خلال نحو شهر أعلن صندوق الاستثمارات العامة برئاسة ولي العهد محمد بن سلمان عن تأسيس سبع شركات في قطاعات اقتصادية مختلفة وسط تحذيرات من أنه يخنق القطاع الخاص السعودي.
ويبرز مراقبون أن صندوق الاستثمارات العامة يمثل واجهة صريحة لسيطرة محمد بن سلمان وفريقه الحاكم على كافة قطاعات وأنشطة اقتصاد المملكة وبذلك بشكل تدريجي.
وحذر المراقبون من أن السيطرة التدريجية لصندوق الاستثمارات العامة تنذر بتكرار تجربة الحكم العسكري الشمولي الشديد السيطرة في عدد من الدول العربية مثل مصر.
وأعلن صندوق الاستثمارات عن تأسيس شركة لإدارة المرافق “FMTECH” لتقديم خدمات متكاملة في مجالات إدارة المرافق، وإدارة الطاقة، وإدارة النفايات، والصيانة، وخدمات التنظيف، والأمن، وخدمات تنسيق الحدائق.
وقبل ذلك بيومين أعلن صندوق الاستثمارات عن إطلاق شركة “كياني”، الشركة المتكاملة لتعزيز وإلهام الحياة الصحية للمرأة في المملكة.
كما أسس شركة “سرج” للاستثمارات الرياضية، وهي شركة استثمارية رياضية تهدف لدعم وتمكين نمو قطاع الرياضة في المملكة ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
فضلا عن ذلك أعلن صندوق الاستثمارات عن تأسيس الشركة السعودية للاستثمار السياحي “أسفار “، التي تهدف لتعزيز قدرات القطاع السياحي المحلي والاستثمار في إنشاء المشاريع السياحية بمختلف مدن المملكة.
إلى جانب ذلك جرى إعلان تأسيس شركة “تراث المدينة”، التي تهدف للقيام بدور رئيسي في تحسين جودة الإنتاج ورفع القدرة الإنتاجية لتمور العجوة بمنطقة المدينة المنورة.
كما أعلن صندوق الاستثمارات عن تأسيس شركة “سواني” التي تهدف لتمكين نمو قطاع منتجات حليب الإبل، والإسهام في تطوير منظومة الإنتاج المحلية للوصول إلى قطاع مستدام.
إلى جانب إنشاء شركة الاستثمارات الدوائية “لايفيرا”؛ المتخصصة في الصناعات الدوائية على نطاق واسع.
ومنذ عام 2017، قام صندوق الاستثمارات بتأسيس العديد من الشركات في 13 قطاعاً استراتيجياً محلياً، من ضمنها الشركة الوطنية للخدمات الأمنية “سيف”، والشركة السعودية الاستثمارية لإعادة التدوير “سرك”.
ويمتلك صندوق الاستثمارات العامة العشرات من الشركات الأخرى من ضمنها “الشركة السعودية للقهوة” و”شركة تطوير منتجات الحلال” والشركة السعودية للاستثمار الزراعي والإنتاج الحيواني “سالك” وشركة طيران جديدة، وشركة دفاعية، وحتى تجارة السجائر الإلكترونية.
وتعتبر وسائل إعلام دولية أن صندوق الاستثمارات العامة أصبح بمثابة دولة داخل الدولة في ظل تعاظم نفوذه الاقتصادي في المملكة وخارجها والشكاوى من سيطرته بشكل من تزايد على القطاع الخاص في البلاد.
وسبق أن نشرت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية تقريرا مطولا عن صندوق الاستثمارات العامة عقب تصاعد استثماراته الرياضية وأخرها لعبة الجولف في الولايات المتحدة الأمريكية.
وأبرزت الصحيفة الانتصار الدائم للقوة المالية لصندوق الاستثمارات العامة في الرياض البالغة 650 مليار دولار.
ويمثل صندوق الاستثمارات واجهة حملة محمد بن سلمان لزعزعة النظام القديم للأمة وإبراز المملكة على المسرح العالمي، وهو يعيد تشكيل الطريقة التي ينظر بها المستثمرون إلى المملكة.
وتعد الرياضة هي واحدة من ثلاثة عشر قطاعاً “استراتيجياً” حددها صندوق الاستثمارات العامة، لتقديم المزيد من خيارات الترفيه للسكان المحليين الشباب، وأيضاً لدعم العلامة التجارية السعودية في الخارج.
في السنوات الأخيرة، أنفقت الرياض مئات الملايين من الدولارات لجلب عدد لا يحصى من الأحداث الرياضية إلى البلاد، من مباريات الملاكمة للوزن الثقيل إلى سباقات الفورمولا وان.
قبل عامين، استحوذت الرياض على نادي كرة القدم الإنجليزي نيوكاسل يونايتد والآن تنفق مئات الملايين من الدولارات لجذب بعض أفضل لاعبي كرة القدم على كوكب الأرض، حيث انضم اللاعبان الفرنسيان نجولو كانتي وكريم بنزيمة إلى كريستيانو رونالدو في الدوري المحلي.
وكان بدأ تحول صندوق الاستثمارات العامة في مارس 2015، عندما أعلن الملك سلمان أن الصندوق والمجلس الذي تم إنشاؤه حديثًا سيرأسه ابنه المفضل – محمد والذي كان يبلغ من العمر 29 عامًا حينها.
حتى ذلك الحين، كان صندوق الاستثمارات أداة تطوير أكثر من كونه صندوق الثروة السيادية – كان حذرًا ويتجنب المخاطر وباستثمار دولي واحد فقط جدير بالملاحظة، وهو حصة في شركة صناعة الصلب في كوريا الجنوبية.
عندما تولى محمد بن سلمان زمام الأمور فرض تغييرا جذريا في شهية الرياض للمخاطرة والطريقة التي تدير بها المملكة ثروتها النفطية.
وعلى الرغم من كل نشاطه الدولي، فان التأثير الأكبر للصندوق كان في الداخل. فقد أصبح قوة مهيمنة في كل مكان في الاقتصاد السعودي بعد أن حدد محمد بن سلمان الصندوق كأداة للسيطرة المطلقة.
ويتحمل الصندوق والشركات التابعة له مسؤولية كل شيء بدءًا من أهداف الطاقة المتجددة في الرياض وحتى التجديد الحضري والأمن الغذائي.
بالإضافة إلى إنشاء صناعات جديدة، تم تكليف صندوق الاستثمارات العامة بتطوير سلسلة من المشاريع العملاقة والأكثر لفتًا للأنظار والمثيرة للجدل منها هي نيوم، مخطط بقيمة 500 مليار دولار لإنشاء مشروع مستقبلي ضخم على طول ساحل البحر الأحمر مع مدينة خطية بطول 170 كيلومترًا في الصحراء، تُعرف باسم لاين، في قلبها.