حقوق الإنسان و التكافل الاجتماعي أية علاقة جزء 1

أربعاء, 10/07/2020 - 21:07

عندما سقطت «الشمولية - الشيوعية»، ارتفع صوت «الليبرالية- الرأسمالية»، زاعمة أنها هي «نهاية التاريخ»، وأن «صراع الحضارات» هو السبيل إلى فرض وعولمة نموذجها على العالمين.

لكن المشهد «الاقتصادي - الاجتماعي» العالمي لهذه «الليبرالية- الرأسمالية» قد غذى مخيفاً في مظالمه المتوحشة، إلى الحد الذي دفع ويدفع قطاعات حتى من أنصار هذه «الليبرالية  الرأسمالية» إلى البحث عن «طريق ثالث» - غير الشيوعية والرأسمالية-لكنهم يلتمسونه طريقاً «رأسماليا معدلا».

 ولم يفكر أي منهم في الانعطاف نحو فلسفة الإسلام في الثروات والأموال، ونموذجه في العدل والتكـافـل والمساواة وحقوق الإنسان.

وإذا كانت الماركسية وشيوعيتها قد سبق في ثلث الإنسانية روح المبادرة والخلق والإبداع، فضلا عن محاربتها للتدين ومطاردتها للإيمان، فإن الرأسمالية المتوحشة قد وضعت كل الإنسانية في «مأساة عبثية» لا أعتقد أن لها نظيراً في التاريخ.

وبسبب تركيز الثروات، ومن ثم الاستهلاك المترف، في يد القلة، تركز الفقر وانعدام القوة الشرائية في جانب الكثرة الكثرة ،الأمر الذي جعل رأس لمال العالمي ينصرف عن الاستثمار الإنتاجي والتجاري والخدمي إلى السمسرة والمقامرات والمضاربات وصناعة السلاح وتجارة المخدرات ، فلقد بلغ حجم الأموال السائلة الهائمة في المضاربات 100 تريليون دولار، بينما تقلص حجم الأموال الموظفة في الإنتاج والتجارة إلى 3،5 تريليون.

ونفس المشهد البائس والمتوحش نجده في نسبة ما ينفق – من الاقتصاد العالمي-على الدمار والترف إلى نسبة ما ينفق على ضرورات وحاجات الناس.

و 870 بليون دولار هي حجم الإنفاق على التسلح. 

و400 بليون دولار هي حجم الإنفاق عل المخدرات.

و105 بليون دولار وهي حجم الإنفاق على الخمور في أوربا وحدها.

و67 بليون دولار هي حجم الإنفاق على القطط والكلاب المنزلية في أوربا وأمريكا وحدهما.

بينما لا يزيد ما ينفق على التعليم في العالم كله عن 6 بليون دولار! وما ينفق على التغذية والصحة معاً لا يتعدى 13 بليونا! أي أن ما ينفق على التسلح والمخدرات والخمور والقطط والكلاب هو 1442 بليون دولار وما ينفق على كل من التعليم والتغذية والصحة لا يتعدى 19 بليونا فقط لا غير.

وهذا الخلل الفاحش، في التملك  وفي الاستهلاك وفي الإنفاق، قد أدى إلى ذات الخلل الفـاحش في توظيف طـاقـات العلم الكوني المعاصر، فـ 90% من علماء العالم يعمل أغلبهم –بشكل مباشر أو غير  مباشر- في صناعة السلاح والدمار  بينما لا يعمل في العلم النافع- بمختلف ميادينه- سوى 10% من العلماء.

ولم يقف هذا الخلل الفـاحش عند هذه المعالم الكـالحة في توحشها  وإنما انعكس في صورة نزيف «الديون وفوائدها الفاحشة» لحساب القلة الغنية، وعلى حساب 80% من سكان العالم-القاطنين في الجنوب-فالشركات متعددة الجنسية تقترض الدولارات من أغنياء «وال ستريت» بفائدة 6% وتقرضها بفائدة تتراوح بين 20% إلى 50% لفقراء الجنوب  حتى غدت صادرات الفقراء- 80% من سكان العالم-لا تكاد تفي بسداد فوائد الديون وخدمتها وليس سداد نفس الديون!  وفي دول أفريقيا جنوب الصحراء يخصص لسداد فوائد الــديون أربعة أضعاف ما يخصص للصحة والتعليم...يتبع

بقلم: عمر دغوغي الإدريسي مدير مكتب صنعاء نيوز بالمملكة المغربية.

Share

أخبار موريتانيا

أنباء دولية

ثقافة وفن

منوعات وطرائف