هل (تذيب) تحقيقات الشرطة (ملح) تقرير لجنة التحقيق البرلمانية؟

أحد, 11/01/2020 - 00:00

منذو إحالة تقرير اللجنة التحقيق البرلمانية إلى الشرطة كثرت التساؤلات حول سبب استغراق التحقيقات هذه الفترة الزمنية الطويلة. حيث لا تزال تتواصل عمليات استجواب المشمولين في تقرير لجنة البرلمانية حول مزاعم فساد حصلت خلال فترة حكم الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز وسط حديث عن سعي بغض الأطراف لإخراج بعض المشمولين وتبرئتهم قبل تسليم الملف إلى القضاء.

فقد ذكرت مصادر ثقة نقلا عن مصادر إعلامية أن التحقيق الابتدائي التي تجريه وكالة الجمهورية حاليا حول التقرير البرلماني المثير قد ألغيت منه عشرات الملفات.

وأضافت المصادر أن التحقيق الابتدائي ألغى الملفات لأسباب قانونية بعضها يتعلق بالتقادم والثاني نسبته لأخطاء إدارية بسيطة يرجع تصحيحها للإدارة.

ومن ضمن الملفات التي تم إلغاؤها بسبب التقادم (أكثر من خمس سنوات):

عقارات الدولة (مدرسة الشرطة؛ الملعب الاولمبي؛ ابلوكات). وملف شركة الصيد الصينية بولي هوندونغ. وصفقات الإنارة الشمسية، صفقة مطار ام التونسي، ملف شركة سونمكس، ملف خيرية اسنيم

هذا بالإضافة إلى كل الصفقات السابقة لقانون محاربة الفساد الصادر 2016 إذ لا أثر رجعي في القانون كما تمت التوصل لاتفاق مع شركة الحاويات وفقا لتلك المصادر الإعلامية.

مصادر إعلامية أخرى كشفت عن استدعاء رجل الأعمال محمد عبد الله ولد إياهَ المقرب على عدة أصعد من الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، المصادر التي سربت الخبر تفيد بأن ولد ياهي مرتبط بعلاقات مالية مع ولد عبد العزيز مثل البقية الذين تم استدعاؤهم،

وقد نفى رجل الأعمال محمد عبد الله ولد إياها خلال استجوابه من قبل شرطة الجرائم الاقتصادية وجود أي علاقة أو شراكة مالية له مع الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز ، فيما يشبه التبرأ منه.

وقال مصدر تحدث لبعض وسائل الاعلام أن المعني تحمل كامل المسؤولية في جلب شركة "هونغ دونغ" الصينية التي تضمنتها ملفات التحقيق البرلماني واستمعت الشرطة لولد إياها أزيد من أربع ساعات ركزت خلالها على علاقاته المالية مع ولد عبد العزيز ، والتي نفاها.

في نفس الأثناء تم استدعاء أفيل ولد اللهاه وهو الذي قيل كثيرا إنه يمثل واجهة ولد عبد العزيز في الكثير من المؤسسات والصفقات والعمولات حسب ما تواتر حول علاقة عزيز وإبن خالته إفيل .وتثير هذه الإستدعاءات تساؤلات عديدة ،حول مسار هذا الملف وكيف لم يتم تحويله للقضاء.

ففي الوقت الذي يشكك البعض في مصداقية التحقيق الذي تقوم به الشرطة وتمططه وتمدده وكأنها تريد أن تصل لشيء محدد، يرى البعض الآخر إن كثافة المعلومات التي يحصل عليها المحققون وأهميتها تفرض عليهم الاستمرار في التحقيق وعدم غلق التحقيقات وتحويل الملف للقضاء وأن هذا المسار سيجعل الملف يمتد لفترة أطول . والجدير بالذكر أن الرأي العام يولي أهمية قصوى لهذا الملف ويترتب عليه الكثير من المواقف من النظام الحالي معتبرا أن هذا المسار هو الضمان المستقبلي ضد الإستبداد الذين اكتووا بناره العقود السابقة وبصفة أساسية فترة محمد ولد عبد العزيز ،وأن العدالة وحدها هي من يجب أن تقول كلمتها في هذه القضية ،ويعولون على الإرادة السياسية في الاستمرار في توفير الحماية لمؤسسات الدولة من خلال من خلال التأكيد على فصل السلطات .

على صعيد ذي صلة استقبل رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزوانى بحر الأسبوع الماضي وزير الخارجية الأسبق، والسفير المستقيل اسلكو ولد أحمد أزدبيه، بعد ثلاثة أشهر من استقالته من منصبه، بعد استهدافه من قبل لجنة التحقيق البرلمانية، والاستماع إليه من قبل شرطة الجرائم الاقتصادية.

ولم يعلن القصر أو السفير عن تفاصيل اللقاء، بيد أن الوزير السابق اسلكو ولد أحمد أزدبيه ظل يطرح بإلحاح ضرورة تجاوز الرئيس الحالى محمد ولد الشيخ الغزوانى للأزمة الأخيرة، والدخول فى حوار مع صديقه السابق محمد ولد عبد العزيز، من أجل تعزيز المنظومة التنفيذية الحاكمة،  غير أن مصادر جديرة بالثقة أكدت إن الرئيس محمد ولد الشيخ الغزوانى طلب لقاء الوزير اسلكو ولد أحمد أزدبيه قبل عشرة أيام، ومع تجديد الديوان طلبه، زار ولد إزيد بيه الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز بمنزله بنواكشوط الغربية، وأبلغه الطلب الذى تلقاه من قبل الرئيس ومعسكره للرئيس السابق، وهو ما فسر على أنه سعي معين في مسار تطورات جديدة في الملف الشائك الذي أفضى إلى ملاحقة ولد عبد العزيز وعدد كبير من وزرائه بتهم فساد.

وزير الشباب السابق محمد ولد جبريل المقرب من الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز نفى وجود أي وساطة بين ولد عبد العزيز وصديقه الرئيس ولد الشيخ الغزواني قائلا إن ولد عبد العزيز يتعرض منذ سنة لما سماه حملة تشهير وظلم ومضايقات وحرمان من كافة حقوقه من طرف أجهزة الدولة في خرق سافر للدستور و لقوانين الجمهورية في إطار تصفية حسابات سياسية بعد إعلانه عن موقفه من ما أصبح يعرف "بالمرجعية" على حد تعبيره.

وأضاف بيان نشره مساء الخميس الماضي (رغم كل ذلك لم يطلب قط أية وساطة، لقناعته الراسخة بأن الحل يكمن في الاحترام الحرفي للحقوق الأساسية المحصنة دستوريا وللمساطر القانونية ذات الصلة).

يشار إلى التقرير النهائي الذي سلم للبرلمان قبل ثلاثة أشهر تضمن الملحق السابع في التقرير طلب احالة قائمة من سبعة وثلاثين شخصية الى القضاء في ملف صفقة الميناء (وصفقات اخرى) من ضمنهم الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز ووزيره الأول يحي ولد حدمين، والوزراء السابقون المختار ولد اجاي، محمد ولد عبد الفتاح، محمد عبد الله ولد اوداعة، جا ملل، وغيرهم، بالاضافة الى المدير العام لصوملك  احمد سالم ولد احمد الملقب لمرخى ورصدت اللجنة فى تقريرها اقدام شركة ARISE على ادخال مساهمين  جدد بدون موافقة الطرف الموريتاني، وهو ما يتعارض مع قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص  الذي هو المرجع القانوني للاتفاقية وهو ما يمكن أن يكون له عواقب اقتصادية واجتماعية خطيرة على البلاد.

وفى الجانب المالي ايضا، أشار تقرير اللجنة الى ان مبلغ 390 مليون دولار الوارد فى الاتفاقية على انه المبلغ الذي ستنفقه الشركة فى بناء رصيف الحاويات ومنحها فترة 30 سنة من الاستغلال لاسترداده مع الأرباح هو مبلغ مبالغ فيه كثيرا.

واستندت اللجنة الى دراسة أعدها المدير الفني لميناء الصداقة قدر فيها كلفة بناء وتشغيل الرصيف بِما لا تتجاوز  290 مليون أوقية قديمة، وهو ما يعني زيادة مبلغ 100 مليون دولار من طرف اريز.

وذهب تقرير اللجنة البرلمانية إلى إن جلسات الاستماع التي أجرتها مع عدد من المسؤولين المشاركين فى مسار إعداد الصفقة وتدقيق مكاتب الخبرة  الدوليين  تبرز وقوع خروقات جسيمة تتطلب المتابعة الجنائية والعقوبات الإدارية للمسؤولين عن إعداد الصفقة من الجانب الموريتاني، وعلى الحكومة اتخاذ التدابير  اللازمة فى حق مسؤولين محددين وإدارات محددة فى التقرير.

كما أن الملاحظات الأخرى التي لوحظت على المستوى المالي والتقني تشير بوضوح إلى الإهمال غير المفهوم والانتهاكات الجسيمة، والتي قد تكون لها دوافع إجرامية وبالتالي يجب تقديم المسؤولين عنها إلى العدالة لإجراء التحقيقات الإضافية اللازمة، من أجل تحديد المسؤوليات وفرض العقوبات المناسبة عند الاقتضاء.

ايضا يمكن أن تؤدي جميع الملاحظات  الواردة في ملف صفقة الميناء إلى مسؤوليات سياسية خطيرة قد تقود إلى عقوبات أخلاقية وسياسية كبيرة.

واشارت  اللجنة فى تقريرها الى ان صفقة رصيف الحاويات مثيرة للريبة والشك من الوهلة الاولى بسبب التسريع غير لمفهوم لاجراءات إتمامها. فقد كانت البداية مع زيارة قام بها الى موريتانيا السيد مهيت اكروال، الذي سيُصبِح فيما بعد المدير العام لشركة اريز موريتانيا، والتقى وزير النقل والوزير الاول فى يناير 2018 ومباشرة بِعد تلك اللقاءات تم تسريع جميع الاجراءات الإدارية المتعلقة بالصفقة.

كما  تضمن التقرير  الاشتباه فى وجود علاقة بين الشريك الأجنبي  والأطراف الآخري فى القطاع العمومي خصوصا الوزارة الاولى، وزارة الاقتصاد والمالية، وزارة النقل ووزارة النفط والطاقة.

كشف التقرير كذلك وجود تناقضات صارخة في التسلسل الزمني لبعض الإجراء.

 

نقلا عن جريدة العرب الأسبوعية ملف العدد رقم(43)

 

Share

أخبار موريتانيا

أنباء دولية

ثقافة وفن

منوعات وطرائف