يشكلّ موقع قضاء الطارمية خصوصية وأهمية واضحة، فهو جغرافيا عند شمال العاصمة, ويتبع إداريًا لمحافظة بغداد، ويبعد حوالي 50 كم عن جنوب محافظة صلاح الدين، التي كان يتبع لها حتى عام 1997، يحدها نهر دجلة من الجنوب بين بعقوبة والتاجي والضلوعية، أما من الشمال فيحدها قضاء الدجيل، ومن الغرب الرمادي، أما من الشرق فتحدها ناحية الجديدة شرق نهر دجلة.
تبرز أهمية الطارمية لكونها، تربط بين أربع محافظات عراقية مهمة هي: ديالى والأنبار وبغداد وصلاح الدين، كما تعتبر الطارمية إحدى الأقضية الستة المحيطة بالعاصمة أو ما يُعرف بحزام بغداد..
يتألف قضاء الطارمية من ثلاث نواحٍ هي: المشاهدة والعبايجي ومركز القضاء.. وموقعه شكل سيفا ذو حدين، فهو مثل ممرا مهما للحركة الاقتصادية، بين شمال العراق والعاصمة وما بعدها من المحافظات الأخرى، وفي نفس الوقت منطقة زراعية مهمة, وهو كان ومازال يمثل حاضنة خطيرة ومهمة، للتنظيمات الإرهابية من مختلف الجنسيات.. وبقيت هذه المدينة تحدياً كبيراً للعاصمة, وفي نفس الوقت تُركت للظروف السياسية المعقدة التي تمر بها البلاد بعد عام 2003، ولحساسية المدينة وحتى لا تستغل الظروف طائفياً، لجأت الحكومة ولأكثر من مرة، إلى أسلوب الحوار والتهدئة والمصالحة مع عشائر القضاء، في محاولة للحد من الهجمات الإرهابية، التي كانت تقوم بها المجاميع الإرهابية، ضد القوى الأمنية والجيش العراقي، الذي كان يقوم بواجبه في الحفاظ على أمن القضاء، إلى جانب أن القضاء كان ولفترة طويلة، مكانا لتجمع الإرهابيين، لاستهداف مدينة بغداد بالمفخخات والأحزمة الناسفة ولأكثر من مرة .
الحكومة العراقية ومنذ 2003 استشعرت الخطر القادم من شمال بغداد ، فسعت مكررا لتنفيذ عمليات أستباقية، وذلك من أجل تطهير المدينة من بقايا داعش، ومحاولة تأمين المدينة، والتي تعد من المدن الاقتصادية المهمة، إذ تلقب الطارمية”سلة بغداد الغذائية”؛ وذلك لكثرة مزارعها وأراضيها الخصبة، ولوجود العديد من مزارع الدواجن وتربية الأسماك، بالإضافة إلى تربية المواشي والأغنام، التي تجعل الرعي ثاني أهم الحرف لسكانها بعد الزراعة، كما يوجد فيها مطاحن عديدة لإنتاج الطحين ومقر لشركة “نصر” للصناعات الفولاذية والمعدنية..
ما سبق جعل من الطارمية مدينة مكتفية بذاتها اقتصاديًا، وقادرة على الاستمرار اعتمادًا على، مصادرها الطبيعية وثرواتها الداخلية ، فصار من المهم تأمين القضاء، وتخليص أهله من العصابات الإجرامية، التي أخذت بالانتشار أكثر واكثر، سواءً على مستوى القضاء أو تأمين الطرق، المؤدية إلى مدينة بغداد وديالى والانبار .
يتفق كثير من المحللين أن الحكومة العراقية والقوى الأمنية بكافة تشكيلاتها, إضافة إلى الحشد الشعبي الذي اثبت جدارة، في اختراق وضرب الإرهاب وحاضناته أينما كان وحل, بحاجة ماسة لإعادة انتشار قواته في القضاء، وإجراء مسح كامل لسكانه من خلال قاعدة بيانات للسكان، إضافة إلى إجراء تقسيم افتراضي للقضاء على شكل مربعات، يرافق ما سبق إعداد خطة لتوزيع الكاميرات ونقاط المراقبة, والتي مهمتها متابعة تحركات العصابات الإرهابية والانقضاض عليها بسرعة، في مقابل ذلك العمل الجاد ومن كل تشكيلات السلطة المحلية في القضاء وإدارة البلدية, في تطوير وأعمار القضاء، وتوسيع شوارعها وتطوير بناها التحتية، وتقديم الخدمات الضرورية لسكانه، وبما يحقق الاستقرار، وتفويت الفرصة على هذه العصابات أن تستغل سكان القضاء او تهدد استقراره.. فقد أن الأوان لغلق نافذة الخطر، التي بقيت دوما محل قلق وتهديد للعاصمة، ولسكان القضاء وعشائره المسالمة.
محمد حسن الساعدي