذا لم تتم محاكمتهم؟!".

ووقعت حادثة إطلاق نار جماعي في يوم 3 نوفمبر/ تشرين الثاني 2014، على حسينية "المصطفى" للشيعة في بلدة الدالوة بمحافظة الأحساء بالمنطقة الشرقية، وعلى إثرها سقط 8 قتلى وجُرح 9 آخرون.

وفي يونيو/ حزيران 2015، قال المشرف العام لحادثة الدالوة "جاسم المشرف" إعدام منفذي "حادثة الدالوة الإرهابية"، وأشار إلى أنه تم القبض عليهم وسيتم إعدامهم ببلدة الدالوة في التوقيت التي تراه وزارة الداخلية مناسباً.

ووفقاً لصحيفة الأحساء نيوز، فإن "المشرف" لفت إلى أن وزير الداخلية حينذاك الأمير محمد بن نايف، أخبره خلال لقاء مباشر مع عدد من الأهالي أنه تم القبض على جميع من له علاقة بالحادث الإجرامي، وأكد المشرف أن نائب مدير الشرطة في المنطقة الشرقية اللواء إبراهيم القحطاني أخبره أن منفذي العملية الإجرامية في الدالوة سيتم إعدامهم فيها.

ووفقاً لتغريدة الحقوقي السعيد، فإنه حتى اليوم، وبعد مرور أكثر من 4 سنوات، لم يُعلن عن محاكمتهم.

من جانب آخر، دانت صحف عربية وعالمية الرئيسَ الأمريكي الحالي وحليف النظام السعودي الوثيق، دونالد ترامب، بسبب عدم وصفه الجاني بـ"الإرهابي"، وبسبب مواقفه وتصريحاته التي اعتُبرت صعوداً لليمين المتطرف، وحمَّلته مسؤولية الهجوم الإرهابي الذي نفَّذه بارانت أحد أنصار ترامب وسياساته ضد المسلمين، محذّرين من أن ظاهرة "الإسلاموفوبيا" بدأت تأخذ منحىً دموياً في المجتمعات الغربية بعد المجتمعات العربية.

وفي المقابل يطرح السؤال نفسه: ماذا عن السعودية ودورها في حياكة هذه المؤامرة المتطرفة ضد الإسلام والمسلمين؟

المؤامرة السعودية ضد الإسلام

من البداية:

لم تأبه السعودية بقدسية الإسلام ولا حتى بتعريف منظمة اليونسكو للآثار والمقدسات الدينية التي قالت إنها أي موقع مقدَّس يمثِّل قيمةً روحية خاصة للشعوب والمجتمعات المحلية مهما مرّت عليها القرن، فخالف النظام السعودي ذلك بتطويره الأماكن الأثرية في "مكة المكرمة" دون مراعاة لخصوصيتها الدينية المقدسة والتاريخية.

ووفقاً لكتاب "من مكة إلى لاس فيغاس" للدكتور علي عبدالرؤوف، فإن هذا الانحدار في الذوق الفني والديني، يُجرد مكة من قداستها الدينية ليحولها لمدينة سياحية ضخمة حتى صار برج الساعة أحد أطول المباني في العالم، والذي يطل على الكعبة كعملاق ضخم يكاد يلتهمها، ويتساءل الكاتب: هل تتحول مكة من بلد الكعبة المشرفة إلى فنادق ضخمة مليئة بمراكز التسوق ومطاعم فاخرة وزوار فاحشي الثراء! هل صارت مكة دليلا على الانتصار الواضح لقيم الرأسمالية الاستهلاكية! هل صارت انتصارا للتشيؤ والتسطيح والابتذال! وهل يُمكن اعتبار ذلك من باب الجهل والخطأ!

وخلال العقدين الأخيرين هدمت السعودية آخر ما تبقى من الرواق العثماني في الحرم المكي بحجة أعمال التوسعة على الحجاج، وهُدم بيت السيدة خديجة زوجة النبي محمد واستُبدل البيت بمراحيض عامة، كما هُدم بيت أبي بكر الصديق لإقامة فندق هيلتون.

ويقول الكتاب آنف الذكر إن المملكة أيضاً أصدرت كتيباً يبيح تسوية قبور النبي وأبي بكر وعمر بالأرض بحجة أنها لا تتطابق مع المفهوم الشرعي للمقابر في الإسلام، واستند الكتيب على فتاوى مفتي المملكة عبدالعزيز آل الشيخ حول محاربة البدع والشرك وعبادة القبور، وكان الكتيب بحسب الكاتب، المطرقةَ التي أتت على عدد من الآثار التاريخية المقدسة في مكة والمدينة حتى اليوم.

ويواصل الكاتب عبدالرؤوف: "التبرير الدائم الذي تسوقه السلطات السعودية لعملية الهدم والإحلال المستمرة، هو الرغبة في استيعاب الأعداد المتزايدة من الراغبين في أداء مناسك الحج. الأكيد أن هذا التبرير يتوافق مع لقب الملك وهو خادم الحرمين الشريفين، وهو اللقب الذي يعطي الإيحاء الكامل بأن الملك وكل سلطاته تتفرغ لخدمة الحرمين الشريفين، ومن ثم تسهيل مهمة المسلمين القادمين إليها. وأما ما لا يمكن إعلانه هو أن الدافع وراء كل هذه العمليات هو دافع مالي استثماري بحت! إنها الرغبة في تعظيم الربح من أكثر مناطق الاستثمار العقاري في العالم قيمة. لقد تم تفسير خدمة الإسلام والحجيج تفسيراً يمكِّن من تعظيم الدورة المالية والربحية والاستثمارية للنطاقات العقارية حول الحرم، مع تغليفها الدائم بالغلاف الذي يثير العواطف ويدغدغ المشاعر: خدمة زوار بيت الله".

العلاقة بين السعودية وأمريكا:

لا تنتهي المكيدة السعودية ضد المسلمين ولكن تحت عباءة الدين الإسلامي الذي يحمي المقدسات الإسلامية ويتصدَّر صف الأمتين العربية والإسلامية.

يقول موقع تبيان إن معاداة أمريكا لا تختص بحدود ولا دول، ولكنها تختص فقط بروح الإسلام التي تعارض مصالحها، ويرى الموقع أن أمريكا لاتُعادي أبداً دولة متمثلة في حاكم وقوانين ودساتير وإن كانت حتى تظهر بدور "المطبق" لشريعة الله، ولكنها تُعادي عقيدة الإسلام الملزمة لأبنائها بمقاومة كل بطش وكل مستعمر.

وتُعتبر العلاقات الأمريكية السعودية من أقوى العلاقات التاريخية، فيما "أمريكا التي تُعادي الإسلام صراحةً لابد لها ممن يُسوق لأفكارها الممسوخة بصورة إسلامية"، ولم يقتصر دور السعودية "في خدمة أسيادهم فقط على بسط النفوذ على المقدسات في مكة والمدينة وتمهيد الطريق لليهود بكل سهولة لإقامة دولتهم أو كيانهم اللقيط على الأراضي المقدسة في القدس، بل كانت السعودية ذراعاً حقيقياً لأمريكا في قلب الأمة الإسلامية، فكانت أرضاً خصبة للقواعد الأمريكية العسكرية، وكانت السعودية أكبر سوق لأمريكا، وفي الوقت نفسه هي الممول الأكبر للبترول لأمريكا، فضلاً عن دورها الرهيب في "مكافحة الإرهاب" كمصدر ثقة ضروري لفرض المصداقية الأمريكية في بلاد الإسلام، ومع وصول أمريكا للسيطرة التامة على بلاد المقدسات لم يكن عجيباً أبداً السيطرة على مقدراتها وثرواتها، ولا على قراراتها".

كما يُذكر أن القواعد العسكرية الأمريكية متواجدة فعلاً في قلب بلاد الحرمين، وتستخدمها الولايات المتحدة وقت الحاجة، كما حدث في حرب العراق الأولى والثانية، كقاعدة الملك عبدالعزيز الجوية في الظهران، وميناء الملك عبدالعزيز بالدمام وقاعدة الرياض وقاعدة الملك خالد وقاعدة الحفوف التي كانت مقراً للدفاع عن السعودية والهجوم المشترك بجانب الولايات المتحدة للتخفيف من هجمات محتملة في المستقبل أثناء حرب درع الصحراء وعاصفة الصحراء وغيرها.

غزو الداخل السعودي:

ويحاول ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، سلخ السعوديين من هويتهم الإسلامية تحت مبرر "التطرف" وإلصاقه جذرياً بالإسلام، معتبراً أن الحل لذلك يأتي بمساعدة "ديمقراطيات الغرب"، وشرعن لنفسه، بناء على ذلك، اتخاذ إجراءات "إصلاحية" تجاوزت الخطوط الحمراء للمجتمع السعودي المحافظ، فضلاً عن اعتقاله المشايخ والدعاة الذين من شأنهم التأثير على المجتمع.

وسبق للنائب الجمهوري الأمريكي وضابط الاستخبارات السابق، ويل هارد، أن كشف أنَّ ابن سلمان لمَّح، في لقاء سابق جمع بينهما، لسيناريو "تغيير الخلافة"، وأكد أن التطرف الإسلامي مشكلة داخل الإسلام ويجب حلها من قبل المسلمين بمساعدة الديمقراطيات الغربية.

وقال هارد، في مقال له نشرته صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية في ديسمبر 2018، إنه قبل 15 شهراً من كتابة المقال التقى ابن سلمان في الرياض لأول مرة، عندما كان ولياً لولي عهد المملكة، لافتاً إلى ما دار خلال اللقاء الأول الذي جمعهما بقوله: "سمعت خلال هذا الاجتماع بن سلمان يقول شيئاً لم أسمع أي زعيم عربي يعترف به من قبل، إذ قال: إن التطرف الإسلامي هو مشكلة داخل الإسلام ويجب حلها من قبل المسلمين بمساعدة الديمقراطيات الغربية".

تصريح ابن سلمان ذاك تترجمه مساعيه الانفتاحية طبقاً لرؤيته التي يتبناها تحت اسم "رؤية 2030 السعودية"، بما في ذلك "هيئة الترفيه" التي أفقدت المجتمع السعودي العديد من السمات التي ميّزته عن مجتمعات العالم؛ فبعد أن كان محافظاً يغلب عليه طابع الالتزام الديني، بات منسلخاً عن عاداته وتقاليده وأعرافه، وهو ما أكده السعوديون في استطلاع أجرته صحيفة "عاجل" التابعة للنظام في أبريل 2018، إذ بيَّن الاستطلاع أن الهيئة لم تُراعِ تقاليد المجتمع، وأخذ هذا الرأي النسبة الأعلى (53% من المصوتين).

لم يكتفِ ابن سلمان بإقصاء المؤسسة الدينية ومجابهة الهوية الإسلامية ككل في بلاد الحرمين، بل وصل به الأمر حد تزييف الحقائق الجغرافية والخروج عن القيم الإسلامية وتشويه مقدسات المسلمين، إذ يعتزم بناء كنائس في أرجاء بلاد الحرمين، بادعاء أن "جزيرة العرب" التي لا يجتمع فيها دينان وفق الحديث النبوي، ليست إلا "مكة والمدينة".

وقد صرَّح جويل رزونبرغ، رئيس الوفد الإنجيلي الذي التقى ابن سلمان في نوفمبر 2018، على قناة i24 نيوز الإسرائيلية، بأن ابن سلمان قال للوفد إنه سيسمح ببناء كنائس في أرجاء السعودية، وإنه طلب من علماء المملكة أن يشيعوا أن مصطلح "جزيرة العرب" الوارد في الحديث النبوي يعني مكة والمدينة فحسب، وهو الحديث القائل بأنه لا يجتمع في جزيرة العرب دينان، كما قال ابن سلمان إن بإمكانهم تثبيت التعريف الجديد لجزيرة العرب، بالتدريج، والسماح بتشييد الكنائس على أوسع نطاق، وكان تعليق جويل المسيحي حينها: "هذه هي المرة الأولى منذ 300 عام التي فيها تتم دعوة أتباع المسيح من قِبل الحكام السعوديين إلى القصر الملكي".

التطبيع مع إسرائيل وضرب القضية الفلسطينية:

يَظهر النظام السعودي حليفاً قوياً واستراتيجياً لإسرائيل، ويثير سخطاً إسلامياً واسعاً بتخليه الرسمي عن القضية الفلسطينية التي تمثل القضية الأم بالنسبة للمسلمين.

ويرى باحثون أن النظام السعودي يستخدم تكتيكات مدروسة ومكثفة عبر أذرعه الإعلامية وجيوشه الإلكترونية الكبيرة، تستهدف هدم رمزية القضية الفلسطينية، والاستخفاف بها، وتحطيم الروابط الدينية والقومية مع شعبها، إلى جانب تصويرها كصراع عبثي لا يعني المملكة، بل كان وما زال عبئاً ثقيلاً عليها يجب التخلص منه، فيما يتواصل الثناء على إسرائيل بوصفها دولة ديمقراطية متقدمة، تتوافر على خبرات علمية وصناعية وعسكرية يمكن أن تشكل مع المال السعودي حلفاً نموذجياً في المنطقة.

طرد الروهينغا من السعودية:

وفي الوقت الذي تحيي فيه المملكة الحفلات الغنائية والراقصة الصاخبة في مختلف بقاع الأرض المقدسة، يتم الترحيل القسري بحق "مسلمي الروهينغا" المضطهدين والذين يواجهون إبادةً عرقية ودينية من قِبل حكومة بلدهم الأصلي ميانمار.

وهؤلاء يتم التنكيل بهم وتنفيذ مجازر وحشية بحقهم في أراكان من قِبل جيش ميانمار منذ 25 أغسطس 2017، ونتج عن الحرب المستمرة ضدهم مقتل الآلاف من الروهينغا، ولجوء قرابة مليون آخرين إلى بنغلاديش وفقاً للأمم المتحدة، وبينما تقول حكومة ميانمار إن هؤلاء ليسوا مواطنين وإنما مهاجرون غير نظاميين من بنغلاديش، فإن الأمم المتحدة تصنفهم بـ"الأقلية الأكثر اضطهاداً في العالم".

"إسرائيل" هي الدولة الأبرز التي تزوِّد جيش ميانمار بالسلاح لارتكاب المجازر والانتهاكات بحق مسلمي الروهينغا، إذ تحتفظ قيادة جيش ميانمار "بعلاقات سرية وصاخبة" مع المؤسستين العسكرية والاستخبارية في إسرائيل، وفقاً لتقريرٍ نشره موقع "وللا" الإسرائيلي في مارس 2017.

وتُكمل الحكومة السعودية مشوار الاضطهاد والقمع الحاصل بحقهم، فتعمد إلى ترحيلهم من بلاد الحرمين، ووفقاً لموقع ميدل إيست آي البريطاني فقد أمرت السعوديةُ حكومة بنغلاديش في نوفمبر 2018، باستعادة أكثر من 100 من مسلمي الروهينغا الذين دخلوا المملكة منذ عام 2011 بجوازات سفر أصدرتها بنغلاديش، وأعرب المجتمع الدولي عن خشيته من أن تقوم بنغلاديش بترحيل اللاجئين "المسلمين" إلى بلدهم الأصلي ميانمار، حيث يتعرضون لمختلف أصناف العذاب.

Share

أخبار موريتانيا

أنباء دولية

ثقافة وفن

منوعات وطرائف