مما لا شك فيه أن عملاق الاقتصاد الوطني شركة اسنيم؛ تلعب دورا لا نظير له على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، سواء بتوظيفها لكم بشري كبير بشكل دائم وشبه دائم، وتوفير خدمات السكن في الأحياء السكنية التابعة لها في مدينتي النشاط المنجمي الخالص – ازويرات- والاقتصادي البحت –انواذيبو- هذا بالإضافة إلى الإسهام الطبي الكبير والتربوي والسياحي.. إلخ، لكن هل بلغت اسنيم بذلك شأو الغاية؟
وهل كان بالإمكان أكثر مما كان؟، أم أن اسنيم تعدى نداها حدود التموقع وتجاوز مداها حاجز التوقع؟
إن الحديث عن عملاق الاقتصاد الوطني اسنيم لا يحتاج وجودا مسبقا داخل أسوارها ولا يلزم له سابق انتظام في ورش الإنتاج فيها؛ لأن الأرقام تتحدث والإحصائيات منشورة، والمقارنات لا تستوجب خبرة حصرية في كبد المجال.
إن المتتبع للشأن الوطني عموما، الواقف على عتبة الجانب الاقتصادي منه من زاوية اسنيم؛ لن يستطيع الحديث عن هذه الطفرة الحالية في الأرباح التي مؤداها طبعا الارتفاع العالمي لأسعار الحديد، وهي منحة ربانية لا ترتبط بعبقرية ولا تخطيط، ولا حظوة أونقيض؛ قبل أن يتوقف مع الطفرة الماضية، تحديدا في الفترة ما بين 2009 -2013 التي قفز فيها خام الحديد من 60 دولارا للطن إلى 187 دولارا للطن، وظل محافظا بعد ذلك على ارتفاع فوق عتبة 100 دولار، وكانت حصيلة ذلك 4 مليارات دولار، وهي بالحساب البسيط تعادل آنذاك ميزانية الجمهورية الإسلامية الموريتانية ثلاث مرات!، أيعقل أن تمر هذه الموارد دون أن تترك الأثر المنتظر على المواطن، ودون تغيير كبير في حال الشركة؟، بل الأدهى أنها بعد ذلك مباشرة انحنت جدا إلى حفرة الإفلاس!، وتقاسم تسعة رهط ما كان بالإمكان أن يكون مصدر ثراء ونماء لوطن، ومنبع رفاه لكل مواطن!!.
إن طفرة الأرباح الحالية التي أعلن عنها الإداري المدير العام للشركة مؤكدا أنها تجاوزت 213 مليار أوقية خلال سنة 2020 لوحدها؛ والتي تُضاف إلى الأرباح التي أعلنها سلفه الإداري السابق والتي تجاوزت عتبة 105 مليار أوقية لسنة 2019، فيما يمثل زيادة الضعف خلال سنتين متتاليتين لحري بها أن تُغير المشهد العام، ليس لشركة اسنيم وحدها، وليس نفعا يختص به عمالها أو حيزها الجغرافي مهما كان العد والعدد، وأيا تكن قيمة المنحة وطبيعة العطاء، الأمر ينبغي أن يتجاوز ذلك حتى يزيل نداه تشققات شمامة، ويُحيِي أشجار هضبة لعصابة؛ بعد أن يروي عطش تيرس زمور وداخلت انواذيبو.
نُثمن عاليا توزيع رواتب إضافية؛ كما أعلن عنه، ووصل نصف سنة للعمال أصحاب الدرجات البسيطة أولا، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، لكننا نُذكر أن سقف الطموح أكبر بكثير مما كان ونؤكد أنه مازال بالإمكان أكثر بكثير مما كان.. فمثلا لماذا لا نجد عملاق الاقتصاد الوطني بعد هذه الطفرات المتتالية في ميادين أخرى في ذات مجال الاختصاص (التعدين) أو في غيره، لماذا لا نرى اسنيم تستثمر في استخراج ذهبنا بدل تازيازت أو إلى جانبها على الأقل؟ ونفس السؤال يُطرح مع -أم سي أم- وغيرها، أليست اسنيم قادرة على ذلك؟ أليست لها خبرة كبيرة في مجال البحث والتنقيب؟ ألا تملك أرقاما عالمية وموارد وخبرة تجيب على كل تساؤل وتزيد الحيرة في آن واحد؟!.
لماذا لا تتدخل اسنيم عن طريق خَيْرِيتها في مجالات أكثر من مجال تدخلها التقليدي؟؛ فمثلا لماذا لا يكون لها إسهام في مجال البناء والتعمير من خلال بناء وحدات سكنية لموظفي الدولة خاصة في مدينة ازويرات وانواذيبو مثلا واقتطاع قيمة ذلك على أقساط مرتبة زمنيا؟، وفي هذه الجزئية بالذات يلتصق عار عدم قدرة موظفي قطاع التعليم في انواذيبو -إلى الآن- على بناء القطع الأرضية التي وزعت عليهم وقبلهم من طاله التوزيع من القطاعات الأخرى!!.
علينا أن ندرك جميعا أن ما قامت به اسنيم مع إيجابيته وسبقه وطنيا؛ مهم جدا، لكنه لا يكفي البتة؛ بل يذكرنا بحال كل مواطن، ويجعلنا نُطلق بحناجر صداحة؛ أن اسنيم في مجال الاقتصاد والتأثير على المستوى الوطني؛ هي الضليع الذي لا يجزئه سير الظالع.
بقلم/ عثمان جدو