حث الإسلام المسلمين في كل زمان ومكان على التحلي بالصدق والأمانة والتخلي عن الكذب والخيانة، وأمر المسلم بأداء الأمانة بكل أنواعها وأشكالها؛ فقال تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا﴾ [النساء: 58]، ولا شك أن الشورى هي الديمقراطية التي يجب أن يتربى عليها أبناء المجتمع ليكونوا أمناء صادقين، والشورى لازمة وواجبة بين أفراد الأمة لاختيار عناصر سلطتهم، ويجب على من توافرت فيه الصلاحية لأداء هذه الأمانة أن يدلي بصوته الانتخابي ولا يتأخر عن القيام بهذا الواجب بصدق وأمانة ونزاهة وموضوعية.
وعلى ذلك: فالممتنع عن أداء صوته الانتخابي آثمٌ شرعًا، ومثله من يدفع صاحب الشهادة إلى مخالفة ضميره أو عدم الالتزام بالصدق الكامل في شهادته بأيِّ وسيلة من الوسائل، وكذلك من ينتحل اسمًا غير اسمه ويدلي بصوته بدل صاحب الاسم المنتحل يكون مرتكبًا لغشٍّ وتزويرٍ يعاقب عليه شرعًا.
أما فى حالة موريتانيا استخدام مصطلح المقاطعة بطريقة عرجاء لإيهام الرافضين للحكم بأنه الحل السحرى لإحراج من يقومون على شئون الدولة كأنهم بذلك يمارسون الديمقراطية..!! فى كل الأحوال المقاطعة تسجيل موقف. لكنها فى حالتنا سلاح الضعفاء وأداة الخانعين السلبيين المفلسين الذين يفوتهم القطار دوما ثم يندمون.. عندما تسأل أحدهم لتبرير المقاطعة يذكر أسباب مختلقة مثلا يقول أنه يقاطع لأنه لا يعترف بالنظام ولا القائمين عليه أو نتيجة اضطهاد مرشح معين أو أنه خائف من التزوير ويرى أنه صاحب موقف قوى.. وحينما تسأله.. لماذا إذن أضعتم الوقت ولم تعدوا بديلا مقنعا ليس عليه (جدل) لديه برنامج واقعى، وشامل لحل مشاكل البلد والناس.. يقول كان موجودا لكن تم اضطهاده فى جدل لا ينتهى.. تقول له عدم تصويتكم يصب فى مصلحة من تقاطعوهم والضمانة الوحيدة هى مشاركتك بالتصويت لو بإبطال الصوت، يقول لك أنا مقاطع ويكرر أسبابه بدون أى مرونة أو تفكير .
ثم تقول له من الأفضل أن تكون أكثر رجولة وتقاطع النظام ككل قاطع النظام الاقتصادى فلا تقبض راتبك من الدولة ولا تحصل على الخدمات المدعومة واوجد البديل أن كانت لديك رؤية أو فكر فقد أضعت 5 سنوات بدون فائدة ومن قبلها كنت تدعى أن حكومات هي سبب ضعف المعارضة والتى لم تنضج حتى الآن.. يقول هذه حقوقى كالمواطن.. تسأله.. كيف تتعامل مع حكومة تأخذ منها راتبك وتسجل فيها مواليدك وتدرس فى مدارسها وتعالج فى مستشفياتها ثم ترفض أن تشارك بالعملية السياسية مع اعترافك ضمنياً بأن هذا النظام هو الذى يحكمك وتقدم بطاقتك أورخصتك عندما يطلبها رجل الشرطة الذى لا تعترف بحكومته بل وتاخد إجازة يوم التصويت فذلك اعتراف ضمنى منك بهذا النظام ..!
ما هذه المقاطعة العرجاء التى تقاطع على سطر وتترك الآخر؟!. وتنتفع وتقف فى طابور المزايا ثم تتخلف عن طابور الانتخابات والاستحقاقات؟! عزيزى المقاطع أنت وشأنك صوتك لن يقدم أو يؤخر ولكن موقفك مضحك ومتناقض فى الأساس مع نفسك ثم أمام الآخرين.. قاطع عندنا يكون لديك أوراق بديلة مؤثرة ومعارضة قوية.. أو عارض عندما يحتل أحد أرضك.. ولكن فى انتخابات تتوفر لها معايير النزاهة وبها منظمات مراقبة دولية.. شارك ولو بإبطال صوتك. هنا فعلا تسجل موقف أكثر رجولة، المشاركة ضرورة حتمية سواء بالموافقة أو حتى لو أبطلت صوتك بمعنى أن لو أخذ المرشح مليون صوت وعارضه 1000 فقط غير أن تجد عدد الأصوات الرافضة أو الباطلة نصف عدد ما حصل عليه المرشح.
فى كل الأحوال التصويت فى الانتخابات الرئاسية القادمة سيكون كاشفا لحجم ومدى تأثير مثل هذه الشخصيات والمجموعات (الداعية للمقاطعة) التى توارى ضعفها وانعدام تأثيرها بدعواتها للمقاطعة لأنهم لا يسعون إلى تطوير أنفسهم والإعداد لعمل سياسى أو حزبى حقيقى يقوم على الجدية يؤهل لمشاركه فعالة فى حل مشاكل موريتانيا ومواجهه أزماتها.. وسيكون اختبار حقيقى يحدد مدى تأثيرهم على عمليه الانتخاب بشكل عام وتأثير قادتهم لدى الشعب ووعيهم بمشاكله.. المهم أن هذه الشخصيات والأحزاب الداعية للمقاطعة، يجب أن تتم مواجهتها بتساؤلات من شبابها وقواعدها بتوضيح أسباب تفويت فرصة مهمة لإثبات وجودهم وتحقيق الأهداف التى دخلوا الحزب لتحقيقها والتعرف على سلبياتهم ونقاط الضعف لديهم ومعالجتها وتطوير أنفسهم أو يفضوها سيرة ويغيروا النشاط
تُعد المشاركة في العملية الانتخابية والحياة السياسية ركيزة أساسية للديمقراطية، حتى بات في الوقت الحاضر قياس مدى تطور أي نظام سياسي مرتبطًا بمدى وجود انتخابات حرة ونزيهة قائمة على أساس التعددية والمنافسة السليمة، وذلك لضمان حرية اختيار المواطنين لممثليهم. ويُعد حقّا الانتخاب والترشح من أبرز الحقوق السياسية التي أقرتها المواثيق والإعلانات الدولية والدساتير الوطنية في الوقت الحاضر.
وتبرز أهمية المشاركة في الحياة السياسية والعملية الانتخابية خصوصًا باعتبارها السياج الأمين للديمقراطية، كما أنها تنمي لدى الفرد إحساسه بذاته وثقل وزنه السياسي، وتنهض بمستوى وعيه السياسي والحقوقي، وتربي فيه روح الانتماء والولاء إلى وطنه، والإحساس بمشاكله، وتحمّل مسؤولياته تجاهه، ومن خلال المشاركة السياسية يسهم الفرد في مناقشة الأهداف العامة للمجتمع وتحديد أفضل الوسائل لإنجازها، وصناعة القرار السياسي. وتُعتبر المشاركة أفضل وسيلة لدعم وتنمية الشخصية الديمقراطية على مستوى الفرد والجماعة والمجتمع؛ لأن الفرد يمارس ثقافة التنافس والاختلاف ويتعود على قبول الآخر واحترامه وبالتالي فهو يقبل بالهزيمة مرة ويفرح بالفوز مرة أخرى.
وأخيرًا ومما يجب الالتفات إليه عندما نباشر حقوقنا السياسية في العملية الانتخابية أن ليس كل من يمارس الحق في الترشح قد يكون هدفه هو تحقيق المصلحة العامة والمشاركة في الحياة السياسية للتغيير البنّاء وصنع القرار السياسي، ومن هنا تبرز أهمية توعية الناخبين بضرورة المشاركة السياسية الواعية والاختيار الصحيح من بين المرشحين بعيدًا عن المؤثرات والتعصبات سواءً القبلية أو المذهبية أو الاجتماعية وغيرها، وإنما يجب اختيار المرشح الأكفأ، الذي يتحمل الأمانة الوطنية.