ألإنتصارات في عالم الأحلام ؟

جمعة, 08/27/2021 - 23:26
 محمود الجاف

كان سيدنا يعقوب يقف على الجبل . ينظر الى ولده يوسف وهو في السهل مُحاطا بعشرة ذئاب . تألَّم لأنه شعر بالعجز عن انقاذه ولكن الارض انفرجت فجأة وغار فيها فتفرّقت عنه . كان ذلك في عالم الرؤيا . لهذا قال لأولاده (وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ) عندما ارادوا ان يأخذوه معهم في عالم الواقع ... أحيانا تأخذنا الاحلام الى عوالم مُختلفة . المُغيبون في المُعتقلات مثلا تُحلقُ ارواحهُم بعيدا عن اجسادهم في لقطات تُشبهُ لوحة فنية تُعبِّر عن الرغبات المكبوتة في أللا وعي؟

 

يقول إيريك فروم : ان الاحلام لُغة مَنسية نتشاركها مُنذُ القِدَم . انكبَّ عليها الفلاسفة قرونا عديدة في مُحاولة لتفسيرها . ودوَّنها ملوك بلاد ما بين النهرين على ألواح الشمع وبعد ألف عام وثقَ المصريون القدماء أكثر من مئة حُلُم . قد تكون ذات فائدة عظيمة في التعامل مع المُشكلات التي تتطلب حلولًا كما جرى مع عالم الرياضيات ( دون نيومان ) الذي كان يعتصر ذهنه بحثًا عن حل لمسألة تؤرقهُ وفي إحدى الليالي رأى في المنام أنه كان يفكر فيها وظهر صديقه ( جون ناش ) فجأة وأخبره عن الحل . وعندما استيقظ من نومه حولها إلى ورقة بحثية نُشرت في إحدى الدوريات العلمية .  وفي احلام اليقظة قد يلجأ الكثيرون إلى خيالهم كي يُحققوا إشباعاً لا يُمكنهُم تحقيقه في الواقع . عالما افتراضيا يُحقق آماله واهدافه في عقله الباطن . فالفقير يحلُم بالثراء والفاشل يتخيل الوصول إلى قمة المجد ... يلجأ معظم الناس إلى أحلام اليقظة أحيانًا ولكن الأسوياء سرعان ما يعودون إلى حياتهم الحقيقية . أما الاستغراق الشديد إلى درجة استنفاذ جزءا كبيرا من الطاقة النفسية فذلك يُؤدى الى الإسراف فيها بشكل عصابي مرَضي قد ينتهي إلى العجز عن التمييز بين الواقع والخيال .

 

غير أن الأحلام في احيان كثيرة قد تبدو غير مُترابطة بل تافهة .

 

تحققت الكثير من الامنيات والتفسيرات المنطقية وبعض الحلول وكُتبت المسرحيات والقصائد الشعرية في الاحلام . لكن لأول مرة نكتشف عند بعض العاجزين عن الرؤيا الدقيقة الواضحة احلام التحرير التي تكررت مُنذ 2003 ومازالوا ويبدو انهم باقون على هذا الحال . لان شراء الاسلحة والتدريب عليها في العالم الافتراضي وتشكيل التنظيمات والجبهات وقراءة البيانات وتقدم الجيوش وقتل العملاء والحصول على تعاون الحكام والملوك امر يسير جدا وقابل للتحقيق بسرعة . لا بل الادهى من ذلك هو انتظار المُساعدة من الذي استباح الارض والعِرض بعد ان قبَّل القَدم . وابدى الندم . على خطأهُ بحق الغَنم . حتى انهُم الان يبكون حُزنا على حال شعبنا وارضنا وثرواتنا التي سُرقت واولادنا الذين غُيبوا في غفلة من عقولنا التي نخرها الوهم . أيها السادة : ( نحن لسنا غنم )

 

كذلك حكام الامة الذين ساعدوا وتصالحوا وتعاونوا مع ملالي الشرك والظلام وقريبا يأخذون حصتهم من احزانكم ويُباركون وقوعنا تحت الاحتلال الصفوي الجديد الى ما شاء الله . النكسة الكبرى التي وقَّعوا عليها وسيؤكدونها في بغداد التي كانت عربية . لكنها تُردد الان تعويذات يزدجرد . فخورين بعقالهم الذي أستقر على جماجمهم المرفوعة بكبرياء فارغ بعد ان صَمّوا آذانهم عن انين المُسلمات اللواتي يعتليهنَّ الصفويون ليل نهار . بل اعتلوا رجالهنَّ واولادهنَّ قبلهنَّ على التُراب الذي كان عربيا طاهرا يوما من الايام ...

 

هل تعلمون ماذا جرى للمُهجرين والمُهاجرين ؟

 

لماذا لم تفتح لنا المملكة العربية السعودية او غيرها معسكرات مثل رفحاء . ولم تتلقفنا امريكا بصدرها الرحب وتمنحنا حنانها الديمقراطي الذي رأيناه على اصوله بعد الاحتلال ؟  ... لماذا لم يمنحنا حكام الامارات الاقامات الذهبية التي يهدونها الى العاهرات على اطباق شهواتهم الحيوانية ؟ ... تركوا العفيفات على طوابير الذل التي سقتهنَّ اياها دوائر الهجرة التي ترعاها الامم المنحدرة الى الرذيلة ... تلك الدوائر التي تتباكا على حقوق الحيوانات وتضحك على بني البشر ...

 

ان احدى اهم الاسباب التي ادت الى ما وصلنا اليه هي احلامكم . نعم احلامكم ايها المغفلون الغافلون وخيالكُم المريض واكاذيبكُم التي اختلطت مع مشاعر الحُب ونيران الشهوة التي أيقظت فيكُم الحماسة وبددت التعاسة ورفعت نسبة الشراسة وجعلت منكم نوابغ ومُفكرين وباحثين في عالم السياسة . واكثركم لايعرف ماهو الرشاش واين يقع ترباسه . العراق ليس افغانستان ونحن لسنا طالبان . اخطأ من قاسها هكذا . أو اخطأ مقياسه  ...

 

لم يخرج من بينهم صلاح الدين الايوبي الذي مرغ انوف الصليبيين في الوحل . ولا داست حوافر خيولهم كرامة المجوس في ذي قار والقادسيتين . لا احد في افغانستان أمر بإعادة بناء قصر نبوخذ نصر بعد مضي حوالي 80 عاما على تصوير فيلم ( لا تسامح ) الذي أخرجه عام 1916 الأميركي ديفد وارك غريفيث  وصور فيه بابل على أنها تجسيد لكل الشرور في العقل الأميركي  . لقد قدم مؤرخو الكتاب المقدس الوقود الذي جعل من العراق بقعة لصناعة الشر بالاستناد إلى رؤية العهد القديم له . كما وصفها باحث ألماني بأنها دولة معادية لله وذات سمعة سيئة بين اليهود وأم البغايا والآثام . لقد كانوا ينطلقون من أعماق قصص التوراة والتاريخ والأساطير ودراما الإسرائيليات القديمة التي كانت دائما ترى أن العراق عدوا استراتيجيا وبوش الابن عندما أصبح رئيسا . سعى مع مُستشاريه نحو حملتهم الصليبية التي كان الصهاينة يقدمون فيها برامج التدريب للقوات الخاصة الأميركية عن الأساليب الوحشية التي يستخدمونها في قمع الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة.

 

في كل مرة يخرج الناس عن طريق الهداية يبعث الله نبيا او رسول . يعيدهم الى جادة الصواب . ولأن محمد صلى الله عليه وسلم خاتم الانبياء والمرسلين . انتظروا وعد الله وتحقق عهده للمؤمنين بالنصر . ( المؤمنين ) الصادقين  ...

 

وحتى ذلك اليوم انتظروا القادم أَلاسْواء

 محمود الجاف

Share

أخبار موريتانيا

أنباء دولية

ثقافة وفن

منوعات وطرائف