تكشف حصيلة الإصابات بفيروس كورونا في موريتانيا خلال النصف الأول من شهر يناير الجاري، عن تزايد حصيلة الإصابات مجهولة المصدر، أو ما يعرف بالعدوى المجتمعية.
ويطرح الارتفاع الكبير للنسب التي تظهرها الحصيلة، تساؤلات عن مدى استجابة الإجراءات الاحترازية لمساعي الحكومة نحو تطويق الوباء، الذي عرفت البلاد موجته الثانية بشكل أكثر حدة ابتداء من مطلع دجمبر الماضي.
86,3% مجهولة المصدر
بالعودة إلى تقارير وزارة الصحة فقد تم في الفترة ما بين 31 دجمبر و15 يناير تسجيل 1599 إصابة جديدة، كانت 1380 منها مجهولة المصدر، وهو ما يمثل نسبة 86,3%.
وشهد فاتح يناير تسجيل أعلى حصيلة للإصابات خلال هذه الفترة إذ بلغت 217 إصابة، وأعلى حصيلة للإصابات مجهولة المصدر 191.
كما تم تسجيل حصيلة مرتفعة لهذه الإصابات التي تؤشر إلى انتشار صامت للوباء في المجتمع، بلغت 130 في الثامن يناير و118 يوم السادس، و101 يوم الخامس، و100 يوم السادس.
وفي باقي أيام النصف الأول من يناير تم تسجيل حصيلة يومية أقل من 100 إصابة مجهولة المصدر، لكنها تجاوزت في بعض الأحيان %90 من حصيلة الإصابات المسلجة في تلك الأيام.
إجراءات أقل حدة
سرعان ما اتخذت الحكومة سلسلة من الإجراءات الاحترازية مطلع دجمبر، كان من أولها تعليق الدراسة الذي تم تمديده أكثر من مرة، إضافة إلى فرض حظر التجول الليلي وتعليق صلاة الجمعة والجماعة وإطلاق حملات توعوية بالأماكن العامة.
إلا أن هذه الإجراءات كانت أقل حدة من التي تم اتخاذها في الموجة الأولى ابتداء مارس الماضي، والتي وصلت إلى حد وقف الحركة بين الولايات، كما أن تعليق الدراسة في الموجة الثانية استمر لنحو شهر فقط.
وعكست تصريحات رسمية عدة مراعاة الحكومة للظروف الاقتصادية للسكان في تأجيل موعد بدء حظر التجول حتى الثامنة مساء بدلا من السادسة.
ويرى مراقبون أن السلطات الصحية، وأمام الحصيلة المرتفعة لإصابات العدوى المجتمعية، باتت على قناعة بتفشي الوباء خلال أشهر ما بعد إعادة فتح حركة المرور بين الولايات، ما يجعل الإجراءات الجديدة أقل جدوائية في مواجهته بعد أن بات خارج السيطرة.
في موضوع متصل توصلت دراسة بريطانية أجريت على عاملين في مجال الرعاية الصحية إلى أن من أصيبوا بكوفيد-19 يتمتعون على الأرجح بمناعة من المرض لمدة خمسة أشهر على الأقل، لكن هناك أدلة على أن من يحملون أجساما مضادة ربما يحملون الفيروس وينشرونه.
وأظهرت النتائج الأولية التي توصل إليها العلماء في هيئة الصحة العامة في إنجلترا أن من النادر أن يصاب بالفيروس حاملو الأجسام المضادة نتيجة عدوى سابقة، إذ حدثت الإصابة الثانية لدى 44 فقط من بين 6614 شخصا أصيبوا بالفيروس وشملتهم الدراسة.
لكن الخبراء حذروا من أن النتائج تعني أن الذين أصيبوا بالمرض في الموجة الأولى من الجائحة في الشهور الأولى من عام 2020 قد يكونون الآن عرضة للإصابة به مرة أخرى.
كما حذروا من أن من يتمتعون "بالمناعة الطبيعية" المكتسبة نتيجة الإصابة بالعدوى ربما يحملون الفيروس في الأنف والحلق وبالتالي يمكنهم نشر العدوى.
وذكرت سوزان هوبكنز كبيرة المستشارين الطبيين في هيئة الصحة العامة في إنجلترا التي شاركت في قيادة فريق الدراسة "نعرف الآن أن معظم من أصيبوا بالفيروس وطوروا أجساما مضادة يتمتعون بالحماية من الإصابة مرة أخرى، لكنها ليست حماية مطلقة ولا نعرف حتى الآن مدة هذه الحماية".
وجاء في بيان بشأن الدراسة أن نتائجها لا تتناول الأجسام المضادة أو الاستجابات المناعية الأخرى للقاحات كوفيد-19 الجاري طرحها الآن أو فاعلية اللقاحات. وذكر البيان أنه سيتم بحث مسألة الاستجابة للقاحات في وقت لاحق هذا العام.
وتشمل الدراسة عشرات الآلاف من العاملين في مجال الرعاية الصحية في بريطانيا الذين خضعوا لفحوص منتظمة منذ يونيو حزيران للكشف عما إذا كانوا أصيبوا بكوفيد-19 من جديد وكذلك ما إذا كانوا يحملون أجساما مضادة.
نقلا عن جريدة العرب العدد رقم51