(وكالة العرب..عبد المجيد رشيدي)استطاعت الفنانة التشكيلية "سارة طويل" أن تحفر إسمها موهبة وإبداعاً في الحركة التشكيلية المغربية والدولية ، حيث أقامت مجموعة من المعارض الخاصة بها ، كما شاركت في مجموعة من المعارض الجماعية الوطنية والدولية ، والتي ركزت فيها على المرأة والإنسان والمجتمع .
التشكيلية سارة طويل ، تتميز بهوايتها للفن والأدب والشعر ، حيث إنها تمتلك أسلوباً خاصاً لا تخطئه عين كل مدقق ، فهي فنانة بحق ومبدعة ، فرشاتها مفعمة بالحيوية ، تنتج لنا أعمالا غاية في التميز .
سألتها : كيف تقدمين نفسك للقارئ؟
"سارة طويل" ، فنانة تشكيلية مغربية خريجة الفنون التشكيلية وطالبة بالمعهد العالي لفنون الطباعة ببلجيكا ، إضافة إلى عملي فأنا أم لطفلة تهوى الفن والشعر والأدب ، هذا ما يجعلني أحاول قدر الإمكان التوفيق بين حياتي الشخصية وفني وكذا حياتي المهنية.
كيف تحددين دوافع وبدايات ومسارات تجربتك الفنية؟
نفس الدافع الذي يجعل الشاعر يرفع قلمه ليعبر عما خالجته من أفكار ، أحيانا مشاعر وأحيانا أخرى روايات أوصور ترسخت في ذهنه ، فبالنسبة لي دافعي هو التعبير عن أفكاري ورؤيتي للحياة ، أما تجربتي الفنية أو مساري فأعتقد أنه لا زال في البداية ، ومازال في جعبتي الكثير لأقدمه للفن التشكيلي كرسالة راقية منفردة .
كيف بدأت رحلة الرسم؟ ومن ساعدك في ذلك؟
ربما سأقول لك أن الفن اختارني ، فقد ولدت عاشقة للرسم والألوان ، ولكل أنواع الزخرفة ، فمنذ نعومة أظافري كنت مواظبة على الرسم لساعات بالمنزل أو المدرسة ، كما أنني كنت أعشق الزخرفة المغربية على الجبص طالما حصلت على أعلى النقط في الأنشطة المدرسية الخاصة بالرسم ، كان الدعم العائلي قويا لكن رغبتي في الميدان كانت أكبر من أي دعم .
متى ترسم سارة ولمن ترسم؟
لا أتبع جدولا زمنيا للرسم ، فمثلا أعرف فنانين يخصصون نهاية الأسبوع للرسم ، أما أنا فأرسم في كل مكان وزمان وبالوسائل المتاحة أمامي ، فكلما أحسست برغبتي في حمل ريشتي لا أتردد مهما كانت الظروف ، لأن أمتع لحظات حياتي أعيشها لحظة ولادة احدى لوحاتي وفرحتي فرحة أم رزقت بمولود جديد انتظرته لمدة شهور وحملته وحلمت به ، فلوحاتي ترافقنني حتى في منامي ، أحيانا أنتهي من الرسم ثم أعود له مجددا ولو كان آخر الليل ، مواضيعي ذات طابع اجتماعي إنساني ، لذلك أرسم لكل إنسان مازالت الانسانية تجري في عروقه ، لكل شخص حالم ، ولكل شخص تألم ، كما تعلم أن لكل لوحة رسالة أكون ممنونة عندما تصل رسالتي إلى زوار معارضي .
كيف تتعاملين مع الألوان وكيف تساهمين في جمالية لوحاتك؟
الألوان مشاعر تحضر الفنان لحظة حمله لريشته ، فكل لون قصة أو إحساس معين تختلف قراءاته حسب الشخص ، لكن أعيد تشبيه الفن بالشعر ، فتارة يكون اختياري حرا وتارة أخرى تقليديا ، لكن يطغى على لوحاتي ألوان الحياة والأمل ، حيث تبعث الفرحة في قلوب كل ناظريها .
المعهود عني أنني عاشقة للون الأزرق بكل درجاته ، قد اعتمدته في أحد المعارض كلون موحد للوحاتي التي لاقت إعجابا كبيرا ، لأنني استعملته بكل درجاته وكانت من أجمل التجارب الفنية مع هذا اللون الملكي الذي أعشقه .
شاركت في العديد من المعارض المتميزة ، ممكن أن تذكرين بعضا منها وماهي هي القيمة التي أضافتها لك؟
تماما كنت دائماً حاضرة في عدة تظاهرات فنية ومعارض ، سواء جماعية أو ثنائية أو فردية ، لأن الفن لا يمكن أن يختزل في لوحات فقط ، بل هو تبادل رؤى أفكار و تجاوب بين التشكيليين ، قيمة المعرض وهدفه الأسمى هو لقاء عدد كبير من الزوار وتجاوبهم مع اللوحات ، الصدى الإيجابي للزوار هو بمثابة وسام على صدر كل فنان ، لذلك لا أتردد في المشاركة بأي معرض ولا أستطيع أن أعبر لك عن كمية فرحتي عند كل ثناء على عملي الفني ، فقد شاركت بالعديد من المعارض كالمرأة الافريقية والمرأة الحامل ، صورة الفقر ، المعرض الأزرق وآخرون ، كما تعذر عني المشاركة في كبريات المعارض والتي نظمت بإيطاليا ، وألمانيا ، وفرنسا ، بسبب انشغالي بإبنتي .
ما قيمة التتويج في مشوارك الفني؟
التتويج بالنسبة للفنان التشكيلي في بلادنا مازال نادرا وتقديره مقارنة مع الفنون الأخرى ، ربما غير مرضي لكن يبقى الفنان التشكيلي رمزا للرقي والأناقة الفكرية ، فأكبر تتويج يتلقاه هو ذلك الإقبال الجماهيري على معارضه والكلمات الطيبة التي تترك أثرا إيجابيا عليه .
أي الموقفين يبعث الحماسة في إحساس الفنانة التشكيلية سارة طويل ، وقوف فنان تشكيلي أمام لوحاتها و يقوم بمناقشتها ؟ أم وقوف إنسان عادي أمامها و يسألها عن مضمونها ؟
الاثنين معا ، سأقول لك لماذا ؟ لأن الفنان التشكيلي عندما يقف أمام لوحتك فهو يحللها بطريقة مهنية أكبر ويدقق في كل التفاصيل ، مثلا تناسق الألوان ، الأشكال ، تجانسها ، وحجم اللوحة ، وهذا شيء يسرني كثيرا خاصة إذا وصل المغزى مما قدمته لفنان مثلي أكون ممتنة .
الإنسان العادي تحركه مشاعره ثم أفكاره أحيانا يحب لوحة لأنها تعبر عنه شخصيا ، أو عن قصة عاشها منذ زمن ، أو يعجب بلوحة تعود به إلى الوراء تذكره بوطنه أو انتمائه أو تجربة حياتية ، قراءته لأفكاري عن طريق الألوان أكبر دليل على أن الفن التشكيلي لغة تواصل عالمية لا تحتاج شرحا أو ترجمة فكل عمل صادق يصل إلى المتلقي بكل حرفية و سلاسة.
في نظرك ما هي الحركة الفنية التشكيلية الأبرز في المرحلة الراهنة؟
ربما لاحظت مؤخرا هيمنة الفن التجريدي على الساحة الفنية ، لكن هذا لا يعني غياب الفنون الأخرى ، كما يجب ألا ننسى نوعا آخر من الفنون التي يمكننا أن نطلق عليها أنها تجارية بالدرجة الأولى أكثر من أن تكون تعبيرية لدرجة أننا أصبحنا نجد لوحات متشابهة وشبه متطابقة لفنانين مختلفين لدرجة أن بعض الفنانين مثلا يرسمون لوحة واحدة و لكن تتم طباعتها بعدد أكبر لجني المال .
هل وصلت الفنانة التشكيلية المغربية إلى المكانة التي تليق بها في رأيك؟
إطلاقا أعتبر نفسي لازلت في بداية الطريق ، و لا أنكر نجاح معارضي ، لكن هذا لا يعني أنني اكتفيت ، فمشواري لازال طويلا إن شاء الله لأقدم المزيد من اللوحات التي أودّ جديا أن أتناول من خلالها عدة و مواضيع شخصية تعبر عني و عن حياتي و مواضيع اجتماعية وجب الآن التطرق لها بكل جرأة و مصداقية عن المرأة و المجتمع ، عن السياسة ، إلى غير ذلك من المواضيع المهمة.
حدثينا عن تجربتك في عالم الفن التشكيلي؟
الفن التشكيلي هو تربية على الرقي و على التحضر و كذلك على التعايش ، فمن خلال تجربتي المتواضعة أستطيع أن أقول أن لهذا الميدان فضل كبير على التنمية الذاتية لي كشخص و تأثيره الكبير على طريقة معالجتي لمجموعة من المواقف الحياتية التي عشتها ، فهو رسالة سامية و غذاء للروح و الفكر معا فأكثر شيء لا أندم عليه .