ثامر الحجامي
في التاسع والعشرين من آب عام 2003 وضعت سيارة مفخخة قرب صحن الامام علي عليه السلام، وبعد إنتهاء صلاة الجمعة كان الإنفجار الكبير الذي لم يهز النجف وضواحيها فحسب، بل كان دويه في كل العراق.
إستشهد في ذلك اليوم السيد محمد باقر الحكيم، تلك الشخصية العظيمة التي قارعت نظام الطاغية، منذ أن تسلط على رقاب العراقيين مطلع ثمانينيات القرن الماضي، وهو القائل عنه بعد أن إعتقل 73 من عائلته وأعدم ستة منهم دفعة واحدة، في رسالة تخيره بين أن يترك المعارضة أو يعدمهم جميعا، مستشهدا بقول الامام الحسين: " إلا وإن إبن الدعي قد ركز بين إثنتين، بين السلة والذلة، وهيهات منا الذلة".
رحل شهيد المحراب؛ تاركا إرثا علميا كبيرا في الفكر الإسلامي على مستوى التأليف والتدريس، والأدوار الثقافية والاجتماعية سواء في العراق أو في المهجر، رافقه سفر جهادي خالد في قيادة المعارضة في الخارج، وبيان مظلومية الشعب الراقي أمام العالم، حتى تحقق ذلك عام 2003، ليدخل العراق حاملا مشروعا كبيرا بحجم لهفة العراقيين الذين كانوا يتوقون الى إحتضانه.
كان يتردد كثيرا وسط الاوساط الشعبية والسياسية في العراق عمن يخلف شهيد المحراب، كونه كان العمود الذي ترتكز عليه أغلب الحركات السياسية في العراق، والأمل الذي يرجوه العراقيون لقيادة عملية التحول في العراق، الذي كان يعاني من سياسات النظام السابق وتداعيات تغيير النظام، حتى أن المرجع الأعلى اية الله العظمى السيد السيستاني قال عنه بعد استشهاده: " كانت كل آمالنا أن يقود شهيد المحراب هذه المسيرة".
تصدى بعدها السيد عبد العزيز الحكيم للعمل السياسي، حاملا هم شعب طامح في التغيير، واحتلال يريد فرض إرادته، وخلافات طائفية ومذهبية، وعدم استقرار سياسي لم تتضح فيه معالم مستقبل العراق، ومجتمع إقليمي متخوف من شكل النظام الجديد، إضافة الى المرض الذي أنهكه وجعله يفارق الحياة عام 2009 وسط إنقسام اغلب المكونات السياسية في العراق.
ولأن هذه الاسرة ما تغييب منها شمس إلا تشرق أخرى، وما يأفل منها قمر الا يبزغ آخر، فقد كانت وصية السيد عبد العزيز الحكيم بإتباع السيد عمار الحكيم وأنه سيكون هو المتصدي للعمل السياسي بعده، ليس لكونه إبنه إنما لما يحمله من صفات القيادة التي تؤهله أن يكون شخصية قيادية مؤثرة، ولفترة الإعداد والتأهيل التي حصل عليها، وأنه أدخر لمثل هذا اليوم.
فالسيد عمار الحكيم هو ربيب الشهيد محمد باقر الحكيم وتلميذه، وهو من عممه وهو صبي يافع وعند بلوغه زوجه أبنته، ولقربه من عمه منذ ولادته في بداية سبعينيات القرن الماضي وحتى إستشهاده، فقد نهل من تلك المدرسة الكبيرة علما وجهادا، وعاصر جميع القضايا التي تعرضت لها المعارضة في الخارج، وملما تفاصيل الحركات والاحزاب السياسية، ويملك رؤية ثاقبة عن مستقبل الواقع العراقي.
بعد مرور 21 عاما على رحيل شهيد المحراب، اثبت الواقع السياسي أن السيد عمار الحكيم هو وريث تلك العمامة، وأن دوره لم يتحدد يوما بحجم مقاعد البرلمان أو عدد الوزرات، إنما لما يحمله من صفات القيادة التي ورثها من عمه السيد محمد باقر الحكيم وأبيه الرجل الهادئ الحكيم فعلا..وأن كل الذين نازعوه على ذلك الميراث ذهبت أحلامهم أدراج الرياح.