تدفعنا المتاعب، وغياب الأمل الى التفكير بخيارات مختلفة أغلبها سيء ومتمرد على الواقع، فنحن نستسلم لمرارة الحياة في ظل حكم غير رشيد يتولاه النفعيون والإنتهازيون، واصحاب النوايا السيئة والسراق.وتتحول الدولة الى ملك لهم ولأسرهم، ويتركون الشعب يتخبط في الجهل والمرض والحاجة. وماكانت الثورات إلا إنفجارات لبراكين الحرمان في النفوس المكبوتة التي تعاني القهر والحرمان.
كل حكم هكذا ينتفع منه قلة، ويرزح تحت ظلمه كثرة، وحين يولي يأتي بديل مثله، وإن بدا مختلفا عنه في الظاهر. فهناك دولة مضيعة، وحكم غاشم، وشعب مغيب، وفئات كادحة، مأكولة مذمومة.
يقول صديقي الشيخ رضوان. كان هناك اسرة فيها والد ووالدة وولد وله أخ صغير وخادمة.سأل الولد والده. ماهي السياسة ياأبت؟ فقال الوالد. هل تلاحظ هذه الأسرة؟ قال الولد: نعم. فقال الوالد، فأمك هي الدولة، وأنا الحكومة. وانت وأخوك الشعب، والخادمة هي الطبقة الكادحة.
في مرة، وكانت الدولة نائمة، وأعني الأم.كان الصغير في قماطه يبكي دون أن ينتبه له من أحد، وجاء الولد الصغير ليتفقد أخيه، فوجده مبللا ومتحسسا، ونظر الى أمه فوجدها نائمة، ولاتهتم بصراخه، ثم بحث عن والده فوجده فوقها يضاجعها، فصرخ، الإن فهمت فقال الولد. فهمت إن الدولة نائمة، ولاتدري بمايحدث، وإن الشعب مهمل أنا وأخي، وإن الحكومة منشغلة بنهب كل شيء، وإن الطبقة الكادحة مجرد كيان بشري مغتصب مضيعة حقوقه.
هادي جلو مرعي