المثقفون العرب على اختلاف أفكارهم وأيديولوجياتهم، وتعدد توجهاتهم السياسية وانتماءاتهم الدينية والطائفية، في أغلبهم الأعم إلا قليلاً منهم، هم أكثر المواطنين العرب انغلاقاً وتعصبية، وهم الأكثر تطرفاً وانعزالاً، والأكثر تنفيراً وترهيباً، فعلى الرغم من ادعائهم الثقافة والمعرفة، واللباقة واللياقة، وأنهم مفكرون وفلاسفة، وحملة أقلام ورواد مرحلة، وأنهم يؤمنون بالديمقراطية والتعددية، ويسلمون بالتطور والتدافع، إلا أنهم عكس ذلك تماماً، بل هم الذين يسبقون الشارع العام بغوغائيتهم وأفكارهم البغيظة، وهم الذين يقودونه نحو الاحتراب والانقسام، وهم الذين يؤسسون للتطرف الفكري والعقدي والاستبداد السياسي والحزبي.
إنهم اقصائيون انعزاليون متطرفون متشددون، أفاقون كاذبون، مدعون جاهلون، عصبيون حاقدون، دعاة فتنة، ورواد شرذمة، ومسعرو حربٍ، حفارو قبورٍ، ونباشو أحقادٍ، ومحركو فتنة، يدعون إلى القتل والتصفية، والطرد والحرمان، ويشرعون التخوين والتكفير، والردة والعمالة، فقط لتمرير أفكارهم الضالة، ومعتقداتهم الفاسدة، انتقاماً لماضٍ قديمٍ وإرثٍ أليمٍ.
ويلٌ لأمتنا العربية من حملة هذه الأفكار الفاسدة والمشاريع الضالة، فهم يقودونها نحو الهاوية، ويسيرون بها نحو الهلاك، ولا يرومون بها خيراً، ولا يريدون لها مستقبلاً، هؤلاء الذين لا أستثني منهم فكراً أو اتجاهاً، لا خير فيهم يرتجى، ولا حكمة منهم تستقى، ولا أمل منهم ننتظر، أراهم كالشياطين يفركون أيديهم ويطرطقون أصابعهم فرحاً بالفتنة التي يزرعون، وبالشر الذي يبذرون، وبالفساد الذي يريدون.
مسكينةٌ هي أمتنا، مبتلاةٌ بحكامها ومفكريها معاً ......