حيدر حسين سويري
بات من الواضح جداً خوف الفرد الأمريكي من النهاية المأساوية الحتمية للولايات المتحدة الامريكية، بعدما قامت السياسة الامريكية العدائية بكسب أعداء كثر حول العالم، بسبب تدخلها بل فرض هيمنتها (بالقوة) على السياسات الخارجية والداخلية في دول الشرق الأوسط وغيره.
الفيلم الأمريكي Leave the World Behind (اترك العالم خلفك) انتاج عام 2023م، بطولة (جوليا روبرتس) و(ايثان هوك) و(ماهر شالا علي)؛ يتحدث عما يحسه الفرد الأمريكي من اقتراب النهاية المأساوية الحتمية لهذه الأمة الأمريكية، حيث يبدأ الفيلم بأن تستأجر عائلة منزلًا فاخرًا لتقضي فيه عطلتها، إلا أن العطلة تأخذ منعطفًا مشؤومًا، عندما يُعطل هجوم إلكتروني أجهزتهم، ويطرق غريبان عليهم الباب، يتضح فيما بعد أنهما صاحبا المنزل (رجل وأبنته)، تتوالى الاحداث بحدوث أمور غريبة، من رسو سفينة على بلاج البحر يتضح أنها ناقلة نفط عملاقة فقدت السيطرة، الى جانب سقوط طائرة في الساحل وانفجارها، بعد ذلك يخرج أحدهم للبحث عن إجابة لما يحدث، فيرى طائرة ترمي منشورات كُتبَ عليها (الموت لأمريكا) بالعربي!
تبدأ المشاهد الأخيرة في بيان أن ثمة هجوم سيبيريي، حصل من قِبل أعداء أمريكا، وأن الرجل صاحب المنزل كان له صديق رفيع المستوى، غادر البلاد وأوصاه بان يحمي نفسه وعائلته، لأن الأمر بات خطيراً وأنها النهاية، لكنه لم يوضح له نوعية ذلك الأمر... كان من الأمور الغريبة التي حدثت هو سماع صوت قوي (ضجيج)، لا ينفع معه غلق الاذن فهو يتسبب بكسر وتحطيم زجاج النوافذ وقتل الطيور والحيوانات وفزعها، ... فيرى أحدهم أن الأمر ليس مختلفاً عما حصل في كوبا قبل فترة، من أنها أسلحة يسمونها المايكرويف، وهي أسلحة تنتج اشعاعاً يمكن نشره عبر الصوت، لذلك فهو يفترض أنها حرب؛ بالرغم من أن الاخرين يظنون أن الهجوم روسي أو صيني أو كوري أو إيراني، إلا أن الأخير يؤكد لهم أن الكتابة عراقية، لأنه خدم في العراق! ثم يقول: لقد اكتسبنا عداءً كثيراً وكبيراً من الدول، فمن الممكن أن يكونوا قد اتحدوا كلهم أو بعضهم لغزونا.
يتضح لنا جلياً أن الفرد الأمريكي بات يدرك مدى خطورة هذه العداوات على الشعب الأمريكي، وأنه يرفض هذه السياسات الامريكية، ذات النهاية السيئة الحتمية، وأن المتضرر الوحيد من ذلك هو الشعب الأمريكي وحده؛ نحن والشعب الأمريكي وكل شعوب العالم نتمنى العيش بسلام وطمأنينة، لكن سياسة أمريكا تحول دون ذلك، ولا بد للكفة أن تميل، وأن تنتهي أمريكا كسائر الامبراطوريات عبر التاريخ، هكذا ينبئنا التاريخ ويؤكد لنا؛ ليس بين الشعوب عداوات، لكن الحكام هم من أسس ذلك، لطغيانهم وليكونوا اسياد العالم، وباقي الناس كلهم عبيد...
بعد ذلك يتكلم صاحب المنزل (صديق المسؤول رفيع المستوى) فيقول: كان لدي شك يؤرقني، لكنني اردت الحصول على معلومات أكثر، كل المؤشرات موجودة، لكن لم أتوقع أننا سندع شيئاً كهذا يحدث، ظننت أننا أذكى من ذلك... بسبب أن صديقي يعمل في قطاع الدفاع، قضيت وقتاً طويلاً أدرس تحليل تكلفة الحملات العسكرية، كان هناك برنامج واحد يخيف صديقي كثيراً، مناورة من ثلاث مراحل تطيح بحكومة البلد من الداخل، المرحلة الأولى هي العزل، تعطيل الاتصالات ووسائل النقل، جعل الهدف أصم وأبكم ومشلول قدر الإمكان، لتحضيره للمرحلة الثانية وهي الفوضى المتزامنة، ارهابه بهجمات سرية ومعلومات خطأ، اجتياح قدراته الدفاعية، وترك أنظمة أسلحته ضعيفة للمتطرفين وجيوشهم، حينها سيبدأ الناس بالانقلاب على بعضهم، من دون عدو واضح أو دافع، اذا نجح ذلك فستحدث المرحلة الثالثة لوحدها، وهي الانفلات والحرب الأهلية ثُمَّ الانهيار... انتهى
أقول: بالضبط كما قالت الآية القرآنية (هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ [الحشر: 2])
بقي شيء ...
على الشعب الأمريكي أن يختار قادته جيداً، وأن يطالب هؤلاء القادة بإنهاء الاعتداءات الامريكية على شعوب العالم، وكف الأذى عنهم واحترام سيادتهم، وإلا ستتحول أحداث هذا الفيلم الى حقيقة مرة، لا نريدها نحن كمسلمين مسالمين، نحب أن يعم السلام سائر الكون، ومنه الأرض كوكبنا الغالي، كفاكم دماراً، كفاكم سفكاً للدماء، كفاكم شيطنة، فان إبليس لعنة الله عليه وأعوانه هم عدونا الأول والأخير، فاتعظوا يا بني أدم، (سَلَامٌ قَوْلاً مِن رَّبٍّ رَّحِيمٍ [يس: 58]).