
تحدث الناشط السياسي والمختص بالشؤون الساسية السعودي د. حمزة الحسن عن النقد الذي يطال المناشط الترفيهية التي تقوم بها هيئة الترفيه السعودية من قبل بعض المعارضين لسياسات ابن سلمان الجديدة في المملكة, مشيرا الى ان النقد بالمطلق هو أمر خاطيء.
وفي سلسلة مطوّلة من التغريدات على حسابه بتويتر يرى د. الحسن أن ما يقوم به بعض المعارضين أو ربما أكثرهم، بنقد (الترفيه)، كل المناشط الترفيهية، بصورة تعميمية، هو أمرٌ خاطيء, واوضح د. الحسن الأسباب التي بنى عليها وجهة نظره قائلاً :
أولاً: المناشط الترفيهية التي تقوم بها الهيئة، ليست كلها سيئة، أو تتعارض مع المرجعية الدينية، أو مع الأعراف الإجتماعية، أو سلبية بنحو أو بآخر. فالتعميم خطأ!
ثانياً: مع الإعتراف بأن غايات ابن سلمان خبيثة وسيئة، وأن هيئته الترفيهية جاءت على أنقاض مؤسسة أخرى (زُعم) أنها تنشر الفضيلة، وتكافح الرذيلة (أقصد هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر).. الا ان هذا لا يمنع من التفريق بين نقد أهداف ابن سلمان منها، وبين ذات المناشط الترفيهية.
ثالثاً: اذا كان التعميم في رفض كل المناشط الترفيهية خطأ كما هو واضح؛ واذا كان خطأ أيضاً عدم التفريق بين أهداف النظام من الترفيه، وبين أصل العمل.. فإن هناك خطأ آخر، وهو الانشغال عن الأسئلة الكبرى، المتعلقة بالترفيه، وما أفرزته وأرتنا إياه. الأسئلة الكبرى تتضمن مثلاً:
-لماذا رأينا حماسة كبيرة في المجتمع للترفيه، بخيره وشرّه، بحلاله وحرامه؟ لماذا لم تنفع التربية الدينية التي استمرت اكثر من مائة عام متواصلة، في صناعة إنسان واعٍ ملتزم منضبط؟ لماذا وجدنا أن حلال النظام هو الحلال، وحرامه هو الحرام؛ في حين انطوى مشايخ المؤسسة الدينية على أنفسهم؟
وتابع : لماذا ـ فجأة ـ لم يقم اكثر الناس وزناً للمشايخ، ولخطابهم، ولمواعظهم، السابقة طبعاً؟ ولماذا لم يتحدثوا بكلمة معارضة ـ في الغالب الأعم ـ ضد ما يرونه خدشاً في الدين وفي الأعراف وفي أخلاقيات المجتمع؟ ما هي أهداف ابن سلمان من الترفيه بشكل محدد؟ الى أي حد نجحت سياسته؟
اي منطقة تفلّتت أكثر باتجاه دعم سياسة الترفيه الى حد التحلل؟ ولماذا؟ لماذا لم يظهر لنا حتى الآن من المعارضين ومن المشايخ في الداخل، وممن يرون أنفسهم مصلحين ودعاة، ما يميّز الحلال عن الحرام، والخبيث عن الطيب؟ هل لدى الأجيال الجديدة رغبة لسماع صوت وعظ، او تنبيه أو ارشاد؟ ولماذا؟
من هم المستثمرون في وسائل الترفيه؟ متى يصل الترفيه حدّ الإشباع؟ هل الترفيه يعضد شرعية النظام أم ينقضها؟ وان كان يعضدها: كيف يتحول الترفيه الى ناقض لشرعية النظام.. متى ولماذا وكيف؟ ما هي سيكولوجية المجتمع المُسعود، أو المجتمعات المسعودة المتعددة، التي كشفت عنها مناشط الترفيه؟
كيف ستكون صورة البلاد "المسعودة" في المستقبل بناء على المتغيرات الاجتماعية والتي يعتبر الترفيه واحدا من أدواتها الأساسية؟ كيف سيراها المسلمون؟ وهل ستكون الرؤية التي ستتشكل سلبية، والى أي حد ستؤثر على مكانة نظام الحكم ونفوذه ومزاعم زعامته للعرب والمسلمين وتاليا شرعيته الداخلية؟
الأسئلة كثيرة. ومجموع اجاباتها قد يرسم لنا صورة المستقبل لبلدنا ومجتمعنا، ولأنفسنا أيضاً. تشديد النكير على الترفيه بشكل عام، لا يفيد، وخاطئ، وهناك ملايين يؤيدونه! إن أردنا أن نوعّي مجتمعنا، فعلينا ان نجيب على الأسئلة بعمق، ونحاول ان نكون معتدلين: فليس كل ما فعله ابن سلمان خطأ!
حتى الشيطان فعل شيئاً صحيحاً في تاريخه! رفض الترفيه بهذه الصورة التي أراها، يجعل كثيرين يصطفون مع ابن سلمان، الذي يقود البلاد بسرعة الصاروخ نحو الرذيلة وليس الترفيه فحسب. لقد تجاوز الترفيه الى نشر الإنحلال. ومجتمعنا المغلق المحروم من الحلال لعقود طويلة بسبب التشدد، كسر كل قيد!
وأضاف: التضييق في الحلال بحجة سد الذرائع، آتت أُكلها، واصبح الناس على دين ملوكهم، أو كثير منهم. كأن أمامنا شعب جديد، لم نكن نعرفه من قبل! قيل ان سد مأرب دمرته (فأرة)!! سد الذرائع وتضييق الحلال وتوسعة الحرام الذي قام به المشايخ، أدى الى تحطيم السد من أول طوبة تم كسرها!
لآن، يجب أن نعيد النظر، وأن نقرأ الأمور بعين فاحصة، دينية واجتماعية وأخلاقية واقتصادية وسياسية. لا ترفضوا أيها الإخوة كل شيء، فهذا خطأ يضاف الى خطأ آخر سابق! ما ترونه الآن هو نتيجة سياسات سابقة. كان المشايخ ملء السمع والبصر. انظروا الى حالهم الآن! معزولون مهملون يسخر منهم الساخر.
وقال د. الحسن أن ما نراه الآن في المملكة من شطط اجتماعي، وهياج عجيب، كان نتيجة تحطيم السدّ! حين يتحطم لا تبقى ضوابط. المياه التي انحبست لعقود خلف السد، وجدت ثغرة فيه، فدمرته كلياً فجاء الطوفان الآن! كأن المهلكة ليست هي التي نعرفها! ولا الشعب هو الشعب الذي نعرفه! وعما قريب قد لا نعرف عوائلنا!
وأرجع د. الحسن السبب في ذلك إلى أن حالة النفاق الإجتماعي والديني في المملكة قد انتهت وما تحت الطاولة ظهر الى العلن. مضيفاً: لا يُعقل أن من كان بالأمس متديّناً متشدداً أصولياً متطرفاً في اتفه الأمور، ينقلب بين ليلة وضحاها، فيصبح انفتااااااحياً! اللهم إلا أن التطرف خلق بديله بنفسه. اخذه من اقصى اليمين الى أقصى اليسار! أو أن ما كان يجري مجرد نفاق ديني اجتماعي. الكثير من الكلام بعبارات الإسلام، والقليل من الفعل والسلوك الاسلامي الصحيح. جاءت الفرصة، فكشف المجتمع عن أقنعته، التي تغطى بها ايام التشدد والخنق الاجتماعي. النظام السعودي نفسه، أكبر المنافقين باسم الاسلام، وقد كشف عن نفسه أيضاً كما ترون!
باختصار يقول د. الحسن: ابن سلمان صنع لنا سعودية جديدة: هي دبي إن أردناها في الإنفتااااااااااااح! وهي مكة إن أردناها للعبادة! يريد ان يجمع بين الحسنيين!! وكل النقاشات تدور حول هذا!
