قَبل أقلِ من شهرين، أعلنت الأمم المُتحدة عن نيّتها إدانة المملكة، وما أن تلقت تهديدات بقطع الرشوة المالية التي تُقدمها الآخيرة بحجة المساعدات، سحبت الأمم المتحدة إدانة المملكة بخصوص قتل أطفال اليمن، ونَطق حينها كفراً السيد “مون” حينما أكدّ وجود تلاعب في الموضوع، وإن في الأمرِ ريبة كافية لتضعهُ في خانة الخجل.
اليوم، تواجه المملكة الكونغرس الأمريكي، الذي يبدو إنهُ وصلَ حدَّ الإشباع من الرشاوى التي تُقدمها السعودية لأعضاءهِ، وعلى ما يبدو إن قرار إدانة السعودية أصبحَ واقعاً لا مفرَّ منه، من جهتهم أهالي الضحايا لا يمكن رشوتهم فهم ليسوا طالبي مال وشهرة، بقدر ما يريدون أن يقتصوا من الفاعل والمجرم حسب تصورهم.
إن المواجهة أصبحت حقيقية هذه المرة، الأمم المتحدة ستعود لتفتح ملف الإدانة من جديد، دول أخرى مثلَ بلجيكا قد تضغط بهذا الأتجاه، وحقيقية المواجهة تأتي من فقدان اسلوبنا الدبلوماسي الوحيد بريقه، ألا وهو الرشوة الدائمية التي نُقدمها لهم بدل أن نضعها بخدمة شعبنا وديننا ومعتقداتنا، خاصةً ونحن نريد تزعم العالم الإسلامي أيضاً بالرشوة!
تركنا كل شيء وراءنا في العدم، بدل الضمير الحي أشترينا ضمائر ميتة، كنا نعتقد إن العلاقة لا نهائية، وغيرنا ضحكَ من سخف وسذاجة تفكيرنا، وصفوا الغرب بأبشع الأوصاف، أو بالأوصاف التي تليق بهم على أقلِ تقدير، بينما أعتبرناهم أصدقاء وأحباء وشركاء، ليسَ لإنهم كذلك فعلاً، بل لإننا أعتقدنا إن المال كافٍ لشراء ذممهم إلى يوم القيامة..
أشتريناهم بمال البترول، وتناسينا يوم القيامة، صنعَ نظامنا من الشعب خدماً، ومن الشباب عبيد، ومن النساء جواري، فقط المقربون من النظام من يعتبر نفسهُ عبداً ملكاً، يخضع للأكبر منه، ويتملك كل ما هو أصغر منه، حتى أحلام الطفولة ومستقبل الشباب.
كلها بالرشوة، رشوة الفتوى أو رشوة المال، أو رشوة المناصب العالية، فتراكَ تشاهد في كل منصبٍ كبير عجلٌ أكبر، يحكم العلماء وأهل الأختصاص، وترى الجاهل يفتي، والأحمق يأمر، ذلك لإنهم قبلوا تعاطي الرشوة.
تعطلت ماكنة الرشوة السعودية، الحروب والغباء والتخبط والصراعات، حطمت محرك الماكنة القديمة، التي أسسها عبد العزيز وضيعها سلمان، فكانت أن تبدأ الحرب الطويلة ضد النظام الأغبى، خارجياً وداخلياً، ولا رشوة تنفع لهم بعدَ اليوم، لعنَ الله الراشي والمرتشي والرائش بينهما..
السعودية
عبد الحليم مناع