حُكومَة ابو القاسم

خميس, 06/18/2020 - 02:00
محمود الجاف

أبو القاسم الطنبوري : هو احد التُجار الذين عاشوا في بغداد وكان يتَّسمُ بالبُخل رغم غِناه . كانت مصيبته مع حذائه الذي كاد أن يُفقدهُ عقلهُ كما يجري لنا الان مع حكوماتنا . فقد اصبح لعنة عليه لأنه كلما تمزق جزءا منه قام بترقيعه وخياطته ومع مُرور الوقت أصبح ثقيلا مُتعِبا بشكل كبير . مثلما تفعل امريكا وايران مع الدُمى القابعَة في المَنطقة الغبراء بالضَبط . فهُم الان ثِقالٌ على نُفوسنا وقُلوبنا كالصخور الجاثمة على الصُدور . ويَبدو ان دار السلام على موعد مع شهرزاد وحكايات جديدة رغم اننا مهما كتبنا لن تَمتلِئ صفحات التاريخ لأن بغداد هي مُلتقى الحضارات ومركز الصراع العالمي وبَوابَة الدُخول الى الامتين العَربية والاسلامية . صراعٌ كبيرٌ بينَ الخَير والشَر غلفوه بإطار الدين الجديد الذي تمَت صياغتهُ في اقبية المُخابرات المُظلمة للصهيونية العالمية وجَهزوهُ في مَعابد المَجوس . وجاءوا بأفكار الخُميني الدجال المَليئة بالظُلم والقَهر والاباحية ومَنَحوها القُدسية ثُم سَرقوا من خلالها كُل شَيء ...

الطَنبوري عابهُ أصحابه وأصرّوا على أن يتخلص من حذائه فرماهُ في مرمى القمامة . وكان قد اشترى مِسكاً رائعاً ثمينا وضعهُ في زُجاجات فائقة الجَمال اخفاها في الغُرفة وخرج لبعض شأنه . ومن سوء حظه ان رجلا رأى حذاءهُ مُلقى بجانب النفايات فقال : سأردهُ إليه . ولما قرع الباب ولم يُجيبهُ احد . وكانت النافذة مفتوحة قذفهُ مِنها فكسر الزجاجات وإنسكَبَ مافيها ... وحينَ عاد ابو القاسم إلى البيت وشاهدَ الحذاء جُنَّ جنونهُ وقرر ان يَرميه في النَهر . في ذات الوقت كان هنالك صياداً قد ألقى شباكهُ فعلق بها وعندما وجدهُ قال : لابد أن أعيدهُ إليه . وقد فعل ... فرماه هذه المرة في الحش (المجاري بلغة عصرنا) وعاد إلى بيته . وبعد مُرور يومان طفحَت على الطريق حتى آذت الناس ( مثل صخرة عبعوب ) فأتوا بعمال التنظيف فوجدوا الحذاء فرفعوا أمره إلى القاضي فحبسهُ وجلدهُ وأعادهُ إليه . فقال : ليس هُناك حل إلا دفنه . وفي ساعة مُتأخرة من الليل أخذ يحفر قرب جدار . فسمع الناس الصوت فظنوا أنه سارق يُريد نقبهُ فأبلغوا الشرطة وجائوا فوجدوه . سألوهُ عن السبب ؟

قال : لأدفن الحذاء . ولان عذرهُ غير مُقنع رفع أمرهُ إلى القاضي الذي جلدهُ وسجنهُ ايضا وأعادهُ إليه ...

فقرر الذهاب إلى الحمَّام العام وتركهُ هناك وعاد إلى بيته . وصادف وجود الامير الذي غَضب عندما عرف ان حذاءهُ سُرِق . وتساءل من الفاعل ؟

قالوا : ننتظر وصاحب آخر حذاء هو الجاني فلم يبق إلا حذاءه الذي عرفهُ الناس ومُباشرة الى المحكمة والتهمة ( 4 ) ارهاب وقبل ان يطرق الباب غرّمه الحاكم قيمة الحذاء وجُلده واعادهُ اليه وقال له : خذه ياحَبَّاب . وأخيراً قرر ان يذهب إلى الصحراء ويدفنهُ . ولكنهُ فوجىء بالحرس يأخذونهُ الى القاضي وقالوا له : عثرنا على المُجرم . ثُم تبينَ انهُم كانوا قد وَجدوا رجلاً مقتولاً تحته كيساً من الذهب في هذا المكان فقالوا : إن القاتل لابد أن يعود فاختبوا وراقبوا حتى جاء . أقسم لهم الأيمان أنهُ لم يقتل أحدا وأقام الشُهود والبينات والحُجَج ولكنهُم ثقبوا ارجلهُ بالدريلات واطفئوا اعقاب السكائر في جسده . ومع الذُلِ والتَهديد والوعيد اعترف على الجَريمة وكُل مَقتول جَديد ؟

لكن في النهاية ثبتَت براءتهُ وأطلق سراحهُ بعد تأديبه ودفعه المَزيد من الدفاتر فقال للقاضي : يا سيدي اكتب صكاً بيني وبينَ هذا الحذاء أني بريءٌ منه فقد أفقرني وفعل بي الأفاعيل وجعل نهاري عذابا وليلي طويل حتى بلَلَت دُموعي هذا المنديل . وصار مضرب المثل لما يعسر التخلص منهُ فيقال مثل حذاء الطنبوري .

ولكون حالنا يُشبهُ حاله اقترح ان نكتب صكا نُعلنُ فيه براءتنا من هؤلاء السياسيين او نفعل كما فعل الزعيم السوفيتي نيكيتا خروتشوف عندما نزع حذاءهُ وضرب به على منبر الجمعية العامة للأمم المُتحدة مُتوعدًا ومُهددا الدول الإمبريالية او مثلما فعل مُنتظر الزيدي عندما ضرب بوش والمالكي بفردتي حذاءه .

اما انتم ايها السياسيين فانا اعتقد ان نهايتكُم ستكون احذية يرتديها الناس مثل جورج باروت . الذي كان رئيس عصابة عام 1878 م وبعد أن قام بعملية فاشلة للسطو على قطار استطاع الهرب مما جعل العمدة ومُساعدهُ يُطاردونهُ حتى وصلوا اليه لكنهُ قتلهُم . رُصدت على اثر ذلك مُكافأة وصلت قيمتها إلى ثلاثين ألف دولار لكنهُ كان دائمًا يهرُب قبل القبض عليه .

وفي احدى الليالي الوردية التي تشبه حفلات ( ابو مازن ) تناول الخمر حتى فقد صوابهُ فالقي القبض عليه . وحُكم عليه بالإعدام لكنه حاول الهُروب من السجن وكاد أن ينجح . وعندما علم الأهالي إقتحموا سجنهُ وأخذوهُ إلى الميدان العام واعدموه . بعدها تكفل بالجثة طبيب يُدعى أوزبورن لأنه كان يُريد اثبات أن الجماجم الخاصة بالمُجرمين تختلف تشريحيًا عن بقية الناس لذا قام بقطع جُمجمته وأعطى الجزء العلوي منها إلى مُساعدته التي كانَت تبلُغ منَ العُمر حينها خَمسة عشر عامًا ثم عمل من جلد وجه باروت قناع لعيد الهالوين والباقي صنعَ منهُ حذاء !

نعم . قام أحد صانعي الأحذية بعمل حذاء لهُ مع الحقيبة الطبية التي يستخدمها في عمله أما باقي الأشلاء فقد وضعها داخل برميل وغطاها بالملح ...

والسؤال المهم الان هو : اذا كان قتلَ اثنان فقط وسرَق القليل من المال وكان هذا مصيرهُ فما الذي يستحقهُ حُكامَنا الان ؟

لقد دخلوا طريقا لن يعودوا عنه ابدا وفي الحالتين انتهَت حياتهم . اما بالقلق والخَوف والتَرقُّب من النهاية المأساوية التي يَتوَقعونها ويعرفوها جيدا او بالموت بالشكل الذي لن نرى شبيها له . وفي الحاليتين سيلعنهُم التاريخ ...

واخيرا لاتفرحوا بالكاظمي لأنهُ يشبه المالكي وعادل والعبادي فجميعهم ينتمون الى ذات النادي ويسوقنا الى نفس الوادي .

ولن يُحرر بلادي الا القائد الذي يُمكنهُ ان يُعيد السُنَّة والشيعَة والاكرادِ عراقيو الهوية وحينئذ سينتصر في هذه القضية ...

محمود الجاف

Share

أخبار موريتانيا

أنباء دولية

ثقافة وفن

منوعات وطرائف