قال إمام وخطيب المسجد الحرام، فيصل بن جميل غزاوي، إن موجة الإلحاد التي اجتاحت العالم شهدت تمدداً نحو بلاد المسلمين، في وقت تتزايد فيه نسبته ببلاد الحرمين خاصة خلال السنوات القليلة الماضية.
وأضاف غزاوي في خطبة اليوم الجمعة أن الإلحاد "اكتسب أنصاراً وشهد تمدداً، حتى زحفت (موجته) نحو بلاد المسلمين وخاصة الشباب (..). وهذه الموجة تستدعي قيامَ أهل العلم بواجبهم في التصدي لها دحراً لجهود حاملي لوائها وكشفاً لحقائقهم".
وأشار إلى أن "دعاة الإلحاد يحرصون على نشر باطلهم لدى الفتيان والفتيات خاصة (..) بأساليب شتى وصور مختلفة، فكان ضررهم أكثر وتأثيرهم أكبر".
وشدد على "وجوب حماية مجتمعنا وشبابنا من هذا الخطر العظيم الداهم"، مشدداً على "أهمية دور المصلحين" وأن "عدم العناية اللازمة بقضية الربوبية يؤدي إلى تنامي الظاهرة وإنكار وجود الرب".
ما قاله الأمام غزاوي ارجع الذاكرة عندما حل الكاتب منصور النقيدان ضيفاً على برنامج "الليوان" في قناة "روتانا خليجية"، في رمضان الفائت و تسبب بجدلا واسع بعد أن تحدث عن الإلحاد والإسلام.
وتحدث النقيدان وهو سعودي حاصل على الجنسية الإماراتية خلال اللقاء، عن ظاهرة الإلحاد، قائلاً: إن "الإلحاد عقيدة، وعليك أن تحترم الإلحاد لأنه خيار للإنسان" على حد قوله.
وفي رأي مثير للجدل، يرى النقيدان أن الإيمان القلبي هو الإيمان الحقيقي، دون النظر إلى القيام بالعبادات كالصلاة التي يراها غير ضرورية.
وقال النقيدان: "أنا من غلاة المرجئة، الذين يرون أن الإيمان القلبي الذي هو أساس الفطرة هو الإيمان الحقيقي".
وأوضح في هذا الصدد أن "العنف الذي نراه لبعض الشباب في المملكة أو الذين ينضمون لداعش هو عنف غير مبرر، والهوس الغريب جداً بالحوريات هذا نابع من القمع".
وأشار النقيدان إلى أن المرحلة التي نعيشها خلال هذه الفترة هي مرحلة التنازع، وهي مرحلة تاريخية غريبة جداً، لم يسبق للمسلمين أن مروا بها، وهو تعدد أنماط التدين، ومن ثم يُعاد تفسير الإيمان دائماً.
كما ذكر أن "عقائد أهل السنة والجماعة التي كنا ندرسها في المدارس ونتعلمها في المساجد ويتم ترسيخها الآن، هي عبارة عن مدونات كُتبت في القرن الثالث وتولى تدوينها نخبة من أهل الحديث والأثر، وخرج عن هؤلاء المعتزلة وغيرهم".
وأكد أن المرجئة "مهمة جداً في تاريخ الإسلام لأن المسلمين الآن لديهم أزمة في تطبيق شريعتهم، سواء كان الأزمة التي يعيشها المسلمون في المجتمعات الغربية وهي نابعة من مفهوم الشريعة، وكيف بإمكانك أن تجسد هذا الإيمان على الأرض ويكون هذا الواقع متوافقاً مع تفسير الإيمان".
وأكد النقيدان في نهاية حديثه أن الحل في العالم الإسلامي هو "الإرجاء"، مؤكداً أنه بغير هذا سيعيش المسلمون في أزمتهم.
وعلى مدار سنوات كانت السعودية، البلد الأكثر تطبيقاً لتعاليم الدين الإسلامي، الأول على قائمة الدول العربية الأكثر إلحاداً، بحسب دراسة أعدها معهد "غالوب" الدولي الذي يتخذ من واشنطن مقراً.
وأكد التقرير أن نسبة الإلحاد في السعودية تتراوح بين 5 و9% من مجموع عدد سكان المملكة، وهي الأكثر ارتفاعاً مقارنة بدول عربية حتى مع تلك التي تعرف بميولها العلمانية كتونس ولبنان (لا تتجاوز 5%).
وعلى الرغم من أنَّ السعودية تحذّر على الدوام من "خطر الإلحاد"، إلى حد أنها ساوته بالإرهاب قانونياً، فإن مواطنين من المملكة "يخرجون عن الإسلام"، لأسباب أبرزها التشدُّد في تطبيق قوانين الشريعة الإسلامية.
ويرجع باحثون تسلل الظاهرة إلى المجتمع السعودي لعدة عوامل؛ أبرزها "التطبيق المتشدد لمبادئ الديانة الإسلامية في المجتمع السعودي، والتربية الصارمة التي يتلقاها الأبناء داخل الأسر وفي المجتمع إجمالاً".