الجهاد بين الهجرة والعودة

أربعاء, 12/18/2024 - 14:32

 

سلام محمد العبودي

هناك شخصيات متميزة, خلدها التأريخ ولا يمكن, أن يختصرها الكاتب بكلمات يكتبها, جامعا كل ما احتوته أعماله, التي قام بها خلال مسيرته.. ومن تلك الشخصيات, السيد محمـد باقر الحكيم, الذي امتاز بأكثر من جانب في شخصيته وسيرة حياته.

هناك امتداد تأريخي, بين ما قامت به أسرة الحكيم, تأسياً بأجدادهم من الأئمة المعصومين عليهم وألهم أفضل الصلوات؛ فقد كان السيد محسن الحكيم, المرجع الأعلى للشيعة في العالم, حتى أطلق عليه صفة" زعيم الأمة" وكان قدس معاصراً للإحتلالين العثماني والبريطاني, وما جرى عام 1920, وما قامت به المرجعية العليا, بإصدار فتوى الجهاد الكفائي, ثم عاصر الحكم الملكي والجمهوري, القادم بانقلاب عسكري عام 1958, واستمر  الاول منه لخمسة أعوام.

تَحَولٌ خطير انحدر له العراق عام 1963؛ أي ما يقارب بعد خمسة سنوات, من الحكم القاسمي, ليسيطر على الحكم حزب طاغوتي على مرحلتين, عسكرية برئاسة عبد السلام محمد عارف, الذي قتل, إثر حادث سقوط طائرته المروحية, ليستلم شقيقه عبد الرحمن محمد عارف, وليسقط حكمه في تموز عام 1968, بإنقلاب دموي من حزب البعث, الذي عاث بالعراق فساداً وظلماً وإجراماً, وحروباً داخلية وإقليمية.

أثناء فترة حزب البعث, التي كانت تحت قيادة صدام, عانت الحوزة العلمية برجالها وعوائلهم, كما هو حال كل فئات الشعب العراقي؛ وكانت حصة عائلة آل الحكيم, أكثر من 63 شهيد, والعشرات من السجناء والمعتقلين, وصل تعرض الطاغية وجلاوزته, على أسرة السادة الحكيم, للإبادة الجماعية ولم يكن أمامهم, غير الهجرة فكان الاستقرار في, جمهورية إيران الإسلامية.

حينها بدأت مرحلة جديدة, من حياة السيد محمد باقر الحكيم, ومن معه من عائلته وأتباعه, ومن سبقه بالهجرة هناك, فعمل إعلامياً للتوعية, عبر خطاباته التي كان لها الأثر الكبير؛ في نفوس المهاجرين, ومن بقي داخل العراق متابعاً لما يجري, ولم يتمكن من الهجرة, التي لا تخلو من المخاطر الكبيرة, سواءً عليه شخصياً, أو على مستوى عائلته والمقربين به.

لم ينتهي العداء البعثي, لعائلة آل الحكيم بل زادت حدته, بل وصار  مجرد ذكر اسم السيد الحكيم،  جريمة يعاقب عليها القانون, وبقي إلى أن تقرر دولياً إسقاط نظام صدام الإجرامي, ليعود السيد محمد باقر إلى أرض الوطن؛ بعد 23 عام من الهجرة.

استقبل الشعب العراقي, الشهيد الحكيم ورفاقه قيادة وأتباع, استقبالاً منقطع النظير, اعترافا منهم بجهاده الفريد, ذلك الاستقبال الذي لم يحضَ, أي حزب أو حركة, ممن كانوا في دول المهجر, لتبدأ مرحلة الجهاد, من أجل بناء دولة العراق الحديثة..

 

Share

أخبار موريتانيا

أنباء دولية

ثقافة وفن

منوعات وطرائف