في كُلِّ عامٍ في اليوم الثاني عشر من شهرِ ربيعٍ الأول،وقد كان مولده -عليه الصلاة والسلام- في يوم الإثنين الثاني عشر من شهر ربيعٍ الأول من عام الفيل، في شِعب بني هاشم في مكّة المُكرمة، لقول النبي -عليه الصلاة والسلام- لمّا سُئِل عن سبب صيامه ليوم الاثنين: (فيه وُلِدْتُ وَفِيهِ أُنْزِلَ عَلَيَّ)، وقول قيس بن مخرمة أنّه وُلد مع النبي -عليه الصلاة والسلام- في عام الفيل، وولادته -صلى الله عليه وسلم- في شهر ربيع تدعو إلى التفاؤل والبِشر به، والإشارة إلى رحمته، وخيره الكبير على الأمّة، كالربيع الذي تُخرج الأرض فيه ما في باطنها من النِّعَم، كما أنّ فصل الربيع من أعدل الفصول، وكذا كانت شريعته، ويكونُ الاحتفال بمولده -صلى الله عليه وسلم- بِعرض سيرته، والتّعرّف على صفاته، واتّباعِ أخلاقه، والكشف عن أسرار حياته، وبيان أثرها في صلاح الناس والمجتمع، بالإضافة إلى أنها فُرصةٌ لتجديد الصّلة بين المسلم ونبيّه.
ويحرص المُسلم على شُكر الله -تعالى- على نعمة مولد نبيّه الكريم؛ بالطاعة والأتباع على مدار السنة، وليس في يومٍ واحدٍ مخصّصٍ، فمحبّة النبي -عليه الصلاة والسلام- تكون بطاعته وإتباعه، لقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: (فمَن رَغِبَ عن سُنَّتي فليسَ مِنِّي)، ويكونُ الاحتِفالُ مُحرّماً وممنوعاً بإجماع العُلماء إذا وُجِد معه شيئاً من الحرام والمُنكرات؛ كالاختلاط المحرّم بين النساء والرجال، أو إذا كان فيه شيءٌ من الغلوّ في النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ كوصفه بالربوبية أو الألوهية وغير ذلك.
هناك العديد من الفوائد التي يتحصّل عليها المُسلم من استذكاره لمولد النبيّ -صلى الله عليه وسلم- واستذكار شمائله الكريمة، ومنها ما يأتي:
التقرّب من النبي -عليه الصلاة والسلام- ومحبّته؛ بذكر سيرته، وأخلاقه، وشمائله، ونشر ذلك بين الناس.
الاعتراف بإحسانه على أُمّته، وإخراجها من الظُلُماتِ إلى النّور والهدى والسعادة.
إتباع النبيّ، والاقتداءِ بأخلاقه الكريمة؛ كتواضعه، ورحمته، وكرمه، وحلمه، وغيرها من الأخلاق، وهذا يستدعي محبّة الله -عز وجل-، لقوله -تعالى-: (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّـهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّـهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّـهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ).
الثبات على الإيمان، لقوله -تعالى-: (وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيكَ مِن أَنباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ وَجاءَكَ في هـذِهِ الحَقُّ وَمَوعِظَةٌ وَذِكرى لِلمُؤمِنينَ).
التصدُّق والإحسان إلى الفُقراء، وإظهار الفرح والسُرور؛ ممّا يُشعر الناس بِمحبة وتعظيم النبي -عليه الصلاة والسلام.
استثمار ذكرى المولد النبويّ في التّربيّة؛ كتذكير الناس بِمعاني النُبوّة، وما جاء فيها من الهُدى والنور، وتذكيرهم بأخلاق النبيّ، وسيرته العطرة، ودينه العظيم.
تعبيرٌ للفرح والسرور وحُبّ النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ الذي يُعدّ حُبّه من أُصول الإيمان، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (لَا يُؤْمِنُ أحَدُكُمْ، حتَّى أكُونَ أحَبَّ إلَيْهِ مِن والِدِهِ ووَلَدِهِ والنَّاسِ أجْمَعِينَ).
توجد العديد من الأسباب الموجبة لِمحبّة النبي الكريم -عليه الصلاة والسلام-، ومنها: أمْر الله -سبحانه وتعالى- بمحبّة النبيّ، والتي تعدّ من شروط صحة الإيمان، لقوله -عليه الصلاة والسلام-: (ثَلاثٌ مَن كُنَّ فيه وجَدَ بهِنَّ حَلاوَةَ الإيمانِ: مَن كانَ اللَّهُ ورَسولُهُ أحَبَّ إلَيْهِ ممَّا سِواهُما)، كما أنّ الاطّلاع على سيرته، وصفاته، وشمائله، وأخلاقه الكريمة، وحرصه على هداية أمّته، وإنقاذها من السّوء، ورحمته بهم، يوجب محبّته -عليه الصلاة والسلام
بقلم: عمر دغوغي الإدريسي مدير مكتب صنعاء نيوز بالمملكة المغربية.