وضعت وجودها في كفة ميزان القدر وتَحدِّيها لإيران في أُخرى ليُظْهِرَ ذاك القدر بالواضِحِ وليس المَرْموز مَن المنتصر هذه المرة اليهود أم الشيعة ، الوضعية لم تكن وليدة تعصّب ديني وحسب بل قائمة على ترسيخ مصير هذا الجانب الإسرائيلي أو ذاك الإيراني لحقبة تتضمَّن ملامحها مرسومة في سابق شريعة ، قد تلج تلك الدولة العبرية في دوامة تُعيدها (بما أقدَمت عليه) للشَّتاتِ من جديد أو تؤخِّر موعد بقائها الأخير لأعوام قد تمرّ سريعة ، أمَّا ايران فحيالها التصدّي لحماية ما قررت به إحكام قبضة سيطرتها كقبلة معتنقي ديانتها عبر العالم بما توفِّره بقوة أسلحتها من تهميش ما حولها مِن سُنَّةٍ مركزها المملكة العربية السعودية بأراضيها الشاسعة ، ولتصبح إسرائيل ذكرى يتسامر بها شيوخ فلسطين المنضمِّين آنذاك لنفوذ ساكن "قُمْ" المُتوّج على رأس المنطقة ولا معارضة له مانعة ، وإن انهزمت رغم ترسانتها الصاروخية وأتباعها في كل من جنوب لبنان وقطاع غزة وسوريا والعراق واليمن على يد إسرائيل سينهدّ ما شيَّدته من عقودٍ ويتفكَّك ما جمعته من عتاد بل لأكبر المآسي ستعود وسيشمل التخبُّط كلّ مَن تمسَّك بالشيعة مصدر فخره ومَسْعَى انتمائه المبني على قواعد مصنوعة لتتحوَّل شرائح بشرية تحسّ أنها بالهزيمة سقطت صريعة ، إذن ما فكّرت إسرائيل في انجازه بضرب المفاعل النووي الإيراني لن يكون سوى مغامرة خطيرة من الوزن الثقيل دون أن تكون لأي مساندة فعلية متمتِّعة ، حتى "والدتها"بالتبنِّي الولاية المتحدة الأمريكية بادرت إلى إظهار عدم الثقة المصاحبة لصعوبة تدمير الهدف المُحصَّن داخل جوف جبل في بقعة ذات تضاريس مَنيعة ، بالرغم من محاولة إقناع وزير الدفاع الإسرائيلي تلك الإدارة أثناء الزيارة التي قادته لمقرّ البنتاغون ولقائه المباشر مع وزير الدفاع الأمريكي لفترة وُصفت بالسريعة ، ليوهم بعد عودته لتل أبيب أنَّه حظي بما رغب فيه حيث بادر إلى إعطاء الأوامر لقواته الخاصة كي تتأهب لخوض تلك المغامرة والموساد تتحمَّل نصيباً من المسؤلية على تفعيلها معتمدة على عناصر عميلة لها في قلب طهران مزروعة كأكبر خديعة .
... الإمارات العربية المتحدة انحازت لإيران عن خوف ضاربة ستكون عرض الحائط باتفاقيات تطبيعها مع إسرائيل لتُظهر أن مصالحها إن تعرَّضت للخطر ضحّت بإسرائيل كحل يقيها من الدَّمار الإيراني إذ مدركة ما تملك الأخيرة من قوة عسكرية بين يديها أسلحة فتَّاكة موجَّهة مباشرة للانتقام الفوري ، قطر كسلطنة عُمان على توافق مع دولة الفرس تلك ، وما بقي من دول الشرق الأوسط ستنشغل لسببٍ من الأسباب بالمنتظر من النتائج السلبية العائدة بضخ المستعصى من التحوّلات الرامية إلى إبعاد أنظمة وتأسيس الخاضعة للمنتصر أكان ساعتها إسرائيل أو ايران ، إن كانت الأخيرة محقّقة هدفها السامي فلتقرأ المملكة العربية السعودية الفاتحة على روحها نتيجة ضعف إمكانات الدفاع عن نقسها بعدما تركتها الولايات المتحدة الأمريكية كيانا أجوفا تقوده عقلية لا يهمها منذ عقود ، إلاّ ابتياع خدمات مَن يحميها ويرعَي كراسي حكامها بالنقود ، حتى إن توسلت لإسرائيل أي تعاون معها لن تقبل ، مادامت في غنى عمَّن يؤخر خطواتها للهروب ممَّا سيصيبها آجلا أو عاجلاً ، وليس على يد الفلسطينيين الذين تخلى قادتهم في "رام الله" عن أهداف منظمة "فتح" بتجميد نضالها الحق وتحويلها لذكرى قابلة لكل نقد ما دام التاريخ لا يرحم أحد .
مصطفى منيغ