هل تتمكن حشود القمم الثلاث من إنقاذ ملك الحزم بعدما حلبه ترامب بأساطيله الاستعراضية؟؟

سبت, 06/01/2019 - 19:45

بنفس عقلية مهرجانات التسوق حشد النظام السعودي قادة دول الخليج وزعماء العالمين العربي والإسلامي لعقد ثلاثة مؤتمرات على مستوى القمة في مكة المكرمة بوقت متزامن لغرض التضامن مع مملكة تعاني من أشد مآزقها حرجاً.

يحشد المال السعودي سوق السياسة المحكومة بموازين إرادة الولايات المتحدة الأمريكية، لكن هل تكفي هذه القدرة على تحشيد الحكام لتحقيق نتائج ملموسة تساعد على تحصين المملكة صاحبة الدعوة للقمم وهي أعلى الدول في ميزانيتها العسكرية؟

فعاليات جلسات القمم تم جدولتها على التوالي بالترتيب الجغرافي حيث بدأت بالقمة الخليجية الطارئة وتلتها القمة العربية الطارئة ثم ستتبعها القمة الإسلامية الاعتيادية في اليوم التالي. وبرغم عدم منطقية توقع تشابه المخرجات للقمم الثلاث إلا أنه و بالنظر لأسباب الدعوة لها وللموضوع الرئيسي المطروح عليها يمكن استنتاج المحور الأساسي الذي يجمعها من خلال محتوى الخطابات التي ألقاها العاهل السعودي في الجلسات الافتتاحية للقمة الخليجية والقمة العربية.

الملاحظ أن ملك عاصفة الحزم قد حصر خطاباته في الحديث عن إيران و أسلحة إيران. هذا بعد أن افتتح خطابه بالحديث عن "تحدياتٍ مباشرةٍ تهددُ الأمنَ والاستقرار إقليمياً ودولياً" موحياً بحجم الاهتمام الذي يريد من المجتمعين إيلاءه للموضوع وقدر المسئولية التي سيتحملونها إن لم يتجاوبوا مع أهداف الاجتماع الذي دعاهم إليه.

وبالأسلوب المعتاد للنظام السعودي في تبرير مشاكله اندفع الملك للحديث عن "ما يقوم به النظامُ الإيراني من تدخلٍ في الشؤون الداخلية لدول المنطقة" متحدثا عن برامج إيران النووية والصاروخية وتهديدها لحرية الملاحة العالمية وإمدادات النفط قائلا أن ذلك "يُعد تحدياً سافراً لمواثيقِ ومبادئِ وقوانين الأممِ المتحدة لحفظِ السلم والأمن الدوليين".

ثم انتقل للموضوع الأساسي الذي هو سبب الدعوة لعقد القمة الطارئة؛ قائلا أنه "عملٍ تخريبي طالَ أربعَ ناقلاتٍ تجارية بالقربِ من المياه الإقليميةِ لدولةِ الإمارات العربية المتحدة الشقيقة. وكذلك استهدافُ محطتي ضخٍ للنفط، وعدد من المنشآتِ الحيوية في المملكة." واصفا ذلك بأنها أعمال إجرامية.

وللإيحاء بخطورة الوضع وبأنه يمثل تطوراً غير مسبوق وخارج عن السيطرة فقد لجأ العاهل السعودي للتمهيد لذلك في مقدمة خطابه بالقول "لقد استطعنا في الماضي تجاوزَ العديدِ من التحديات التي استهدفت الأمنَ والاستقرار" مؤكداً على أن المطلوب الآن هو العمل " معاً بحولِ الله لمواجهةِ كافة التحديات والتهديدات بعزمٍ وحزم"

لكن بقية الخطاب تكشف أن ذلك "الحزم والعزم" الذي يقصده ليس موجها ضد إيران إذ يتحدث الملك بعد ذلك عن حرص مملكته على "أمنِ واستقرار المنطقة، وتجنيِبها ويلاتِ الحروب وتحقيقِ السلام والاستقرارِ والازدهار لكافةِ شعوبِ المنطقة بما في ذلك الشعبُ الإيراني" مؤكداً أن يد المملكة ستظل دائما ممدودة بالسلام و أنها سوف "تستمرُ بالعملِ في دعمِ كافة الجهودِ للحفاظ على الأمنِ والاستقرار في المنطقة."

بمناسبة الحديث عن "العزم و الحزم" يجدر التذكير بالعنوان الحقيقي لمأزق المملكة الأشد تأثيراً و هو "عاصفة الحزم" التي وصلت بالمملكة لأن تدعو زعماء العرب والمسلمين لهذا المهرجان التضامني، والذي يمكن الاستدلال عليه من خلال واقعة مثيرة للسخرية.

حيث أن النظام السعودي أقام معرضاً على أرض المطار الذي استقبل فيه طائرات رؤساء و ملوك الدول المشاركة في القمم، المعرض أقيم إلى جانب السجادة الحمراء ليكون مسار مرور إجباري للضيوف، وهناك وقف الناطق باسم التحالف "الجنرال المالكي" ليعرض على أصحاب الفخامة والجلالة بقايا الصواريخ و الطائرات اليمنية التي استهدفت منشآت المملكة.

بالمثل، يسهل معرفة ما هو المطلوب من الزعماء المحتشدين في هذا البازار السياسي، كما يمكن استباق البيانات الختامية لفعاليات هذا المهرجان التسلسلي و توقع النتائج النهائية التي سيخرج بها من خلال تأمل الفقرة الختامية لخطاب العاهل السعودي في الجلسة الافتتاحية للقمة الخليجية، حيث قال "نطالبُ المجتمعَ الدولي بتحملِ مسؤولياته إزاء ما تشكله الممارساتُ الإيرانية من تهديدٍ للأمن والسلمِ والدوليين. واستخدامِ كافةِ الوسائل، لوقف النظامِ الإيراني من التدخلِ في الشؤون الداخليةِ للدول الأخرى. ورعايتهِ للأنشطةِ الإرهابية في المنطقةِ والعالم، والتوقفِ عن تهديدِ حريةِ الملاحةِ في المضائق الدولية."

هكذا يتضح مدى إدراك الملك السعودي لعجز مؤتمرات القمة عن مواجهة المخاطر التي تكلم عنها إذ لا يجد سبيلاً سوى جمع زعماء الخليج لإصدار مناشدة تستجدي المجتمع الدولي وتحيل الأمر إليه طالبة منه تحمل مسئوليته في وقف النظام الإيراني.

وكأنما الملك هنا يعلن خيبة أمله من الموقف الأمريكي و عدم جدوى الأساطيل والحشود العسكرية الاستعراضية التي لم تستطع إخافة إيران بل فقط كانت وسيلة استخدمها ترامب لابتزاز المزيد من أموال المملكة وبقية دول الخليج.

على هذا يتأكد أن مهرجان القمم غرضه إصدار نداء جماعي يختفي داخله صوت المملكة لاستجداء تدخل مجتمع دولي هو في الأصل متواطئ مع الملكة وهو من يغض النظر عن جرائمها.

وبنظرة واقعية لا يبدو أن محاولات النظام السعودي لتحميل إيران مسئولية فشلها العسكري في حربها على اليمن لإنكار الهزيمة التي تتضح يوما وراء آخر. فحتى لو أن المجتمع الدولي قرر التدخل واستطاع إقناع أو إجبار إيران على الاستسلام للضغوط الأمريكية، فإن هذا لن يحل مشكلة المملكة مع اليمنيين الذين يتوعدون بمواصلة "مهاجمة أراضي و منشآت اقتصادية وعسكرية سعودية" وفق يتكرر ذلك على لسان جماعة أنصار الله- الحوثيين. مالم  يوقف التحالف بقيادة السعودية "عدوانه وحصاره ويسحب قواته من الأراضي والجزر اليمنية" حد تعبير الجماعة.

باختصار، و كخلاصة للنتائج المتوقعة عن القمم الثلاث، فإن كل ما ستخرج به القمم والمناشدات لن يستطيع حماية أمن المملكة و منشآتها ما لم يقرر النظام السعودي إخراج نفسه من المأزق اليمني الذي تورط فيه بحرب بدأت بتحالف عريض تحت شعار عاصفة الحزم وها هي تبحث عن التعاطف بادعاءات عن قصف مكة بصواريخ "ميليشيا" محاصرة.

Share

أخبار موريتانيا

أنباء دولية

ثقافة وفن

منوعات وطرائف