المعروف إن المُقصِر يكون محرجاً أمام من تسبب لهم بالألم، وهذا شيءٌ ثابت عِند من يتمتع أصلاً بضمير حيّ، ويكون تَقصيره بسيط ويمكن تجاوزه، فما بالكم إن كان تقصير السعودية بِحق ضيوف الرحمن وحجيج بيتهِ الحرام، وتسبب بأستشهاد المئات منهم!
حادثة منى، وما تبعها من حادثة سقوط الرافعة في مسجد الرسول (صلى الله عليهِ وأله)، كانتا أكثر حادثتين أذىً في موسم الحج السابق، وكانَ من الممكن جداً أن تتسببا بحرجٍ كبير للبلد المُضيف، لكن السعودية لم تملك ذاك الضمير الذي يخجل من أخطاءه..
فبعد الحادثة التي راحَ ضحيتها المئات، ومنهم من لم يُعرف مصيرهُ إلى الآن، وباتَ في خانة الوفيات دون جُثة ودلائل، أفتعلت السعودية مشاكل كُبرى معَ إيران، فمنعت حجيجهم من أداء ركن الحج المُثبت في الإسلام، وكأنهم يملكون خيار منع أداء الفريضة التي أقرّها الله سبحانه!
فحجاج بيت الله الحرام، لم يكن بينهم هذا العام إيراني واحد من داخل الجمهورية الإسلامية، معَ ذلك أنتشرت الأخبار الموثقة بتعرض كثير من الحُجاج للمضايقات المتعمدة والمقصودة، من قبل نظام آل سعود، والمفارقة اللافتة إن جميع من تعرضوا للإساءة هم من أتباع أهل البيت (عليهم السلام).
وعلى ما يبدو إن المملكة لا تريد أستثمار هذا الحدث الديني الهام، لحلحلة المشاكل السياسية معَ الدول الإسلامية، فعلى العكس من ذلك؛ بدأت بأستغلال موسم الحج لتطبيع سياستها سيئة الصيت في المنطقة، متناسين أنهم يتعاملون معَ ضيوف الرحمن، وكأنهم يعيدون للذاكرة منع الرسول (صلوات الله عليهِ وأله) من زيارة بيت الله الحرام أول سنوات الدعوة.
إن الحج ليسَ مفهوماً سياسياً او دينياً طارئاً على الأمة ليتم التعامل معهُ بهذه الكيفية، بل هو ركن مهم من أركان الإسلام، تم إقرارهُ بنصوص قرآنية واضحة وصريحة، ما يعني إن السعودية تعارض نصاً قرآنياً بفعلتها هذه، سواءٌ كانت تدري أو لا تدري فهو أمرٌ جلل.
هذه الأفعال من شأنها تعميق الفجوة بين البلدان الإسلامية، خاصةً تلك المؤثِرة في المنطقة، وتزيد من أحتمالية إذكاء الصِراع المذهبي، الذي أرادوه أن يشتعل مِراراً وتكراراً، لولا حرص القيادة الشيعية على قطع فتيل الفتنة، وما كانت وقفات وإشارات السيد السيستاني (دام ظله الوارف) إلا لقطع الطريق أمام هذه المحاولات.
وعلى العكس من ذلك، تنتهج كل المراقد الدينية في العراق وسوريا وإيران، نهج الإعتدال والسلوك القويم، وترحب بكل الزائرين بدون الرجوع لجنسياتهم ومذاهبهم وخلفياتهم الفكرية والإعتقادية، فبيوت الله لهُ وحده سبحانهُ وتعالى أسمه، لا يحق لِأحدٍ أن يضع شروطه المسبقّة لدخولها، فما بالكم إن كان البعض يستخدمها لأغراضهِ السياسية!