إلى أي حد تجسد مقتضيات المادة 49 من مدونة الأسرة المتعلقة بتدبير الأموال المكتسبة بين الزوجين أثناء فترة الزواج مسؤولية مشتركة في مجال تنمية أموال الأسرة؟
هذا ما سنحاول الإجابة عليه فيما سيأتي، لكن هذه الإجابة تتطلب في المبدأ بناء تصور يهم بعض المنطلقات الأساسية التي في غيابها لن يكون هناك أساس عن الحديث عن المسؤولية المشتركة في إطار التدبير المشترك للأموال بين الزوجين أثناء فترة الزواج، وفيما يلي بعض عن ملامح هذا التصور:
إن القول بالمسؤولية المشتركة يقتضي في هذا المجال الاعتراف بحق كل طرف من الزوجين بحقه في تلك الأموال بقدر مساهمته في تنميتها.
الحديث عن هذه المسؤولية لا ينفك في سياقه عن الارتباط بمبدأ المساواة.
ومدى إقراره كمبدأ لحكم العلاقات بين الزوجين في إطار مدونة الأسرة.
أن تفهم مساهمة الزوجين في تنمية الأموال بنوع من التوسع فلا يقتصر فهمها في إطار ضيق من القيان بعمل خارج البيت يترتب عنه الحصول على دخل مادي فقط.
بناء على هذا يمكن التساؤل عن المدى الذي تجسد من خلاله المادة 49 من مدونة الأسرة هذا التصور في تنظيم العلاقات المالية بين الزوجين خلال فترة الزواج.
يمكننا القول كجواب على هذا التساؤل أنه بخصوص مسألة الاعتراف بحق كل من الزوجين وبالأخص الزوجة- في تنمية الأموال المكتسبة أثناء فترة الزواج، نجد المشرع قد صار في اتجاه إقرار هذا الاعتراف بتقريره حق كل من الزوجين في تنمية الأموال المكتسبة أثناء الزواج وهو اعتراف واضح من خلال مقتضيات المادة 49، سواء في حالة وجود عقد لتدبير الأموال المكتسبة حيث في هذه الحالة تتحدد أثار هذا التدبير بناء على عنصر الإرادة من خلال الاتفاق بين الزوجين على استثمار الأموال وتوزيعها، أو في حالة عدم وجود ذلك العقد حيث نص المشرع على أنه في هذه الحالة يرجع إلى القواعد العامة للإثبات . مع مراعاة عمل كل واحد من الزوجين وما قدمه من مجهودات وما تحمله من أعباء لتنمية أموال الأسرة.
و بخصوص ارتباط المسؤولية المشتركة بمبدأ المساواة فيمكن القول أن هذا الارتباط يعد قائما ويمكن أن نستشف وجوده من خلال التنصيص على إمكانية الاتفاق بين الزوجين على تدبير الأموال ، والاتفاق يقتضي توافق إرادتين :إرادة الزوج و إرادة الزوجة، ومن المؤكد أن مثل هذا الاتفاق يعد من أهم تجليات مبدأ المساواة ، إذ أصبحت بموجبه إرادة الزوجة حاضرة بعد أن كان حضورها لا يرقى إلى المستوى المطلوب في ظل مدونة الأحوال الشخصية ، وحتى في غياب الاتفاق المنصوص عليه في المادة 49 من المدونة ، فان تنصيص المشرع على مراعاة عمل كل واحد من الزوجين وما تحمله من أعباء لتنمية أموال الأسرة ،يجسد من حيث المبدأ، مبدأ المساواة ، إذ انه بناءا على هذا المقتضى القانوني أصبح بإمكان الزوجة أن تحصل على جزء من الأموال المكتسبة أثناء فترة الزواج.
وأما بشان تحديد نطاق المساهمة في تنمية الأموال المكتسبة فنجد أن المشرع ميز، في حالة عدم وجود اتفاق بين الزوجين بشأن تدبير وتوزيع الأموال التي ستكتسب أثناء الزواج، بين عمل كل من الزوجين، ويقصد به العمل الذي يمارس كنشاط مهني يترتب عنه دخل معين، وبين المجهودات والأعباء التي يتحملها كل زوج في تنمية أموال الأسرة، وتبقى المسؤولية ملقاة على عاتق المؤسسة القضائية في تحديد مدلول المساهمة بالمجودات وتحمل الأعباء في تنمية الأموال، وما إذا كان بالإمكان أن تشمل تلك المساهمة الأعمال التي تقوم بها الزوجة داخل البيت وتكييفها على أنها مجهودات بدلتها الزوجة وساهمت بها في تنمية أموال الأسرة، وحبذا لو يسير القضاء في هذا الاتجاه.
من خلال كل ما سبق أن مجال تدبير وتوزيع الأموال المكتسبة أثناء فترة الزواج يجسد إلى حد كبير المسؤولية المشتركة بين الزوجين ذلك لأن تدبير هاته الأموال يخضع لإرادة الزوجين في حالة الاتفاق، وفي حالة عدم وجود هذا الاتفاق تراعى المجهودات والأعباء التي تحملها كل طرف في تنميتها ولا يخفى ما لهذه المقتضيات من أهمية حيث أنها كرست إلغاء التمييز والتفرقة بين الرجل والمرأة في المركز القانوني، وذلك من خلال توسيع مجال الإرادة المشتركة للزوجين في تدبير وتوزيع الأموال... يتبع
بقلم: عمر دغوغي الإدريسي مدير مكتب صنعاء نيوز بالمملكة المغربية.