ما أود الإضاءة عليه في هذا المقال هو معاناة أسرانا البواسل، نسور الحرية من الأوضاع الصحية والكارثية التي يعيشونها خاصة الأسرى المرضى الذين تمنع عنهم سلطات الإحتلال العلاج الطبي وهو ما يعتبر بكافة الشرائع الدولية جريمة حرب بإمتياز كون تأمين العلاج لأي أسير هو حق من حقوقهم في كافة سجون العالم فكيف إذا كان ذلك بالنسبة لأسرانا البواسل والذي يحاول كيان الاحتلال الإجهاز عليهم دون رادع من ضمير أو انسانية فهو بكل الأحوال احتلال لا يعرف الإنسانية وينشر الإرهاب أينما حل ، بل هو مٌجرد من كل ما هو انساني ومايمت له بصله.
فالجرائم التي ارتكبتها وترتكبها إدارات سجون الإحتلال بحق أسرانا البواسل في تزايد مستمر خاصة وأن هذه الإنتهاكات ترقى لمستوى جرائم الحرب التي تُعاقب عليها محكمة الجنايات الدولية المختصة بجرائم الحروب وانتهاكات حقوق الإنسان كالممارسات التي تمارسها سلطات الإحتلال ضد شعبنا الفلسطيني بأسره.
وفي فلسطين المحتلة يرزح في سجون الإحتلال حسب آخر إحصائية قامت بها هيئة الأسرى والمحررين حتى نهاية شهر حزيران من العام 2021 نحو 4850 أسير وأسيرة موزعين على أكثر من 24 سجناً ومعتقلاً ومركز توقيف ، حيث يعاني نحو 1000 من أسرانا البواسل من أمرض مزمنة تفتك بهم ( كمرض السرطان وإصابات برصاص الاحتلال بالإضافة إلى خلل في وظائف الجسم وبتر الأطراف ) وجميع أسرانا يعانون من سياسية الإهمال الطبي المٌتعمد والتي ازادات في الفترة الأخيرة خاصة مع تفشي فيروس كورونا وإنتشار الوباء بين صفوف الأسرى مما سبب بنشر حالة من الذعر والقلق في أوساط الأسرى وذويهم بشكل خاص، وأن كيان الاحتلال عندما انتشر هذا الفيروس قبل عام ونصف العام، تأخر كثيراً في تقديم اللقاحات اللازمة للأسرى الأمر الذي أدى الى ظهور هذا الوباء على عدد كبير منهم جراء اختلاطهم مع سجانيهم من جانب ومن الأسرى الذين تعتقلهم دولة الاحتلال وهم مصابون بهذا الفيروس من جانب آخر، الأمر الذي نقل هذا الوباء للأسرى وظهرت مخاوف من تفشيه بين صفوفهم ، فعلى سبيل المثال، أصيب في “سجن جلبوع” الأسير المريض بالسرطان كمال أبو وعر، وقد تدهورت حالته الصحية حتى استشهد في العاشر من تشرين الثاني/نوفمبر 2020.
ومنذ شهر آذار/ مارس 2020 م، ومع إعلان حالة الطوارئ، أعلنت إدارة مصلحة السجون، جملة من الإجراءات، وفرضت قيود على عدة مستويات فيما يتعلق بعمل المحامين المدافعين عن الأسرى في المحاكم العسكرية والمدنية التابعة للإحتلال، إضافة إلى وقف زيارات عائلات الأسرى والمحامين، الأمر الذي وضع الأسرى فعلياً في عزل ومعاناة مضاعفة، وفاقم من صعوبة الظروف الإعتقالية وحِدتها، كما أقدمت على سحب أصناف عديدة من "الكانتينا"، وشملت أنواع من منظفات تعد من الضروريات في هذه المرحلة الصعبة التي تعصف بالعالم أجمع وبهم على وجه الخصوص .
واليوم تزداد المخاوف على الحركة الأسيرة من السلالات الجديدة ومن تأخر إدارات السجون بتوجيهات من سلطات الإحتلال لتأخير تقديم اللقاح لأسرانا لمواجهة هذا الوباء، الأمر الذي يتطلب من كل الجهات المعنية القيام بأوسع حملة على كافة الأصعدة المحلية والعالمية للضغط على كيان الإحتلال من أجل تقديم اللقاحات اللازمة والمضادة لهذا الوباء لأسرى الحرية الذين يعانون أوضاعاً سيئة للغاية من جميع جوانب الحياة الى جانب عمليات القمع التي تقوم بها وحدات القمع الاسرائيلية التابعة لإدارات السجون بين الحين والآخر لكسر إرادة الصمود لديهم .
فقد انعكس تأثير وباء كورونا على واقع أسرانا مُحدثاً تغييرات سلبية على كافة مناحي حياتهم داخل السجون والمعتقلات، فقد شلت الحركة تماماً بين أقسام الأسرى، وأوقفت إدارات السجون والمعتقلات نقليات الأسرى من ناحية أخرى، اتخذ الأسرى العديد من الإجراءات الوقائية للحد من تفشي الوباء، مثل عدم الاختلاط بينهم، أو مع “السجانين، وخياطة كمامات مما يتوفر لهم من ملابس معينة، وزيادة وتيرة التنظيفات بين الأقسام والغرف، باستخدام المواد التنظيفية، وقد أدى ذلك الأمر إلى زيادة مصروفاتهم الشخصية إضافة إلى ذلك، أوقفت زيارات أهالي الأسرى، وتعطلت خدمات البريد التي يحول أهالي الأسرى عبرها الأموال لأبنائهم ، مما تتسبب بضرر نفسي كبير لكافة الأسرى، وأحدث نقصاً حاداً في احتياجاتهم، خاصة الملابس التي تدخلها عائلاتهم في أوقات الزيارة، وكذلك الأموال لشراء احتياجاتهم من الكانتينا.
وأخيراُ نٌطالب في ظل هذه الظروف الاستثنائية، كيان الاحتلال وخاصة مصلحة السجون، السماح بزيارة المحامين والعائلات للأسرى في السجون، وزيادة تدابير الوقاية والسلامة في الزنازين وكل مرافق السجن، وإطلاق سراح الفئات التي تواجه الخطر الأكبر، خاصة كبار السن ومن يعانون من أمراض مزمنة قد تزيد من تهديد فيروس كورونا لصحتهم وحياتهم فالتحرك السريع من أجل انقاذ حياة الأسرى من هذا الوباء وهذه السلالات الجديدة هو واجب وطني واخلاقي علينا جميعاُ العمل على تحقيقه....
بقلم د. وسيم وني / مدير مركز رؤية للدراسات والأبحاث في لبنان