
وصفت صحيفة (لي سولي) السينغالية الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني بأنه "رجل ذو أسلوب ملفت للانتباه ، يطمئن مواطنيه وجيرانه".
وقالت الصحيفة في عدد من يوميتها خصصته للشأن الموريتاني، إن الرئيس غزواني يقود البلاد "بمنهجية تطبعها اللباقة وبحس غير عادي من الإصغاء والانفتاح، كما يعمل على رسم خطوط "موريتانيا الجديدة"؛ حيث تساهم جميع شرائح الأمة، دون حصر، في تنمية بلدهم. مذكرة بأن الإجراءات المتخذة، بعد سبعة عشر شهراً فقط من انتخابه، تبعث على الاطمئنان.
وذكرت الصحيفة أنه في موريتانيا، كان العام 2019 نهاية حقبة! ومع انتخاب غزواني، بدأت رياح الأمل تهب في هذا البلد واصفة انتخابه بأنه كان في حد ذاته تاريخيا، وفي وقت كانت فيه رغبة الموريتانيين في التغيير قوية جدا، ومنذ ذلك الحين، أعطت أفعاله الأولى مصداقية لتعهداته، وفق تعبير الصحيفة.
وفي الميدان السياسي شددت الصحيفة على أن الجو تغير بلا شك، مذكرة بمقولة الرئيس "سأظل منفتحاً على الطيف السياسي بأكمله، طوال فترة ولايتي، مع العلم أن موريتانيا تحتاجنا جميعا، أغلبية ومعارضة".
وعزت الصحيفة لمراقبي المشهد الموريتاني، أن غزواني أوفى بوعده، مشيرين إلى أنه لأول مرة منذ سنوات، التقى الجميع تحت سقف رئاسة الجمهورية.
واسترسلت الصحيفة "لقد رأينا في قصر الرئاسة أحمد ولد داداه عن التكتل، ومحمد ولد مولود عن اتحاد قوى التقدم ،بيرام الده عبيد عن مبادرة (إيرا)، رئيس الوزراء السابق سيدي محمد ولد بوبكر، وزعيم المعارضة إبراهيم ولد البكاي عن تواصل، مسعود ولد بوخير عن التحالف ومحمد ولد امين، عن التحالف الوطني من أجل الديمقراطية وعبد السلام حرمه عن الصواب.
الصحيفة السنغالية أشادت بجو التناوب، وعودة التهدئة بين الأطراف السياسية مذكرة بجو القطيعة بين السلطة والمعارضة قبل ظهور النظام الجديد، مشددة على أنه كاد أن يؤدي للانفصال.
وفي معرض حديثها عن الهدوء السياسي عزت الصحيفة للقيادي المعارض محمد جميل ولد منصور، أنه حدث انفتاح قوي على المعارضة. مضيفا أن "المؤشرات التي أعطتها السلطة الجديدة تدل على أنها يمكن أن تكون مشجعة. وبالتالي يجب أن تمنح الوقت".
ونوهت الصحيفة بتخفيف التصعيد من قبل بيرام الداه عبيد مع السلطة، وتصريحاته أنه يريد "مناخا سلميا" بين المعارضة والحكومة وأنه "سيكون على استعداد لإيجاد أرضية مشتركة من أجل تحسين المناخ السياسي والسماح للمعسكر الحاكم والمعارضة بالجلوس حول طاولة واحدة"، يقول الرجل الذي كان في صراع شرس مع النظام القديم.
وشددت الصحيفة السينغالية على القول : "باختصار، من الإنصاف القول إن محمد ولد الشيخ الغزواني قد أيد منذ انتخابه مقالة المفكر الفرنسي مورين: "إن المنهج الصحيح للديمقراطية هو تغذية الآراء المتنوعة والمعادية، وبالتالي فإن المبدأ الديمقراطي يفرض على كل واحد احترام الأفكار المعارضة له".
الصحيفة ذكرت أنه من أجل خلق مناخ هادئ ، فإن غزواني يسجل بلا شك نقاطاً. ويجمع جميع المراقبين على الاعتراف بأن التغيير حقيقي، بما في ذلك نائب الأمين العام السابق للأمم المتحدة أحمدو ولد عبد الله، الذي كان متحفظا جدا. وهو يعتقد أن موريتانيا بحاجة إلى مساحة سياسية سلمية لبناء بلد على مفترق الطرق بين الـ 2000.
وعزت الصحيفة لرجل الأعمال موري غييتا سيسي بأن غزواني "يتمتع بصفات مناسبة لمنصبه نظراً لتعليمه وثقافته وخبرته المهنية إضافة لرتبتة العسكرية كما أنه يتمتع بثقة المواطنين؛ بسبب تراكم الخبرة لديه، مضيفا أن "إبرام اتفاق بين مختلف الجهات السياسية الفاعلة والمجتمع المدني، ينم عن أهمية السلم الاجتماعي و"التعايش الاجتماعي"، لديه لأنه الوسيلة الوحيدة التي يمكن أن تعزز التنمية الاقتصادية والاجتماعية في موريتانيا.
وعرجت الصحيفة في وصفها لرئيس الجمهوية إلى أنه "رجل بسيط" وأن السياسة ليست هي الشاغل الوحيد لديه، بل إن اهتمامه منصب على تحقيق المساواة بين المواطنين، مضيفة أنه في نفس الوقت يتمتع بإرادة قوية يمكنها أن تحدث الفرق، حيث يعمل على إحداث المساواة بين المناطق الريفية والحضرية وانتشال أغلبية السكان من الفقر من خلال إنشاء (الوكالة الوطنية للتضامن الوطني ومكافحة الإقصاء) وإلحاقها برئاسة الجمهورية.
كما تم التركيز على قطاعات مثل التعليم والصحة والإبداع والابتكار والبيئة والسلامة مذكرة بأنه على الرغم من مرور سنة وستة أشهر فقط على الحكم، إلا أن التغيير وسلسلة عمليات إعادة هيكلة المؤسسات العامة ، قد أثار التفاؤل.
وأشادت الصحيفة بإصلاح النظام التعليمي. وإنشاء ثلاثة وزارات مسؤولة عن التعليم والعمل على إنشاء المدرسة الجمهورية مضيفة أن الهدف من ذلك هو القضاء على الغبن.
وعزت الصحيفة لوزير التشغيل والشباب والرياضة الطالب ولد سيد أحمد أن الرئيس بصدد إحداث تحول قوي في البلاد مضيفا أنه يدرك أن قوة المؤسسات تكمن في استقرار النظام السياسي والقضاء على التفاوت.
وثمنت الصحيفة العلاقات الموريتانية "الدافئة" مع دول الجوار، ومع دولة السينغال بشكل خاص، منوهة بخطاب غزواني في "منتدى داكار للسلم والأمن" وبأول مقابلة له منذ انتخابه مع صحيفة "لي سولي" السنغالية. في فبراير 2020، وبدعوته لنظيره السنغالي لزيارة موريتانيا.
ونوهت الصحيفة بالعلاقات الضاربة في عمق التاريخ التي تجمع موريتانيا والسينغال ، مضيفة أنه مع تولي محمد ولد الشيخ الغزوانى مقاليد الحكم أصبحت "دافئة". حيث أعطى "رجل موريتانيا القوي الجديد" إشارات قوية على ذلك في مجال صيد الأسماك، بعد أن ألغى جميع الغرامات المفروضة على صيادي "سانت لويس" بعد احتجاجاتهم العنيفة، إضافة لتعزيز تعاون البلدين فى الصيد والتعدين والطاقة وتصدير المواشي من خلال توقيع ست اتفاقيات خلال زيارة ماكى سال لموريتانيا .
كما ثمنت الصحيفة الزيارة التي قام بها الرئيس غزواني للنيجر، حليفة البلاد في مجموعة دول الساحل الخمس، فيما خلصت إلى القول بأن : (موريتانيا وضعت أيضا على جدول أعمالها تعزيز العلاقات مع كافة الجيران المغاربيين).
بدأت سلسة من الاجتماعات وسط سرية تامة
شخصيات نافذة خلال حكم الرئيس السابق ولد عبد العزيز تستعد لتشكيل جبهة مناوئة للنظام
قالت مصادر خاصة أشخصيات كانت داعمة للرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني من المقربين للرئيس السابق ولد عبد العزيز تجري حاليا مشاورات في العاصمة نواكشوط بغية تشكيل تيار مناوئ للنظام بعد سنة ونص من الانسجام المعلن بينه ومجمل الطيف السياسي.
وأضافت المصادر أن التشكيلة الجديدة تضم مسؤولين كبار في النظام السابق وبعض (المعارضين الموالين الجدد)
وأكد المصدر أن التنسيق بين أعضاء التيار الجديد يأتي في سرية كبيرة، حيث يتفادى قادته الاجتماع بأكثر من شخص أو شخصين.
وأشارت المصادر الى أن هذه الشخصيات يمكن أن تشكل معادلة صعبة في المشهد السياسي في حال تم الاتفاق بين قادتها نظرا للنفوذ السياسي الذي كانت تتمتع به .
وسبق للشرطة أن بدأت قبل أشهر تعميق التحقيق في الملف الذي يتابعه الرأي العام المحلي بترقب خاصة بعد تأكيد نتائج التحقيق البرلماني أن حقبة الرئيس ولد عبد العزيز شهدت العديد من المخالفات في ميدان الصفقات العمومية التي وصفها التقرير البرلماني ب"الجسيمة".
وسادت موجة من الشك الأوساط السياسية والحزبية عقب توزير أحد المشمولين بالملف الذي ورد اسمه في تحقيقات البرلمان بيد أن وزير العدل الموريتاني محمد محمود بيه قال قبل أسابيع خلال جلسة برلمانية إنه ليس لدى السلطات العليا في البلاد أي "نية" لوقف مسار التحقيق وأن القضاء سيقول كلمته في الملف باستقلالية تامة حسب تعبيره.
وقبل شهر اتهم موالون للنظام الحاكم في موريتانيا الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز بتسريب سلسلة مكالمات بين شخصيات هامة في نظام الرئيس الغزواني، سعياً منه، حسب متهميه «لتحويل قضيته من قضية فساد مالي إلى قضية سياسية.
ونشر مدونون محسوبون على الرئيس السابق تهديدات بنشر تسريبات لمكالمات أخرى أكثر خطورة، وهو ما جعل قضية التسريبات تثير جدلاً كبيراً بين من يعتبرها مكالمات لا قيمة لها ومن يرى أن وراءها من يتوفر على بنك من المكالمات المحرجة التي ستفجر قنبلة فضائح إذا هي نشرت على العموم.
وشملت المكالمات المسربة مهاتفات شخصية بين رجل الأعمال الشهير محمد ولد بوعماتو والسيناتور السابق محمد ولد غدة وهما معارضان شرسان للرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز ومواليان حالياً للرئيس الغزواني.
ومن ضمن المكالمات المسربة مهاتفة بين رئيس الوزراء السابق اسغير ولد مبارك، والمدير العام لوكالة تشغيل الشباب بيت الله ولد أحمد لسود، وهما مواليان للنظام القائم.
واستهدفت المكالمات، حسب تأكيدات لفنيين مختصين، التشويش على تقرير لجنة التحقيق البرلمانية الذي حققت فيه شرطة الجرائم المالية والذي يؤكد تورط الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز وعدد من أعوانه وأقربائه في قضايا فساد مالي بالغة الخطورة.
واعتبر متابعون للمشهد أن عمليةَ تسريبِ المحادثات والاتصالات بِغَضِ النظر عن مُنفذِها أو المُستَهدَفِ منها، أسلوبٌ وفِعلٌ غيرُ أخلاقي، يُفقدُ مرتكِبَه ثِقةَ الآخرين، ويَنقصُ رصيدَه من المِصداقية والأمانة، بينما اعتبر آخرون تتبعوا التسريبَ ونَشرَوه على نطاقٍ واسع، أن المسألة طبيعية في ظل وجود شخصيات عامة تتحكم في المشهد؛ مشددين على أن من حق الجمهور الاطلاع على مواقفها غير المعلنة وما يدور بينها في الخفاء.
البعض قال إن التسريبات فارغة من أي محتوى يحرج أصحابها أو يدينهم تدل على أن ولد عبد العزيز كان يتنصت على مكالمات الناس ويجمعها عله يجد فيها شيئاً، وهو لم يجد غير هذه المكالمات التي لا تفيده في شيء وتدل أيضاً على أن يديه فارغة مما يدافع به عن نفسه أو يحرج به خصومه.
نقلا عن جريدة العرب الاسبوعية العدد رقم 53

