الجهوية الموسعة بين المركزية ولا مركزية الجزء -2-

اثنين, 12/28/2020 - 19:35

وبالعكس فإنه عندما تناط بعضو مُهِمَّة بالنسبة لجزء من ساكنة الجماعة

أي جزء فقط من أفرادها فهذا لا يعتبر مركزية. أي أن القضية تكمن في مركز

قرار واحد أو المجموعة مراكز قرار وهذا يدفعنا لنقول، مجموعة مراكز قرار

تعني بالضرورة أن هذه المجموعات تَعْنَى بمشاكلها الخاصة بها وبقضاياها المحلية

أي وجود قضايا محلية تُبرز وتُعطي المشروعية لوجود هيئة تسير قضايا هذه

المجموعة التي يجب أن تكون نتيجة إرادة الأشخاص الذين تهمهم هذه القضية

أي منبثقة من انتخاب لهم وليس تعييناً من فوق مما يجعل الوصاية الفوقية على

هؤلاء الأشخاص منعدمة لأنهم غير مُعَيَّنين من طرف السلطة المركزية ولا توجد

بالتالي رقابة تسلسلية على الأشخاص فالأمر يتعلق بلامركزية السلطة بالأساس

وليس لامركزية الأنشطة

اللامركزية لها محاسنها وهي أداة تمكن المواطن من تسيير وإدارة مشاكله

(groupe) بنفسه شريطة ألا يضر هذا التنظيم للامركزية ويهدد وجود المجموعة

نفسها.

نعود ونكرر بإنه عندما يكون المجتمع هو الأمة فإن المركزية تهدف إلى

الاحتفاظ للدولة بسلطة القرار وتدبير الحياة الاجتماعية وتخصيص ما تبقى من

اختصاصات غير مهمة لأجهزة لامركزية متعددة والتي تجد اختصاصاتها محدودة

بالمقارنة ما تتمتع به الدولة من أجل تأمين وحدة الأمة. إذن يتعلق الأمر أساساً

بظاهرة سياسية تهدف إلى توزيع السلطة بين الدولة وباقي مكون المجتمع.

وعليه، يجب أن نميز بين هذه الظاهرة وأخرى تنحو نفس المنحى ولكن تتمدد

خارج منطقة التأثير والنفوذ السياسي. هذه الظاهرة الثانية هي تطوعية بالأساس

لكن تستمر بطريقة منهجية وفق خطة قَبَلية وهو ما يعرف بالأعراف والتقاليد

التي تمس العلاقة الجدلية بين سلوك الفرد والجماعة. في حين أن اللامركزية

والمركزية يتكاملان وبصفة عفوية لأنهما ينبثقان من المجموعة نفسها مثلا بسبب الانتماء العرقي، اللغوي، الثقافي أو حتى الإيديولوجي حيث انه إما أن ينتج عن

ذلك تمركز أو تنوع.

ما دام لا processus الدولة لا تتدخل في سيرورة هذا المسلسل أو النسق

يهدد امتيازاتها وحقوقها. عكس ذلك، كلما كانت الوحدة الوطنية أو المصلحة

العامة مهددة فإن الدولة تبادر بالتصرف في كل ما يتعلق بالحياة الاجتماعية في

هذا المجال أي خارج منطقة الحريات الفردية والجماعية المحلية وبالتالي فإن

الدولة تتدخل كفاعل سياسي وتقوم بترتيب المجال إما عن طريق المركزية أو

اللامركزية.

هذه الظاهرة تتجلى خلال تاريخ الأمم بما فيها المغرب حيث أن المركزية

كانت هي الأساس بعد ذلك بدأت قبضة السلطة المركزية تتلاشى تدريجيا في

اتجاه اللامركزية.

في واقع الأمر كل أمة تتكون أساسا بتجمع مختلف التجمعات

( القرى،المدن، الولايات) تحت سلطة مركزية التي تميل دائما لتوسيع رقعتها

وذلك لتأمين هيمنتها الوطنية ولعل تفوق المدينة التي تختارها هذه السلطة

السياسية كعاصمة لإدارة دواليب الدولة تترجم هذه الهيمنة. ولقد أشار إلى ذلك

ابن خلدون في مقدمته لاسيما من الفصل الأول من الكتاب الأول المتعلق بالعمران

البشري.

إلا أن هذه الهيمنة مع مرور الوقت بدت للجميع مستحيلة وبالتالي

كانت هنالك عملية تدريجية للتخفيف من هذه الهيمنة عن طريق اللامركزية بل

هناك من تحول من دولة أحادية مركزية إلى دولة فيدراليه ولعل المثال المعاصر

هو تحول البرازيل من دولة مركزية إلى دولة فيدرالية بواسطة العقد الإضافي

سنة 1834 l’Acte Additionnel... يتبع

بقلم: عمر دغوغي الإدريسي مدير مكتب صنعاء نيوز بالمملكة المغربية.  

 

Share

أخبار موريتانيا

أنباء دولية

ثقافة وفن

منوعات وطرائف