شهيد المحراب.. مسيرة كريمة صمتت حين أعطت

خميس, 01/02/2025 - 17:26

 

أحمد الحسني

    روح تشبه الوطن وتلامس أحلامه كأنك الندى، وعطائك جميل كأنك الربيع، ورحيلك كشموخ نخيل الجنوب كأنك الحاضر، فخصائصك الواضحة هالة نور تبدد عتمة اليأس. فارس وقائد ومسيرة وثقل سياسي، رفضت مسارح أستعراض الإنقسامات، أو الصراع في متاهات لأهداف من زوايا ميتة، ترفعت عن الوصول اليها، ورجبيتك سفر رباني لزمه طقوس، أيقنته فأحرمت أليه، فأشلائك وأوصالك تكبير ونداء، ودمائك غيث أزاح مساحات جفاف التأريخ، فمسيرتك كطهارة صلاة في بيت معمور وسقف مرفوع.

     فارس وقائد ومسيرة رفض التوجع، فأمام محاولات الطغاة إماتت الوطن وسلب إرادة أبنائه، أسست لقواعد أشتباك ومواجهة أوجعت الطغاة، وجعلت من مناخهم الدموي مناخ أجوف، فقدوا فیه لغة التماسك، والخوف والتمزق وجههم الآخر، فبات الغوص والخوض فی عالمك، إنما غوص وخوض في عالم البطولة، ورحلة تُدرِس قائد من طراز خاص، لم یلتحق بك إلا من وعی حقبة الماضي فتمسك بالحاضر.

    نعم ياسيدي، أنك الحاضر الذي أعده فأصطفاه الماضي، حيث قدر العظماء في نافلة رجبية وشهادة، وقد قصرت أمامك قامة المجد سيدي، فكم هو عالم مخزٍ أمام التأريخ والوطن لأولئك الذين أضافوا لأنفسهم ماليس فيها، ممن باعوا الماضي على أرصفة الرحلة، ليشتروا أحلام الغد، ممن أنسلخ عن نهجك الوضاء خشية قدر المسيرة فذلوا، وطالما كانوا يفسرون خطاها وفق مايريدون، لاوفق ماهي عليه من الثوابت، فباتوا حكايات مخزية على رفوف المواقف، فالمسافة بين سيرتك ومسيرتك وبينهم هائلة.

    إنها مسيرة مثلت رسالة وطنية من سنخ دمائك وأهدفك التي سكنت ورافقت صفوفها سيدي أيها القائد الخالد، ترفعت عن دائرة الإصطفافات والإستقطابات القائمة على إثراء الجيوب وسقف أحلام سخر تأريخكم منها، فكانت يقظة المسيرة تراك بعيون قياداتها وأبنائها، عالمة بالمشروع فعاملة به، صمتت حين أعطت فيما نطق من أخذ، فشكلت أيدلوجيتكم المعطاء نسيجها الرائع، وعاهدت دمائكم وعزيزها وسيد حكمتها على ديمومتها وثبات نهجك الوضاء.

   فسلام على نهجك الخالد، وسلام على فاجعة القدر الذي عشقته، وسلام على من سبقوك ومن هم في الأثر، وسلام على تأريخك المشرق سيدي، وسلام عليك في الخالدين.

Share

أخبار موريتانيا

أنباء دولية

ثقافة وفن

منوعات وطرائف