لقد تأخرت في تقديم الحلقة الثانية لظروف صعبة ألمّت بي (ولعل الذي أبطأ عني هو خير لي).
فأبدأ حلقتي هذه تحت عنوان (الإذعان للحقيقة بقوة الدليل لكلا الطرفين السنة والشيعة ):
ما ان تكّون فريقا السنة والشيعة حتى أثير بينهما ما يُحدث الخصومة والتي يتطاير شررها بين الحين والآخر بفعل جهلة الفريقين فأُحرقنا بها ولا من مسعف لنا جميعًا !! فكل من تدخل مدعيًا أنه مدافع لهذه الطائفة او تلك نراه يدافع عن تحزب ورأي وثورة لعقيدة طالها التدليس والتدنيس والافتراءات من قبل الخط الأموي لكي تزداد الشقة والفرقة، ونبقى في هذا الدوران الا القليل النادر ممن تصدى على مر الدهر، وكل متصدٍ قد لاقى ما لاقاه من معاناة جعلت صوت الحق بطيء الانتشار حتى كاد ان يختفي !!
لقد طُبعت الاجيال على الاختلاف والعصبية والتحزبية بدون تدبر وروية ولو ان كلًا من الطائفتين نظرت في بيّنات الأخرى نظر المتفاهم لا نظر الساخط المخاصم لظهر الحق وظهرت الشمس لذي عينين .
ومما تقدم أجد من الأنسب بيان بعض ما طرحه المفكر والمحقق المرجع الديني الصرخي الحسني في المستوى الثالث : (أقلام الغدر والاستئكال) في محاضرته الخامسة عشرة من بحث (السيستاني ما قبل المهد الى ما بعد اللحد ) وتبيان زيارة قبة الصخرة وتدليس الأمويين في هذا الشأن ومخالفة السنّة ، سنة الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم فيقول :
(لو كان كعب الأحبار يهوديًا لقال عنه الدواعش هو من أسس لزيارة القبة) ، في إشارة من المرجع الصرخي الى البدعة التي ابتدعها عبد الملك بن مروان على لسان كعب الأحبار كما روى ذلك الطبري في تفسيره: عن عروة قال: كنا قعودًا عند عبد الملك حين (قال) قال كعب: إنّ الصخرة موضع قدم الرحمن يوم القيامة فقال: كذب كعب إنّما الصخرة جبل من الجبال، إنّ الله يقول: ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفًا. فسكت عبد الملك.
وعلق سماحته: ” الذي قال كذب كعب هل هو عبد الملك؟ ليس عبد الملك، عبد الملك أتى بكعب، وكعب أتى عند عبد الملك حتى يؤمّن قضيّة الصخرة ”، وأضاف متسائلًا : ” الآن كعب الأحبار لو كان شيعيًا، لو قال بما يقوله الشيعة، -نحن لا نقول بما يقوله غلاة الشيعة، ومرتزقة الشيعة وفسقة الشيعة، مراجع هذا الوقت أصحاب السبّ الفاحش والفسق والفجور، ما يسمّى بالشيرازية وغير الشيرازية من الشاذين جنسيًا، الذين يسبّون بالفحش والفجور ويستعملون الفحش والفسق والفجور والبذاءة للطعن بأمهات المؤمنين وبالصحابة الكرام ويدعون الناس إلى هذا!!! مرجعية الشيرازية ومرجعية السيستانية ومن لف لف هؤلاء، هؤلاء المراجع وهذه المرجعيات الفاسقة الفاجرة المنحرفة الشاذة جنسيًا، أصحاب الفلنتاين والمثلية- التفت جيدًا: قلنا: لو كان كعب شيعيًا؟ لو كان محبّا لعلي أو اعتقد بأفضلية علي على باقي الصحابة، بأرجحية علي على باقي الصحابة؟ ويبقى يكُنّ الاحترام والتقدير ويسلّم بمنزلة وفضل وفضيلة الصحابة رضوان الله عليهم، فماذا قال عنه الدواعش التكفيريون التيميون؟ لقالوا : كعب الأحبار شيعي، يهودي، هو الذي اسس المسجد النبوي ومن زيارة بيت الله الحرام ومن الحجّ وينقلهم لزيارة القبة، على قبلة بني إسرائيل”.
وواصل المرجع الصرخي الحديث ساخرًا من الفكر الداعشي التكفيري : ((هؤلاء عملاء، هؤلاء يهود، هؤلاء مجوس، هؤلاء كفرة، هؤلاء مرتدون!!! ماذا نفعل لهم؟!! ابن سبأ وهم يقولون: أخذه علي، عاقبه علي، نفاه علي، حرقه علي سلام الله على علي، بوجود من؟ بوجود أتباع علي وشيعة علي ومحبّي علي وعوقب ابن سبأ، ونفي ابن سبأ، وأُدب ابن سبأ، وحُرق ابن سبأ، إذًا لماذا يُتهم الشيعة بابن سبأ؟!! لماذا يؤخذ الشيعة بجريرة وبجناية وبجريمة ابن سبأ؟!! فكيف لو كان كعب الأحبار من الشيعة؟ وفعل هذا الفعل وبدأ يؤمّن ويشرعن الحجّ عند قبة الصخرة؟!!)).
وهكذا أخي القارئ نجد ان ما نلمسه في فكر هذا الفيلسوف الاسلامي الكبير هو ما يريده الاسلام المحمدي الاصيل الذي بنى أساسه الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم على الألفة والأخوة الإسلامية المتينة.