كلما سارت عجلة الإنسانية إلى الأمام، تقدمت إنسانية الإنسان، وظهرت تطبيقات عديدة تظهر هذا التقدم. في زمننا هذا، هناك عدة تطبيقات تدلّ على تقدّم إنسانية الإنسان بشكل كبير، على الرغم من السواد الذي قد يراه البعض يملأ العالم، ومن أبرز هذه التطبيقات حقوق الإنسان، واتفاقيات حظر الأسلحة الممنوعة، والعديد من التطبيقات الأخرى.
لعلَّ أبرز التطبيقات التي تظهر وبشكلٍ جليٍّ وواضح تقدم مستوى الوعي الإنساني هو الضمان الاجتماعي، فقد نصّ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أنّ كل عضوٍ من أعضاء مجتمع ما له الحق في أن يكون مشتركاً فيما يعرف بالضمان الاجتماعي، وذلك لصون كرامة الإنسان، والتنمية.
قد يعني مصطلح الضمان الاجتماعي العديد من النقاط؛ منها التأمين الاجتماعي، والذي يعني كافّة المنافع التي يتم تأديتها للناس مقابل اشتراكهم في برنامج التأمين المعمول به في دولة من الدول، وتشمل هذه المنافع؛ رواتب عند الكِبر والتقاعد، والتعويض عن البطالة، والتعويض عن العجز،... إلخ.
نقطة أخرى قد يشير إليها هذا المصطلح وهي الخدمات؛ والتي تشمل كافّة ما تقدمه الحكومات أو هيئات الضمان الاجتماعي إلى الناس.
كما وقد يعني أيضاً الأمن الأساسي وهو مجموعة الخدمات التي تقدم وعلى الفور لكل محتاج ممّن لم ينتسب إلى صندوق التأمين، كالخدمات التي تقدم للاجئين في مختلف أنحاء العالم.
تكمن أهمية الضمان الاجتماعي في أنه يوفِّر مصدر دخل للإنسان عندما لا يكون قادراً على العمل وكسب رزقه، تماماً كما يحدث في حالات العجز التام، أو بعد التقاعد في سن الشيخوخة، أو في فترة البطالة؛ فكلُّ هذه الحالات هي حالات إنسانية يجب على الدولة أن تتكفّل بتقديم ما يلزم إلى هذا الشخص وذلك لصون كرامته، ومنعه من التسوّل واستجداء الناس. أهمية أخرى لمؤسسات الضمان الاجتماعي تكمن في قدرة هذه المؤسسات العالية على رفع الاقتصاد الوطني بما يلزم، من خلال إقامة المشاريع والاستثمارات، وتشغيل أموال الضمان التي تجمعها من الناس في المشاريع الرابحة، بالإضافة إلى قدرة هذه المؤسسات على خلق فرص العمل المختلفة وتشغيل العاطلين عن العمل من خلال المشاريع التي تدخل فيها كشريك أساسي.
لمؤسسات الضمان الاجتماعي في البلدان المختلفة تسميات متعددة؛ فمثلاً تسمّى بالضمان الاجتماعي في كل من أستراليا، وفنلندا، وفرنسا، وألمانيا، والسويد، والولايات المتحدة الأمريكية، و بصندوق الادخار المركزي في سنغافورة، و بالرعاية الاجتماعية في نيوزيلندا، والتأمين الوطني في المملكة المتحدة، وبوكالة الضمان الاجتماعي في جنوب إفريقيا، وبالبرامج الاجتماعية في كندا، وبنظام الضمان الاجتماعي الوطني في اندونيسيا، وبنظام الضمان الاجتماعي في الفلبين، وبمؤسسة الضمان الاجتماعي في إيران.
بقلم: عمر دغوغي الإدريسي مدير مكتب صنعاء نيوز بالمملكة المغربية