ليس ألعن مِن الفقرِ المُتنامي داخلَ دولة ، المُولِّد سيلاً من فقراء أغلبهم بين آخرين ذِلَّة ، عبيد بغير حقوق عند أسياد "قلّة" ، ليس الفقر عيباً إن كان خارج المغرب الرسميّ المُعتَبِر إيَّاه عِلَّة ، إن خرجَ مَن يتظاهر تضامناً مع الفقراء اصطدَمَ باستفزازات شرورها ليست بالقليلَة ، بأمرٍ من حكومة تُدَشِّنُ عهدها بما لا يتركها مُعتدلة ، متسرِّعة حتى في إصدار بلاغها المتعلق بجواز التلقيح كأفشلِ وسيلَة ، لإظهارِ تخبُّطها حينما حُرِمَ رئيسها من استراحة القيلولَة ، وهيهات أن ينامَ ليحلم بفكِّ لغزِ كثرة السيُّوف الموجَّهة إليه مسلولَة ، تطالبه منذ تقديم "القسم" أن يتقاسمَ كل الهموم مع طبقات الشعب الفقيرة المسحوقة بمنحها حقوقها كامِلة ، لا نتحدَّثُ هنا عن الفقرِ الطبيعيِّ بل الذي ألصقته الدولة بطبقات من الشَّعب المغربي الأصيل عن طريق حكومة من نفس السُّلالَة ، المكلَّفة كالعادة بتصريفِ الأشغالِ ريثما تُطبَّق الديمقراطية كواقع وليس للتَّظاهر بِها مُكَمِّلَة ، كان يكفي توزيع الثروات الوطنية المتوفرة بوفرة وفيرة بالعدل والتدبير الحَسَن لتنعَم تلك الطبقات بما يُخرجها إلى إمكانيات العيش بما يجعلها مُتفائلَة ، لكن العكسَ مُطبَّقٌ عَن خللٍ مقصودٍ لتستمِرَّ ككل مرة محرومة لما عنه سائلَة ، حتى في الشمال داخل "طنجة" تحديداً التي أُخْتيرَت مُنطلَقاً لعهدٍ ما غابت الرقابة الشاملَة ، ليترعرع الاستغلال البشع ينهش عرق جل الطبقة العاملة ، المكدّسة هناك تاركة أهاليها تكويها نيران الفراق و الخصاص المضني بكثرة ما لطول مدته حاملة ، فلا الهجرة لحلم "طنجة" حلَّت بما يُرضي المُشكلَة ، ولا ساد الاطمئنان لما لمزيد وطأة الفقر مُستقبلاً مُستقبِلَة ، دون النزول لمدينة القصر الكبير المتكرٍّر فيها ما يضيف التقهقر بالتخلي أساساً عن الوعود الانتخابية الباطلة ، وصولاً لعروسة الشمال تطوان أيام بطولات الرجال الأحرار والنساء الحرائر الجليلَة ، وليس اليوم المتجهِّم حالها حتى ما كان يروِّجه الفقراء ممّأ تصدِّره "سبتة" المُحتَلة ، زاد بانعدامه بطالة فقرهم على بطالة تشرُّدهم لسكوت الحكومة على الأخذ بيدهم وهي تجمع أحزاب"الأحرار" و"الاستقلال" و"الأصلَة".
يتباهى مَن وجدوها مؤيدة لخدماتهم ليحصدوا إعجاب الداخل في بعض أجزائه للولايات المتحدة الامريكية ميّالَة ، فاعتقدوا أن الصحراء المغربية لولا تأييدها ضاعت ليفسحوا الطريق أمام إدخال الوطن في زوبعة التصادم مع تلك الماثلة ، بين فرنسا ومَن معها والجزائر مِن خلفها بمشاكل التي لا تُحصَى بإخفاقات هائلة ، ومصر بعد مباركتها انقلاب السودان ويدها الممدودة لتونس وارتباطها المصيري مع ليبيا ليتمحور الكل ضمن زعامة المغرب مسنودة بسياسة خارجية لمن به قابلَة ، أن يحمي ظهرها من الضفة الشرقية للأطلسي بوسائل وتقنيات من حيث الصنع والمؤهلين لمباشرتها جد عالية ، فأين الوقت للتفكير في شأن الفقر والفقراء إلاَّ بما ستجود به حكومة مِن إبداعات التَّماطل والنقص من التواصل وإظهار ما يجعلها للحوار من أجل الحوار قصد الحوار ألطف خليلَة ، مع الخضوع الكلّي لتنفيذ برامج أهم ما فيها الحفاظ على الحالة كما هي باستعمال مباحٍ لما يناسب تقويض أي كفاح يبديه سلمياً مَن سكن يأس الفقر دنياهم كاملَة ، قد يكون اللجوء لأمريكا كي تعيد تاريخ تلك السنين الطويلَة ، المبتدئة من إطلالة ستينيات القرن الماضي لتغطية أزمة المغرب في تلك الأوان لأسباب قد تكون وجيهة حاصلًة ، بإرسالها أطناناً ضخمة متكرِّرة مع كل شهر جديد من المواد الغذائية الأساسية كالدقيق الأبيض الناعم والزيت الأصفر الصافي وغيرها من مولدات حراريات إشباع البطون الجائعة لتصبح جميع الأجساد النحيفة لحدٍ ما ثقيلًة ، أطلقت أمريكا على تلك المواد شعار "هدية من الشعب الأمريكي" وخصصت لها الحكومة المغربية مندوبية سامية تشرف على تدبير واستخدامها لخلق فرص عمل كما كانت في إبانها قائلَة، براتب غريب يصل لعدة كيلوغرامات من الدقيق ولترات من الزيت في مهزلة تاريخية أطلق عليها رسمياً مَن أطلق "التعاون الوطني " وتلك حكاية حقيقية سأرويها للجيل الحالي في أكثر من مقالَة .
مصطفى منيغ
سفير السلام العالمي
مدير مكتب المغرب لمنظمة الضميرالعالمي لحقوق الانسان في
سيدني - أستراليا