يأتي عيد العمال العالمي في الأول من ايار للعام الثاني على التوالي في ظروف استثنائية تنعكس آثارها على الطبقة العاملة الفلسطينية على نحو يثقل كاهلها ، خاصة وهي تجابه خطرين محدقين لا يقل تهديد أحدهما عن الآخر خطرا على واقع الحياة ، التي يعيشها العمال الفلسطينيون ، وهما خطر استمرار انتشار وباء فيروس كورونا وخطر استمرار وتصاعد النشاط الاستيطاني المتواصل في الضفة الغربية بما فيها القدس المحتلة وفي الاغوار الفلسطينية ومناطق شمال البحر الميت في ظل عجز دولي واضح وتواطؤ عربي رسمي يعبر عن نفسه بعمليات التطبيع الجارية بين عدد من الانظمة العربية ودولة الاحتلال الاسرائيلي . ويقف مستقبل نضالنا الوطني في مثل هذه الظروف الاستثنائية على مفترق طرق . وفي مناسبة كهذه يقف من هو في اليسار وفي صف الحركة العمالية والنقابية في موقع الدفاع عن حقوق ومصالح العمال في مواجهة ما يتعرضون من مخاطر سواء مخااطر الانقطاع عن العمل كإجراء وقائي للحماية المجتمعية من انتشار الوباء وخاصة في قطاع غزة المحاصر وفي موقع الدفاع عن العمال وما يتعرضون له من ظلم واستغلال على أيدي أرباب العمل سواء كان الظرف عاديا ام استثنائيا . وعلى كل حال فإن هذا هو الطبيعي والمتعارف عليه في أوساط الحركة العمالية والنقابية .
ومع استمرار حالة الطوارئ في الأراضي الفلسطينية تبقى الكثير من الاسئلة تطرح نفسها بشأن آثار ذلك على مختلف الطبقات والفئات الاجتماعية وخاصة على العمال الفلسطينيين سواء العاملين منهم في المشاريع الاسرائيلية داخل اسرائيل او في المستوطنات أو العاملين في المشاريع الفلسطينية في القطاع الخاص ، خاصة مع استمرار الارتفاع في معدلات البطالة نتيجة قيود العمل في المشاريع الاسرائيلية أو نتيجة أعمال التسريح في القطاع الخاص الفلسطيني في ظل اهمال واضح مزدوج سواء من وزارة العمل او من اتحاد نقابات عمال فلسطين وعدم الاهتمام بالبحث عن حلول مقبولة تمنع التدهور الحاد في مستويات معيشة جماهير العمال . ومن تجربة العام الماضي فإن ما سمي باتفاق أطراف الإنتاج الثلاثة وهي وزارة العمل والاتحاد العام لنقابات العمال والمجلس التنسيقي للقطاع الخاص بإلزام أصحاب العمل الذين توقف عمل منشآتهم بفعل حالة الطوارئ ، بدفع الأُجور بنسبة 50% وبما لا يقل عن 1000 شيقل ، على أن يدفع المتبقي من الأجر بعد انتهاء الأزمة لم يجر الالتزام به على كل حال رغم كونه مجحفا بحقوق العمال ويتعارض مع نص المادة 38 من قانون العمل الفلسطيني ، والتي تؤكد على أن عقد العمل لا ينتهي في حالة صدور قرار إداري أو قضائي بإغلاق المنشأة أو وقف نشاطها مؤقتاً لمدة لا تزيد عن شهرين . كما إن صندوق الطوارئ ، الذي تم التوافق عليه لمعالجة الآثار الناتجة عن حالة الطوارئ ، تعثر ولم يقدم الحلول المتوقعة من غرض إنشائه ، الأمر الذي من شأنه ان يفاقم من الضائقة المعيشية التي يمر بها العمال الفلسطينيون سواء العاملون منهم في المشاريع الاسرائيلية او اولئك العاملين في المشاريع الوطنبة .
وقد أثر انتشار الوباء وفقا لبيانات جهاز الاحصاء المركزي الفلسطيني على الاقتصاد الفلسطيني بشكل كبير وخاصة ugn سوق العمل ، وكان أثره الأكبر على الفئات الضعيفة والأكثر انكشافاً كالنساء حيث انخفض عدد النساء العاملات في القطاع الخاص من 109 آلاف عاملة عام 2019 الى حوالي 98 ألف عام 2020. وكذلك كان حال المستخدمين بأجر في القطاع الخاص الذين يعملون دون عقد عمل والعاملون في القطاع غير المنظم ؛ الذين يبلغ عددهم نحو 410 ألف عامل منهم 373 ألف عامل من الذكور مقابل نحو 37 ألف من الإناث ، وحال العاملين عمالة غير منظمة والذين تبلغ نسبتهم حوالي 62% من مجمل العاملين والشباب (19-29 سنة) كونهم الأكثر معاناة من البطالة ؛ حيث بلغ معدل البطالة بين الشباب حوالي 39% (24% في الضفة الغربية و67% في قطاع غزة)، كما أن الشباب الخريجين الذين لديهم مؤهل علمي دبلوم متوسط فأعلى هم الأكثر معاناة من البطالة بين الشباب حيث بلغ معدل البطالة بينهم نحو 54% (36% في الضفة الغربية و79% في قطاع غزة). مما ادى الى انخفاض عدد العاملين في السوق المحلي من 877 ألف عامل في عام 2019 الى 830 ألف عامل في عام 2020، كما انخفض عدد العاملين في المشاريع الاسرائيلية داخل الخط الاخضر وفي المستعمرات من حوالي 133 ألف عامل في عام 2019 الى 125 ألف عامل في عام 2020
وعلى اية حال وبصرف النظر عن تحديات اللحظة التي نعيشها ، فإن اقتصادنا الوطني يقف على مفترق طرق ، بفعل تعرضه لخطرين محدقين كذلك ، أولهما خطر انعكاس إجراءات وترتيبات الوقاية المجتمعية من تفشي وباء كورونا وما يترتب على ذلك من انقطاع مختلف فروعه ، بما فيها الانتاجية كالصناعة والزراعة والانشاءات أو ما يتعلق بقطاع المال والأعمال والتجارة والخدمات على اختلافها وخطر مواصلة الدوران في الحلقة المفرغة من التبعية للاقتصاد الاسرائيلي الذي يضع قيودا ثقيلة على فرص الانطلاق نحو افاق أرحب تفتح أمامه فرص التطور المستقل .
وفي هذه الظروف الاقتصادية والوطنية الصعبة التي نمر بها لا أجد من موقعي كيساري فلسطيني حرجاً في الدفاع عن الطبقة العاملة الفلسطينية وعن الصناعيين الفلسطينيين والصناعة الفلسطينية في آن. ليس في هذا أي إخلال في الالتزام الفكري أو الأيدولوجي ، الذي أحمله نحو الطبقة العاملة دون غيرها. صحيح أنني لا أنتمي إلى " حزب أو طبقة الرأسماليين والصناعيين "، بل إلى حزب يدافع بثبات عن حقوق ومصالح العمال وفقراء الفلاحين وسائر الكادحين ، غير أن ما وصلت إليه أوضاعنا المعيشية والاقتصادية على وجه التحديد يدفعني من الموقعين الوطني والطبقي لمحاولة التوفيق بين الدفاع عن حقوق ومصالح العمال والدفاع عن الصناعة الوطنية ، التي تدهورت أوضاعها على نحو مفزع ليس فقط بسبب سياسة الاحتلال بل وكذلك السياسة الخاطئة التي مارستها الحكومات المتعاقبة في السلطة الوطنية الفلسطينية.
هنالك ترابط واضح بين حالة التدهور التي تمر بها الصناعة الوطنية بشكل خاص والاقتصاد الوطني بمختلف فروعه وخاصة الانتاجية منها بشكل عام وحالة الاحباط والاحتقان التي تمر بها الطبقة العاملة الفلسطينية . الصناعة الوطنية صناعة بسيطة ، وهي في هيكلها الأساس صناعة تحويلية ، بعضها شق طريقه بصعوبة بالغة في ظل القيود والضغوط الهائلة لسياسة الاحتلال الاسرائيلي وفي ظل القيود التي كبلها بها اتفاق باريس الاقتصادي ، الذي تم التوقيع عليه مع حكومة إسرائيل عام 1994. سوق اقتصادية واحدة وغلاف جمركي واحد بين اقتصاد بسيط وآخر متطور تقوده ثورة العلوم والتكنولوجيا والاتصالات ، وضعت قيوداً وولدت ضغوطاً لا يمكن تجاهلها بانعكاساتها السلبية على أداء الاقتصاد الفلسطيني وتطور الصناعة الفلسطينية .
وعلى امتداد السنوات العشر الماضية عاش الاقتصاد الوطني فترات من الصعود والهبوط وشهد الناتج المحلي الاجمالي في فلسطين نموا بنسبة 3.5 % عام 2015 مقارنة مع تراجع بنسبة 0.2 % عام 2014 ، وكان الاقتصاد الفلسطيني قد شهد انتعاشا ملحوظا خلال الفترة 2010 – 2013 بلغ ذروته عام 2011 بمعدل نمو مرتفع ثم ما لبث ان انخفض بشكل حاد الى ان اصبح سالبا عام 2014 مع تفاوت بالضرورة في معدلات النمو بين الضفة الغربية وقطاع غزة لاعتبارات متعددة بعضها سالب يتصل بالحصار المفروض على قطاع غزة وبعضها موجب يتصل ايضا بتدفق مساعدات إعمار ما دمرته الالة الحربية الاسرائيلية في القطاع كذلك ، أما نصيب الفرد من الناتج المحلي الاجمالي في فلسطين ( الضفة + القطاع ) فبقي يراوح في حدود 1750 دولار صعودا وهبوطا ، مع الاخذ بعين الاعتبار بأن الحسابات تختلف إذا ما أخذنا الضفة الغربية وقطاع غزة كلا على حده وهو ما نجده أحيانا في حسابات المؤشرات الاقتصادية لدى بعض المختصين ومراكز البحث وحتى في حسابات جهاز الاحصاء المركزي الفلسطيني .
وبالنسبة للقطاعات الانتاجية فقد مرت بمراحل تطور شهد فيها كل من هيكل العمالة وهيكل الانتاج تراجعا على نحو واضح . فقد كانت حصة الزراعة في الناتج المحلي الاجمالي في سبعينات القرن الماضي تساوي 35 يالمئة ولكنها هبطت مطلع هذا القرن الى 9.5 بالمئة وواصلت عملية الهبوط الى ما هو دون ذلك بكثير ، وكان قطاع الزراعة يوفر العمل لنحو 39 % من العاملين في القطاع الخاص لتتراجع هذه النسبة على نحو مفزع بعد قيام السلطة لاعتبارات متعددة . فقد طال التغيير في هيكل العمالة القطاع الزراعي لإقبال العاملين في هذا القطاع على العمل في المشاريع الاسرائيلية من ناحية والعمل في الوظائف الحكومية للسلطة الوطنية من ناحية أخرى . وهكذا بدأ الاقتصاد الفلسطيني يعاني تشوهاً في تركيبته وبنيته ، حتى أصبح قطاع الخدمات يشكل حوالى 66% من إجمالي الناتج المحلي الاجمالي على حساب القطاعات الإنتاجية ، وقطاع الزراعة يشكل حوالى 3% والصناعة 13% والإنشاءات 8%، لنستنتج من ذلك أن بنية الاقتصاد الفلسطيني لم تعد مولدة للعمالة كون الجزء الأكبر منها يتركز في القطاعات غير الإنتاجية.
دون شك أخذت الأوضاع تتغير ودخل الاقتصاد الفلسطيني وفي المقدمة منه فروع الصناعة الوطنية رحلة تراجع كبير وتدهور مفزع بعد إعادة احتلال الجيش الإسرائيلي للمدن والقرى والمخيمات الفلسطينية في نيسان 2002 وما رافق ذلك لسنوات من سياسة الإغلاق والحصار وأوامر منع التجول وتدمير البنى التحتية . وفي الوقت نفسه كانت سياسة السلطة الفلسطينية سياسة عاجزة تماماً على كل صعيد ، فقد غاب عنها الاهتمام بأوضاع الاقتصاد الوطني وفروعه المختلفة وخاصةً قطاع الصناعة الوطنية ، فتدهورت أوضاعه خاصةً في أعقاب سياسة الانفتاح التجاري وما تولده من ضغوط تنافسية هائلة على المنتجات الوطنية ولم تتخذ في الوقت نفسه أية تدابير لحماية المنتج الوطني من منافسة المنتج الاسرائيلي الذي استمر يغزو الاسواق الفلسطينية بكثافة ، فانعكس ذلك بنتائج سلبية للغاية على المنشآت والورش الصناعية الوطنية. النتائج ظهرت واضحة وبسرعة ، فقد كان عدد المنشآت الصناعية عام 2000 نحو 3500 منشأة كانت تشغل نحو 40 ألف عامل ، ومع هذا الانفتاح وانتعاش الاقتصاد الطفيلي تراجع عدد هذه المنشآت إلى الثلث تقريباً وجرى بفعل ذلك إلقاء نحو 30 ألف عامل في سوق البطالة.
وفي ظل ذلك كانت معاناة العمال الفلسطينيين من سياسة وممارسات الاحتلال تتفاقم ، فالاحتلال ليس احتلالا عسكرياً وحسب بل هو الى جانب ذلك احتلال استيطاني. في المستوطنات ، التي اقامتها اسرائيل في الاراضي الفلسطينية المحتلة منذ حزيران 1967 ، بنى المستوطنون والمستثمرون الاسرائيليون مناطق صناعية وزارعية رأسمالية حديثة نسبيا ، تعتمد على العمالة الفلسطينية . في هذه المشاريع التي اقيمت على اراضي المواطنين الفلسطينيين يمارس أرباب العمل الاضطهاد والاستغلال بأبشع صورة ضد العمالة الفلسطينية . وفقط قبل سنوات قليلة وبعد معركة قضائية تواصلت 14 عاماً في المحاكم الاسرائيلية اعترفت المحكمة العليا الاسرائيلية بانطباق قانون العمل الاسرائيلي على العمال الفلسطينيين الذين يعملون بصورة رسمية في هذه المشاريع ، وبما يشمل الحقوق الاجتماعية والحد الادنى للأجور ومستحقات العطل السنوية والإجازات المرضية والأعياد ومخصصات التقاعد . ورغم ذلك لم يتغير الشيء الكثير على أوضاع هؤلاء العمال ، الذين يقبلون بالقليل حفاظاَ على مكان العمل ومصدر الدخل في مواجهة منافسة شديدة في سوق العمل بفعل ارتفاع معدلات البطالة في سوق العمل الفلسطيني .
واذا كان هذا هو الحال مع عمالنا في ظل الاحتلال وسياساته وممارساته ، فما هو حال هؤلاء العمال في سوق العمل الفلسطيني وفي المشاريع الوطنية؟
بنظرة موضوعية للأمور ، لا أحد يستطيع أن يقلل من صعوبة وخطورة الاوضاع ، التي يمر بها الاقتصاد الوطني ويعمل في ظلها القطاع الخاص الفلسطيني. فالاقتصاد الوطني لا زال أسير اتفاق باريس الاقتصادي وأسير سياسة الحصار والإغلاق والخنق الاقتصادي ليس في قطاع غزه بل وكذلك في الضفة الغربية. والمعاناة التي يعيشها قطاع غزه لا حدود لها ويعجز عنها كل وصف. وقد تفاقمت الامور وتدهورت نحو الأسوأ بعد سيطرة حماس على القطاع حيث أصبح الاغلاق خانقاً الى درجة ترتب عليه انخفاض حاد في الصادرات كما في الواردات ، وتوقف عن العمل اكثر من ثلثي المنشآت الصناعية ، وتراجعت انتاجية ما تبقى منها الى حدود نصف طاقاتها الانتاجية .
معدلات الفقر ارتفعت على نحو حاد وكذلك معدلات البطالة وأصبح أكثر من 70 بالمئة من الاسر في القطاع يعيش تحت خط الفقر وكذلك هي الاوضاع التي يمر بها الاقتصاد الوطني في الضفة الغربية . هي افضل منها في قطاع غزه ، غير ان معدل البطالة مرتفع ومعدلات الفقر مرتفعة كذلك. وبالنسبة للقوى العاملة في القطاع الخاص ، فان نسبة المستخدمين ، الذين يعيشون تحت خط الفقر تحافظ على نفسها في أحسن الاحوال في ظروف الاستقرار النسبي وترتفع بشكل ملموس في ظروف التوتر وعدم الاستقرار .
وإذا ما استمرت الحكومات الفلسطينية تسير على نفس النهج في إدارة شؤون الاقتصاد الوطني وخاصة قطاعاته الانتاجية وقطاعاته الاخرى المولدة لفرص العمل ولو بقدر محدود ، فسوف لن يجد المواطن وخاصة العمال فسحة من أمل. إن المواطن يتساءل كم هي النسبة المئوية ، التي جرى تخصيصها من مجمل الموارد المالية المتاحة للسلطة الفلسطينية على امتداد سنوات سواء من العائدات الضريبية المختلفة او اموال الدول والجهات المانحة للاستثمار في التنمية للنهوض بأوضاع القطاع الخاص . الاجابة مفزعة حقاً ، حيث لم تتجاوز هذه النسبة حدود 5 بالمئة ، على امتداد هذه سنوات . أبعد من ذلك ، فقد مارست الحكومات الفلسطينية سياسة ساهمت في الحاق افدح الاضرار بقطاعات الاقتصاد الوطني الفلسطيني الصناعية والزراعية والخدماتية ، عندما فتحت الاسواق الوطنية لكل ما هو مستورد على حساب تشجيع المنتجات الوطنية وتوفير حد مقبول أو حد ادنى من متطلبات حمايتها .
نحن ندرك أن للقطاع الخاص دوره في التنمية ، وهو في ظروفنا دور حيوي وليس دوراً هامشياً وينبغي توفير متطلبات نهوضه بمسؤولياته ودوره على هذا الصعيد. وفي الوقت نفسه ندرك أنه ينبغي رفع الظلم عن العاملين في هذا القطاع من خلال احترام احكام قانون العمل الفلسطيني ، رغم ثغراته ونواقصه . وعلى الحكومة هنا ان تتدخل في اتجاهين رئيسيين : الاول الزام القطاع الخاص باحترام الحد ادنى للأجور في القطاع الخاص الذي تم التوافق عليه بين الشركاء الاجتماعيين ليقترب من معدل الاجور للعاملين في القطاع الحكومي وربط الاجور بجدول غلاء المعيشة وتعزيز هذه الخطوة بتقديم الدعم للسلع الاساسية التي تخفف من وطأة الارتفاع الفاحش في اسعارها على اوضاع الشرائح الاجتماعية الضعيفة ، والثاني الدفع في اتجاه التوافق الوطني على قانون للتأمينات الاجتماعية ومجلس وصندوق الضمان الاجتماعي بكل ما يترتب على ذلك من التزامات تؤديها الحكومة مثلما يؤديها اصحاب العمل والمستخدمون في القطاع الخاص ، لما لذلك من أثر بالغ في توفير الامن الوظيفي وأبسط متطلبات الحياة الانسانية الكريمة لهؤلاء المستخدمين وفي المقدمة منهم العمال
والى جانب هذا كله ينبغي الارتقاء بدور الحركة العمالية والنقابية الفلسطينية وتأهيلها للدفاع عن حقوق الطبقة العاملة وتنظيم دورها في النضال ضد الاحتلال وتعزيز صمودها وتطوير نضالها في مواجهة اتساع نطاق البطالة والفقر والعوز وتدهور مستويات المعيشة بفعل أدوات التحكم الاسرائيلية والاتفاقيات الظالمة والمجحفة ، التي تضع قيودا ثقيلة على تطور اقتصادنا الوطني ، وبفعل السياسة الحكومية وما يشوبها من خلل في توزيع اعباء الصمود في مواجهة هذه السياسة الاسرائيلية على مختلف طبقات الشعب وفئاته الاجتماعية المختلفة ، والى صون وحماية الحريات النقابية ، وتطوير قوانين للضمان الاجتماعي والتنظيم النقابي ، وبما يتناسب مع التشريعات والقوانين الدولية وجميع الاتفاقيات المعنول بها من منظمتي العمل العربية والدولية ، والتي أعلنت منظمة التحرير الفلسطينية والحكومة الفلسطينية التزامهما بها ، هذا الى جانب تفعيل الصندوق الوطني للتشغيل والحماية الاجتماعية ، بما يسهم في الحد من معدلات الفقر والبطالة في صفوف العمال ، وتطوير قانون العمل الفلسطيني من اجل توفير الحماية لحقوق العمال والعاملات في سوق العمل الفلسطيني. ، وإنشاء المحاكم العمالية المتخصصة لفض النزاعات العمالية وحلها بين العمال وأصحاب العمل بعيداً عن التسويف والمماطلة ، هذا الى جانب الحاجة الملحة للمساواة الكاملة في الاجور بين العمال والعاملات في المشاريع الخاصة ومحاربة السياسية التمييزية وجميع الانتهاكات التي تتعرض لها المرأة العاملة الفلسطينية والى تطبيق اتفاق الحد الأدنى للأجور لا سيما على النساء العاملات والزام جميع المؤسسات والشركات والمكاتب والعيادات وغيرها من أماكن العمل في القطاع الخاص بهذا الاتفاق ، والى رفع الظلم عن هؤلاء العاملين والعاملات وتحرير عشرات آلاف العاملين وخاصة من النساء من ظروف وشروط عمل هي اقرب الى السخرة والاستعباد.
بقلم : تيسير خالد
*** عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية
** عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين