صباح الزهيري
يقول العراقيون في لغتهم الدارجة ( أنطتهيا ترس ) , يعني أفحمته , ذلك مافعلته المحامية زينب برجل يدعي التدين حين قال لها ان المرأة ناقصة عقل , فردت عليه بجملة دخلت في التاريخ البائس لجماعة مابعد 2003 ( حياك يابن الناقصة ) , وكأنها تتمثل بقول الشاعر صالح مجدي بك :
((أَتجهل يا اِبن ناقصة مَقامي * وَمَعروفي إِلَيك عَلى الدَوام )) .
مثل موقف المحامية زينب جواد وأخواتها في معركة الأحوال الشخصية العراقي القوة المدنية الكامنة في المجتمع العراقي , التي تثور بوجه فقهاء الاستمتاع بالأطفال , وإعادة المرأة إلى زمن الحريم والجواري , يقوم ذبابهم المعمم بنشر القاذورات , بذريعة أنهم يمثلون مشروع السماء , فلنتضامن مع زينب , (( والمرأة الشجاعة هي إمرأة شجاعة , وليست بألف رجل , من قال أن الرجل هو معيار للشجاعة ؟ )) . لمّا سألَ سليمانُ بن عبد الملك عمرَ بن أبي ربيعة : ما يمنعك من مدحنا ؟ أجابه : إني لا أمدح الرجال , إنما أمدح النساء , ترى كيف كان ليمدح عمر زينبنا ؟ التي ذكرتنا بتلك التي منحت يزيد أبو خالد ابن الوليد بن عبد الملك لقب الناقص بعدما استقطع من الجند قسما من أعطياتهم . كتب كاظم اللايذ عن مقهى المعتزلة :
(( لم يعد روادُه – مثلَ أسلافهم –يخوضونَ في مسائل المعتزلةِ الأولى , مثل : (خلق القرآن ) , أو (مرتكب الكبيرة ) , أو يتجادلون في حقيقة اللغة , أَهي ( تفويضية ) ؟ من صناعة السماء , أم ( اصطلاحية ) ؟ من صناعة الأرض ؟ انهم منغمسون الآن في مشكلات عصرهم , بعد أنْ أشبعهم سلاطينُ الدهورفتكاً وإلغاءً , ورجموهم بالجمراتِ , كما يُرجمُ الزنادقة )) , زينب تشابه الطينَ , لينة الا أنها تتصلّبُ حين تغرسُ أحلامها , لا تود التورّط في شخوصهم العظيمة , فمن يجرؤ ؟ ولكنها تقتحم بجنون التوغل عند أي محاولة للتنفير, وسحقا لك يا مدحور تلك المقابلة الظلماء, من اوحى لك بالنقصان ؟ تحتاج هندسة الوعي الجمعي إلى بطل ومنقذ اسطوري , نحن أصغر منه بكثير , وأنا أعرفُها امرأة واحدة , فمن أينَ أصبحت كل تلكَ النساء ؟ و هناك من يتسترْ خلف الأقلام الرشيقة , لكن لو اطلعت عليهم لوليت منهم فراراً, وزينب قلق الأسئلة لديها لايربك الأجوبة , فهي تؤشر المفقود وتقول انه ناقص , فعلام الويل ؟ . ماعدت يازينب قصيدةً تحتاجُ النشر , ولا قصةً محبوكة , ماعدت نهرا محبوساً عند الحدود , وماعدت إرثا مسروقة نسخته الأصلية , بقيت كما أنت , وهم يأفكون , لم يفقدك الضباب ودخان الضحالة الملامح , تبقين وطنٌ للعاشقين , تستوطنك النوارسُ وأشجارُ الزيزفون وقصائدٌ ناضجة , تثيرين اشمئزاز الخونة الناقصين .
حين تتاح الفرص مجانا , وتكون الممارسات على مصراعيها ببذل فاضح , واندفاع أهوج يحاول المرء اتخاذها فسحة حرية غير مشروطه أو هكذا يخال له , هنا أرى أنه ( فشل اختبار ممارسة الديمقراطية ) , فكل الضغوط النفسية والاجتماعية والشعور بالفشل والشعور بالنقص والاحباط الذاتي والغيرة والحسد واللؤم والتراجع عند البعض ولّد أمراضا نفسية وعقدا عقيمة وتمرد وضغينة وأخذ حيزا كبيرا من تفكير واهتمام هؤلاء ليكون العداء والسخط والتآمر والتنكيل بالآخر سلوكا بديلا عن رؤية أي شيء بلا رضا نفسي , حتى اللغة تغيرت من كلام مثقفين إلى كلام (ولد الشارع) بلا حياء ولا خجل فصار غسيلهم على مرأى من الجميع , وأشرتهم زينب بأنهم ناقصين . من الذي قام في الماضي ويقوم في الحاضر بالأعمال القذرة ضد الإنسانية ؟!.. أليس معظم هؤلاء من الرجال ناقصي العقولأ؟!.. يا ناقصي العقل والفكر لا تحملوا المرأة كل شيء , وأغلبكم سبب البلوى في كل شيء, تخيل عقلية المرأة التي تحمل وتصبر على الحمل ومن ثم تلد وتصبر على تربية طفل لم يعلم شيء بعد , تخيل لو أن المرأة هي التي كانت تقود وتحكم على مر التأريخ , هل كان سيتم قتل كل هذا الكم من البشر بدون ذنب؟!.. تخيل أن المرأة هي التي كانت مسئولة عن ثروات الدولة مثلا, هل كان الفقر سوف ينتشر بهذا الشكل؟!.. وكما يعلم الجميع وعلى مر التأريخ من الذي قام بنهب ثروات الشعوب وما زال ينهب ولم يشبع بعد, أليس من يفعل هذا العمل القذر وغير الإنساني أغلبهم من الرجال ؟!.. وإن القليل القليل من النساء على مر التأريخ من تورطت في عمل مثل هذا . أنظروا لامرأة فرعون التي كانت تسكن بيت الفاسد والظالم وقامت بتربية موسى عليه السلام نبي الله في بيت الظالم , من الذي يملك العقل الأكبر المرأة أم الرجل؟!.. أنظروا إلى ملكة سبأ التي جنبت قومها حرباً بلغة العقل وليس بلغة الهجوم كما يفعل أغلب الرجال دون تفكير ولا تمييز, فليس عيباً أن نساند المرأة أن تحكم وتكون مسئولة حتى عن ثروات البلاد , ربما يتغير الوضع لصالح الشعوب , ليس عيباً أن نجرب فالشعوب حقل تجارب منذ آلاف السنين لصنف معظمهم من الرجال الظالمين الذين يتهمون النساء بغير ماهن فيه بالقول أن المرأة أقل في الذكاء وتنتقص من العقل , وهذا كلام غير صحيح , بعدما اتضح أن معظم الرجال هم من الناقصين عقلاً وليس المرأة